محلل سياسي: الإخوان لا يزالون يشكلون تهديدًا لأمن سوريا واستقرارها
محلل سياسي: الإخوان لا يزالون يشكلون تهديدًا لأمن سوريا واستقرارها
تعيش سوريا حالة من التغيرات السياسية والعسكرية التي قد تُؤثر على موازين القوى في المنطقة بعد مرور أكثر من عقد على بداية الصراع السوري، واستمرار التوترات في العديد من المناطق، أصبح من الضروري إعادة النظر في دور الفصائل المختلفة، وخاصة جماعة الإخوان فهل يُمكن لسقوط حلب والأحداث الحالية في سوريا أن يُعيد جماعة الإخوان إلى النشاط؟
التطورات العسكرية الأخيرة وتأثيرها على الوضع في سوريا
مع دخول عام 2024، ما زال الصراع السوري مستمرًا، وقد تغيرت موازين القوى بشكل كبير في الشمال السوري، الذي كان مركزًا مهمًا للمعارضة، برزت مناطق مثل إدلب وريف حلب كمعاقل مهمة للفصائل المسلحة ورغم الاتفاقات المتعددة والتدخلات الخارجية، لا تزال هذه المناطق تشهد توترات ونزاعات بين الفصائل المختلفة، خاصة في ظل محاولات النظام السوري المدعوم من روسيا لاستعادة السيطرة على آخر المناطق الخارجة عن سيطرته.
الوجود التركي وتأثيره على جماعة الإخوان
وفي هذا السياق، يبدو أن تركيا قد تستخدم جماعة الإخوان لتقوية نفوذها في الشمال السوري، وتحقيق أهدافها السياسية. دعم تركيا للفصائل المعارضة، بما في ذلك تلك المتأثرة بالإخوان، قد يعيد جماعة الإخوان إلى الواجهة السياسية والعسكرية في شمال سوريا.
فقد تكون الجماعة جزءًا من استراتيجية تركية أوسع لفرض التوازنات في المنطقة وتعزيز قوتها ضد كل من النظام السوري والقوى الإيرانية.
تحديات وقيود على نشاط الإخوان في سوريا
رغم هذه الفرص، يبقى لجماعة الإخوان العديد من التحديات. أولًا، فإن النفوذ الروسي والإيراني في سوريا يقف عقبة كبيرة أمام عودة الجماعة إلى النشاط. روسيا، الداعم الرئيسي للنظام السوري، تعتبر جماعة الإخوان جزءًا من تهديدات الأمن القومي في المنطقة، كما أنها تسعى إلى تعزيز سيطرة النظام على الأراضي السورية كافة.
ثانيًا، إن واقع التشرذم في صفوف المعارضة السورية وتعدد الفصائل يجعل من الصعب على جماعة الإخوان استعادة قوتها السياسية والعسكرية بسهولة. فالتحديات العسكرية التي تُواجهها الفصائل المعارضة في الشمال السوري، والصراعات الداخلية بين الفصائل، قد تعيق أي محاولة لإعادة بناء التنظيم الإخواني بشكل قوي وموحد.
التحديات الإقليمية وأثرها على النشاط الإخواني
على الصعيد الإقليمي، تظل العلاقات المعقدة بين تركيا وبعض الدول العربية، مثل مصر والسعودية، نقطة محورية. فمصر، التي تعتبر جماعة الإخوان تهديدًا رئيسيًا لحكمها، قد تسعى إلى تقليص أي دور للإخوان في المنطقة، وتعمل على التأثير في موقف بعض القوى الإقليمية الكبرى مثل تركيا.
من جانب آخر، تتزايد الضغوط الدولية على النظام السوري، حيث تسعى بعض القوى الغربية إلى تحقيق تسوية سياسية في سوريا. هذه التسوية قد تشمل إعادة النظر في مشاركة بعض المجموعات المعارضة المعتدلة في العملية السياسية، مما قد يفتح المجال أمام جماعة الإخوان لتكون جزءًا من هذه التسوية.
