أستاذ علوم سياسية: التحركات الأمريكية والبريطانية ستقود إلى أكبر موجة لتجفيف تمويل الإخوان خلال عقدين
أستاذ علوم سياسية: التحركات الأمريكية والبريطانية ستقود إلى أكبر موجة لتجفيف تمويل الإخوان خلال عقدين
تشهد الساحة الدولية حراكًا متسارعًا يستهدف البنية المالية لتنظيم الإخوان، بعد سلسلة من الخطوات الأمريكية الأخيرة التي اتخذتها ولايات مثل تكساس وفلوريدا بتصنيف التنظيم كمنظمة إرهابية، إلى جانب التحركات التشريعية داخل الكونجرس لتمرير قانون فيدرالي قد يضع الجماعة رسميًا على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة.
وتتزامن هذه التطورات مع معلومات تتداولها أوساط سياسية وإعلامية في لندن حول مراجعات تجريها الحكومة البريطانية قد تنتهي بقرارات مشابهة أو بتشديد غير مسبوق على شبكات التنظيم الاقتصادية والحقوقية والدعوية داخل المملكة المتحدة.
ويرى مراقبون، أن هذا التوجه الدولي بات أكثر وضوحًا خلال الأشهر الأخيرة، مع رصد أجهزة تحقيق مالية أوروبية وأمريكية لتحركات مرتبطة بكيانات يُعتقد أنها تعمل كواجهات لتمويل الإخوان. وتشير التوقعات إلى أن العام المقبل قد يكون حاسمًا في مسار تجفيف الموارد المالية للتنظيم، ما يعني تقليص قدرته على الحركة والتأثير في المنطقة العربية، حيث تمثل الأموال ركيزة رئيسية في دعم أذرعه الإعلامية والدعوية والسياسية.
تحليل وتداعيات
تشير التقديرات الأمنية إلى أن الإخوان تعتمد منذ عقود على شبكة مالية ممتدة تشمل جمعيات خيرية، مراكز أبحاث، شركات واجهة، ومنظمات حقوقية تعمل في أوروبا وأمريكا. إلا أن التحولات السياسية الأخيرة دفعت نحو مراجعة شاملة لهذه الأنشطة، بعد تصاعد الاتهامات بارتباط بعضها بعمليات تحويل مشبوهة وبتقديم دعم لوجستي لتنظيمات مرتبطة بالفكر المتطرف.
كما تشير تقارير بحثية عربية إلى أن قرارات الغرب ستُحدث ارتدادًا مباشرًا على وجود الجماعة في المنطقة، إذ تفقد الإخوان مصادر تمويل كانت تمثل شريانًا رئيسيًا لأنشطتها، خاصة في دعم الحملات الإلكترونية، وتمويل الكوادر، وتوفير الموارد اللازمة لاستمرار المنصات الإعلامية ذات التوجه التنظيمي.
تأثيرات على المنطقة العربية
يتوقع محللون أن يؤدي هذا التضييق المالي إلى إضعاف قدرة الإخوان على تنفيذ أنشطتهم في عدد من الدول العربية، بعدما فقد التنظيم خلال السنوات الماضية الحاضنة السياسية في مصر والخليج.
ومع استمرار التضييق الدولي، سيجد التنظيم نفسه أمام خيارات محدودة، أبرزها تفكيك جزء من شبكاته المالية أو نقلها إلى دول أقل رقابة، وهو حل يعتبره الخبراء "وقتياً" ولا يضمن الاستمرارية..
كما تشير المعطيات إلى أن تجفيف منابع التمويل سيحد من قدرة التنظيم على إعادة إنتاج نفسه داخليًا أو خارجيًا، خاصة في ظل تراجع الدعم الشعبي وتقلص المساحات الآمنة التي كان يتحرك فيها عبر منصات المجتمع المدني أو الواجهات الاقتصادية.
وأكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن القرارات الأمريكية الأخيرة الخاصة بتصنيف تنظيم الإخوان في ولايات مثل تكساس وفلوريدا، إلى جانب المراجعات الجارية داخل الكونجرس لإصدار قانون فيدرالي ضد التنظيم، تمثل "أخطر مرحلة تواجهها الجماعة منذ خروجها من الحكم في المنطقة العربية".
وقال: إن التحركات البريطانية المتوقعة ستعزز من هذا الاتجاه، ما يعني — وفق تقديره — دخول الإخوان في دائرة تضييق مالي غير مسبوق.
وأوضح فهمي -في تصريحات للعرب مباشر-، أن ما يجري ليس مجرد تصعيد سياسي، بل هو تحول مؤسسي دولي يستهدف البنية المالية للجماعة، بعدما أثبتت تقارير دولية أن شبكات التمويل التابعة للإخوان امتدت لعقود عبر واجهات اقتصادية وخيرية وإعلامية في أوروبا وأمريكا.
وأضاف: أن الإجراءات الأمريكية المتوقعة ستشمل تدقيق واسع في التحويلات البنكية، وإغلاق بعض المؤسسات التي تعمل كغطاء مالي للتنظيم، إلى جانب ملاحقات قضائية محتملة في حال رصد تمويلات مرتبطة بأنشطة مشبوهة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن التشدد البريطاني المنتظر – سواء عبر التصنيف أو من خلال تضييق إداري ومالي – سيُحدث ارتدادًا كبيرًا على شبكات التنظيم في أوروبا، إذ تعتمد الجماعة على لندن منذ تسعينيات القرن الماضي كمركز محوري لإدارة الأموال والتحركات السياسية.
وتابع: أن أي إجراءات بريطانية ستقود إلى شلل في قدرة التنظيم على تمويل مناصريه وأنشطته في المنطقة العربية.
وأكد فهمي، أن القرارات الغربية المرتقبة سيكون لها تأثير مباشر على حضور الإخوان في المنطقة، خصوصًا في ظل فقدان التنظيم لحواضنه السياسية والاجتماعية.
وقال: إن تجفيف منابع التمويل سيُفقد الجماعة قدرتها على التحرك الإعلامي وتأثيرها الإلكتروني، وسيضعف قدرتها على إعادة إنتاج نفسها عبر المنظمات الحقوقية والواجهات المدنية.

العرب مباشر
الكلمات