من يرسم المشهد الليبي؟.. الأمم المتحدة بين الحياد والانحياز للإخوان
من يرسم المشهد الليبي؟.. الأمم المتحدة بين الحياد والانحياز للإخوان

أثار بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، المرحب بانتخاب محمد تكالة رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، خاصة أن الجلسة التي أعلن فيها فوزه شابها كثير من الجدل القانوني والسياسي.
وبينما كانت الآمال معلقة على توافق سياسي حقيقي ينهي الانقسام المؤسساتي، جاءت التهنئة الأممية لتصب الزيت على النار، وتعمق الهوة بين الفرقاء، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول حياد البعثة الدولية ودورها في المشهد الليبي.
الإخوان والدبيبة.. تحالف تقوده الأمم المتحدة؟
ينتمي تكالة إلى تيار الإسلام السياسي، وتحديدًا جماعة الإخوان الإرهابية ويعد أحد الوجوه التي دعمت بقاء رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، رغم انتهاء ولايته القانونية والسياسية.
ويرى مراقبون، أن البعثة الأممية لم تكتفِ بغض الطرف عن التجاوزات القانونية التي رافقت جلسة انتخابه، بل تحولت إلى داعم مباشر لهذا المسار، وهو ما اعتبر خروجًا عن دور الوسيط المفترض، وتحولًا إلى لاعب سياسي منحاز، يعيد تمكين الإخوان من مفاصل الدولة الليبية.
تفكيك التوافق الوطني لصالح أجندات حزبية
الموقف الأممي تجاه تكالة قوبل بانتقادات حادة من شخصيات ليبية بارزة، من بينها خالد المشري، الرئيس السابق لمجلس الدولة، الذي اعتبر بيان البعثة "تدخلاً سافرًا" في نزاع قانوني داخلي، وطعنًا صريحًا في مسار التقارب مع رئيس البرلمان عقيلة صالح.
وكان الطرفان قد توصلا في وقت سابق إلى تفاهمات مهمة تمهد لتشكيل حكومة موحدة وإجراء انتخابات وطنية، لكن ما حدث مؤخرًا أعاد الأمور إلى المربع الأول، بحسب كثير من المحللين، الذين يرون أن البعثة الأممية انحازت بشكل سافر إلى تيار الإسلام السياسي.
تحذيرات من سيناريو تفصيل "خارطة طريق على المقاس"
وتطرح هذه التطورات الخطيرة تساؤلات بشأن مصير العملية السياسية في ليبيا، وإمكانية انعكاسها على الوضع الأمني في بلد لم يتعافَ بعد من صراعات السنوات الماضية.
وتنبئ مؤشرات المشهد بتفاقم حالة الانقسام بين مؤسسات الشرق والغرب، مع عودة التوتر بين طرابلس وبنغازي، واستمرار التدخلات الإقليمية والدولية التي تسعى لتشكيل ليبيا المستقبل وفق حساباتها، لا وفق إرادة الليبيين أنفسهم.
ويقول الباحث السياسي الليبي، مهدي كاشبور: إن محمد تكالة كان أحد العوائق الرئيسية أمام جهود مصر لرعاية تسوية سياسية شاملة في ليبيا، مضيفًا أن عودته إلى الواجهة تأتي ضمن خطة لضرب أيّ تقارب بين الشرق والغرب الليبيين.
ويضيف كاشبور -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن شخصية تكالة، التي اتسمت بالصمت والجمود خلال الفترة الماضية، تستعاد اليوم كأداة سياسية لإجهاض أي مبادرات تخرج البلاد من هيمنة الإسلام السياسي، كذلك بعثة الأمم المتحدة فقدت حيادها تمامًا، وتحولت من وسيط دولي إلى غطاء سياسي للإخوان المسلمين في ليبيا، تهنئتها لمحمد تكالة جاءت في توقيت خطير، وتعيد إنتاج الأزمة بدل حلها، وتضفي شرعية على جلسة غير قانونية تمت في أجواء من التلاعب والتزوير.