هل يمكن لجماعة الإخوان العودة إلى النشاط؟
بناءً على التطورات الحالية، يمكن القول إن هناك فرصة لإعادة نشاط جماعة الإخوان في بعض المناطق السورية، خاصة في ظل الدعم التركي. ومع ذلك، يجب أن تأخذ الجماعة في اعتبارها التحديات العسكرية والاقتصادية التي تعترض سبيلها، بما في ذلك الصراعات الداخلية بين الفصائل المعارضة، والضغوط الإقليمية والدولية، فإن عودة الإخوان إلى النشاط ستكون مرهونة بقدرتها على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى قدرتها على بناء تحالفات قوية مع القوى المحلية والدولية التي تسعى إلى تحقيق أهدافها في سوريا.
تهديد للأمن القومي السوري
شنّ المحلل السياسي السوري يعرب خيربك هجومًا عنيفًا على جماعة الإخوان، مؤكدًا أن نشاطاتهم في سوريا والمنطقة تُشكل تهديدًا للأمن القومي السوري وللاستقرار الإقليمي.
وأشار المحلل السوري - في تصريح لـ"العرب مباشر" - إلى أن جماعة الإخوان، رغم محاولاتها المستمرة لإظهار نفسها كجزء من المعارضة المعتدلة، لا تزال تسعى إلى تحقيق أجندات إقليمية ودولية تتناقض مع مصلحة الشعب السوري.
وفي حديثه، اعتبر المحلل أن الإخوان في سوريا لا يختلفون عن أي جماعة إسلامية متشددة، مشيرًا إلى أن العديد من عناصرهم قد تورطوا في أعمال عنف وارتباطات مع جماعات متطرفة في مراحل مختلفة من الحرب. وأوضح أن الإخوان استفادوا من حالة الفوضى التي تشهدها البلاد منذ 2011، ونجحوا في بناء علاقات مع دول إقليمية كتركيا، التي تقدم لهم الدعم اللوجستي والسياسي. ولفت إلى أن جماعة الإخوان تسعى للعودة إلى الساحة السياسية في سوريا، ولكنهم يعملون بشكل أساسي لتحقيق مصالح خارجية أكثر من السعي لمصلحة السوريين.
وقال المحلل: "إن جماعة الإخوان، على الرغم من محاولاتها التظاهر بأنها تسعى إلى الديمقراطية والمشاركة السياسية، هي جماعة متشددة فكرًا وسلوكًا، تسعى لاستغلال المواقف السياسية في سوريا لخدمة أجنداتها الخاصة." وأضاف أن "المجتمع السوري لا يُمكنه تحمل أي مشروع سياسي يقوم على إيديولوجية دينية متطرفة تفرض تصورًا واحدًا للحياة السياسية".
وتحدث المحلل عن تحركات الإخوان في مناطق الشمال السوري، حيث يتمركزون في مناطق مثل إدلب وريف حلب، مدعومين من تركيا، وأكد أن هذا الوجود يُشكل نقطة ضعف بالنسبة للمعارضة السورية، حيث تتدخل تركيا في شؤون الداخل السوري بهدف تعزيز نفوذها على حساب وحدة الأراضي السورية.
وأضاف أن هناك تقارير تُؤكد وجود روابط بين جماعة الإخوان وبعض الفصائل المسلحة التي تسعى إلى إضعاف قدرة الجيش السوري على استعادة السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وحذر المحلل السوري من أن أي محاولات لإعادة دمج الإخوان في العملية السياسية السورية قد تؤدي إلى إحياء الصراعات الطائفية والتشدد، مما يعرض سوريا لخطر الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والعنف، ودعا إلى ضرورة أن تظل سوريا دولة ذات سيادة قوية، من دون أن تتدخل القوى الأجنبية في تشكيل مستقبلها السياسي.