الجارديان: قوانين قطر لم تغير شيئاً من واقع العمال المهاجرين؟
أكدت تقارير أن قطر لم تغير شيئا من واقع العمال المهاجرين
أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تحقيق لها، أنه حتى الآن وقبل عام واحد من انطلاق مونديال كأس العالم المقرر إقامته في قطر، لا يزال العمال يشكون من تعسف الشركات التي ترفض تنفيذ قوانين العمل الجديدة التي أعلنت عنها الدوحة، في ردها على التقارير التي تفضح انتهاكاتها لحقوق الإنسان، إلا أن هذه القوانين بقيت مجرد حبر على ورق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما فازت قطر باستضافة كأس العالم في عام 2010، كشفت الإمارة الخليجية التي حصلت على العرض عن خططها لاستضافة أكثر بطولات كأس العالم إثارة، وبدأت خطة بناء لأحدث الملاعب والفنادق الفخمة والمتألقة، ومترو جديد.
ومع ذلك، فعلى مدى العقد المقبل، انكشفت حقيقة الظروف القاسية التي عمل فيها مئات الآلاف من العمال المهاجرين في ظل حرارة شديدة لتنفيذ رؤية قطر لبنايات كأس العالم، إضافة إلى التحقيقات في ظروف العمل القسري، والعبودية الحديثة، ما أسفر عن عدد هائل من وفيات العمال، ما أثار غضبًا دوليًا.
وفي محاولة لتهدئة الانتقادات الدولية المتزايدة، أعلنت قطر عن إصلاحات عمالية شاملة في عام 2019. وشمل ذلك إنهاء نظام الكفالة، الذي يحظر على العمال الوافدين تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد دون إذن صاحب العمل، مما يؤدي فعليًا إلى محاصرة العمال الذين يتم استغلالهم.
كما أشارت "الجارديان" إلى سُوء المعاملة، وشملت الإصلاحات الأخرى أول حد أدنى للأجور للعمال المهاجرين في المنطقة وعقوبات أشد على الشركات التي لا تمتثل لقوانين العمل الجديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما دخلت هذه الإصلاحات حيز التنفيذ في سبتمبر 2020، قوبلت بإشادة واسعة. ووصفتها الفيفا بأنها رائدة. وقالت الأمم المتحدة إنها تمثل حقبة جديدة، ورحبت بها منظمات حقوقية وعمالية بحذر.
وقالت الصحيفة إنه مع ذلك، فإن أكثر من 40 عاملاً مهاجرًا تحدثوا إلى الجارديان في قطر في سبتمبر وأكتوبر من هذا العام، يؤكدون أنه لم يتغير شيء بالنسبة لهم، ولم يشعروا بأي تغيير.
وتابعت، أنه على الرغم من ادعاء منظمة العمل الدولية أن أكثر من 200000 عامل غيروا أصحاب عملهم منذ صدور القوانين الجديدة، فقد التقت صحيفة "الجارديان" بعامل وحيد فقط - شاب من كينيا - تمكن من ترك وظيفته.
وأضافت أن أي شخص آخر تحدثت إليه صحيفة الجارديان، ممن أرادوا تغيير وظيفتهم، قالوا إنه من الصعب أو المستحيل القيام بذلك.
ويؤكد هؤلاء العمال أن شركاتهم تتجاهل ببساطة القوانين الجديدة. ويقول البعض إن رؤساءهم يهددون بفرض غرامات أو كبح الأجور إذا حاولوا تغيير وظائفهم، وأنهم يعيشون بالقرب من الفقر المدقع، وهذا قد يكون كارثيًا.
ويقول عمال آخرون: إن أصحاب العمل يرفضون التوقيع على خطابات الاستقالة أو إصدار "شهادات عدم ممانعة"، دون أي اعتبار لقانون العمل المعدل.
ويقول أحد حراس الأمن الهندي: "إنهم يهددوننا قائلين إنهم سيقتطعون تكلفة غرفتنا وأغطية الأسرة من راتبنا ويرفضون دفع مزايا نهاية الخدمة إذا حاولنا المغادرة"، "نحن ما زلنا تحت سيطرتهم."
ويقول حارس أمن كيني: "وجدت وظيفة أخرى، لكن عندما ذهبت إلى شركتي، رفضوا إطلاق سراحي. انتظرت ثلاثة أشهر ورفضوا مرة أخرى". ويقول إنه يمكن أن يلجأ إلى محكمة العمل للقتال في قضيته، لكن سيتعين عليه دفع تكاليف النقل التي لا يستطيع تحملها، وأخذ إجازة من العمل الذي لن تسمح به شركته.
ووصف موقع حقوق المهاجرين، وهي مجموعة مناصرة للعمال المهاجرين في جميع أنحاء الخليج، نهاية الكفالة بأنها "سراب"، قائلة: إن أصحاب العمل يمكنهم بسهولة منع العمال غير الراضين من المغادرة.
وعندما سُئلوا عما إذا كانت الإصلاحات قد أحدثت فرقًا، أعطى عامل آخر من نيبال حكمًا بسيطًا: "الكفالة على قيد الحياة".
كما أشارت الصحيفة إلى أن الحد الأدنى الجديد للأجور البالغ 1000 ريال شهريًا، بالإضافة إلى الطعام والمأكل، يتم فرضه، خصوصا على حراس الأمن الذين يعملون بشكل روتيني في نوبات مدتها 12 ساعة، لكنهم لا يتلقون مدفوعات العمل الإضافي الإلزامية ويتلقون أجوراً ضعيفة للغاية.
ومع ذلك، فإن الحد الأدنى الجديد للأجور الذي حددته الحكومة القطرية، أحد أغنى البلدان في العالم، لا يزال يعادل جنيهًا إسترلينيًا واحدًا في الساعة، بحسب الصحيفة.
وأشارت إلى أن هذه الأجور المنخفضة تعني أن العمال غالبًا ما يظلون في قطر لسنوات، غير قادرين على تحمل تكاليف العودة إلى ديارهم لأسرهم. وأكد عامل نيبالي أنه لم يرَ زوجته وطفله منذ خمس سنوات.
وتحذر جماعات حقوق الإنسان من أن الوقت ينفد في قطر لضمان أن الإصلاحات الجديدة ما يجعل حياة العمال المهاجرين في الواقع أفضل قبل انطلاق كأس العالم في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل.
ويقول جيمس لينش، مدير في مجموعة "غير سكوير" لحقوق الإنسان: "لم يحدث الإصلاح الكبير [في قطر] لنظام الكفالة إلا في أواخر عام 2020، بعد 10 سنوات من وضع البلاد نفسها في دائرة الضوء العالمية".
وبحسب "الجارديان"، يتساءل نشطاء حقوق الإنسان عن تلك الضغوط على الحكومة القطرية، وما إذا كانت ستضمن تطبيق القوانين الجديدة على الأرض فعليًا بعد انتهاء كأس العالم العام المقبل.