كيف يمكن أن تتعافى البنوك اللبنانية في غضون 5 أو 10 سنوات؟.. خبير اقتصادي يُجيب

كشف خبير اقتصادي طرق تتعافى بها البنوك اللبنانية في غضون 5 أو 10 سنوات

كيف يمكن أن تتعافى البنوك اللبنانية في غضون 5 أو 10 سنوات؟.. خبير اقتصادي يُجيب
صورة أرشيفية

رأت صحيفة "آراب نيوز"  أنه يمكن حل الأزمة المالية في لبنان في غضون خمس إلى عشر سنوات إذا تم تنفيذ "برنامج مدروس جيدًا" يعتني بصغار المودعين ويلبي احتياجات المودعين المتوسطين ويجمع كبار المودعين كشركاء في البنوك، وفقًا لخبير الصناعة المالية في لندن.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد اللبناني "استمر في التدهور إلى مستويات لا يمكن تحملها"، وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 36.5 في المائة بين عامي 2019 و2021، ومن المتوقع أن ينكمش أكثر هذا العام.

التأخير كلف لبنان الكثير

قال جورج كنعان، الرئيس التنفيذي لجمعية المصرفيين العرب، وهي منظمة مهنية غير ربحية في لندن يعمل أعضاؤها في البنوك والصناعات ذات الصلة في العالم العربي والمملكة المتحدة لـ"آراب نيوز" خلال مقابلة حصرية: إنه "كان بإمكانهم التعافي بشكل أسرع لو بدأوا في وقت سابق، ولكن مرت ثلاث سنوات ولم يحدث شيء".

وأضاف أنه ليس من غير المعتاد أن يفشل بنك واحد أو اثنان في بلد ما، أو ربما جزء من الصناعة أو قطاع متخصص، لكن فشل النظام بالكامل يكاد يكون فريدًا في التاريخ.

حيث فقدت الليرة اللبنانية قرابة 90 في المائة من قيمتها خلال الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتستمر في الهبوط إلى مستويات قياسية متدنية، لتصل إلى أكثر من 60 ألف ليرة للدولار يوم الجمعة.

وأشار: "نود أن نرى إجراءات مشتركة من قبل المودعين (الكبار) للعمل مع البنوك والحكومة وصندوق النقد الدولي، إذا أمكن إحضارهم لإعادة هيكلة نظام فشل، وكان فشل النظام شاملاً".

الفساد وعدم الكفاءة عمق الأزمة

وقال: إن الفساد وإهدار الإيرادات والموارد لم يلعب في الواقع سوى دور ضئيل في الفشل، وإن النظام المالي انهار بشكل أساسي نتيجة عدم كفاءة إدارته، لاسيما في البنك المركزي للدولة، مصرف لبنان.

يحقق محققون أوروبيون في احتيال الدولة المزعوم وأفعال رياض سلامة، الذي كان محافظ البنك المركزي منذ ثلاثة عقود. وقد اتُّهم هو وشقيقه رجاء بأخذ أكثر من 300 مليون دولار بشكل غير قانوني من البنك بين عامي 2002 و2015.

الثقب الأسود

وأوضح أن "الثقب الأسود في النظام المصرفي اللبناني يبلغ نحو 100 مليار دولار، أي حوالي ثلثها قروض لعميل سيئ للغاية يسمى الدولة اللبنانية، وحوالي ثلثيها ذهب لدعم الليرة وسعر صرف ثابت 1500 ليرة لبنانية للدولار".

وقال كنعان: إن هذه الإستراتيجية، التي تم تنفيذها بعد الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا في البلاد وانتهت في عام 1990، نجحت في البداية لأنها ساعدت في "استقرار الاقتصاد ووضعه على أسس سليمة".

واقترح أنه يتعين عليك مخاطبة الطبقة العليا من المودعين بكفالة، على غرار (ما حدث في) قبرص، عندما يصبح جميع المودعين الكبار مساهمين في بنوك جديدة، لكنه أضاف أنه كان ينبغي أن ينتهي بعد حوالي ثلاث إلى خمس سنوات، مع ترك سعر الصرف في وقت لاحق، بالتقدم سريعًا إلى الأزمة المالية العالمية في عام 2008، و"تدفق" الأموال على البلاد.


وكان يُنظر إلى المصارف اللبنانية على أنها ملاذات آمنة لأنها لم تتضرر مما عانت منه البنوك في البلدان الأخرى، ولم تشارك في الأدوات "الخطرة" و"المعقدة" التي تستخدمها البنوك الغربية، لذلك كان من غير المنطقي في تلك المرحلة التخلي عن السعر الثابت مقابل الدولار.

وقال: "بمجرد انقضاء فترة شهر العسل، بدأت البلاد تمر بفترات شاغرة، أي مع عدم وجود مجلس للوزراء ولا يوجد رئيس، تم تعليق الدولة عن فعل أي شيء وبدأ الاقتصاد في التراجع، ولكن استمروا في دعم الليرة بشكل أعمى وكان تأثير ذلك إعطاء اللبنانيين إحساسًا زائفًا بشكل استثنائي بالأمن والثروة".

المودعون خائفون

وأوضح كنعان أن صغار المودعين لم يتأثروا بشكل كبير في البداية واستعادوا بعض أموالهم، وإن كبار المودعين "اضطروا أيضًا إلى التزام الصمت"، لأن معظمهم كانوا مصارفين في لبنان لأنهم لم يكونوا قادرين على أخذ أعمالهم في مكان آخر، وأوضح أنه إما تم معاقبتهم بشكل مباشر، أو خوفهم من التعرض للعقوبات، أو أنهم جاءوا من ولايات قضائية مشكوك فيها، أو كانوا متورطين في معاملات سيئة السمعة أو التهرب الضريبي، أو كان لديهم الكثير من الاستثمارات الأخرى للتغلب عليهم، لكن النظام بأكمله انهار في النهاية.

وأردف كنعان أنه أمر محزن للغاية أن تجد الناس الآن، في سن السبعين، يعودون إلى العمل لأنهم بحاجة للعيش، لا يمكنهم التقاعد بعد الآن، وهذا، بطريقة ما، وهذا يبرز فظاعة الجريمة. 

المصرفيون المتهم الأول

وألقى كنعان اللوم أولاً وقبل كل شيء على المصرفيين، لأن وظيفتهم كانت التأكد من أن المودعين سيستعيدون أموالهم، وأضاف أنه كان ينبغي عليهم تحدي أمر مصرف لبنان بإغلاق حسابات المودعين بالدولار ومنع التحويلات إلى دول أخرى.

قال كنعان: "هذا هو المكان الذي يكمن فيه الخطأ، وأجبر البنك المركزي الناس حرفياً على فعل ما يريد، ورضخ الناس، وبطريقة ما، أنشأ نظامًا غير عادي".

وأكد كنعان "لم يكن حقًا نظامًا؛ كان لدينا بنك يسمى مصرف لبنان المركزي وفروعه،كان كل فرع نسخة طبق الأصل من الفرع المجاور له، لا يمكنك التمييز بينهما لأنهم جميعًا أُجبروا على تحمل نفس الأصول الخطرة".

وفقًا لصندوق النقد الدولي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في لبنان عشرة أضعاف تقريبًا منذ بدء الأزمة في مايو 2019، والبطالة مرتفعة بشكل استثنائي، وغرق ثلاثة أرباع السكان في براثن الفقر.

وأشار البنك الدولي إلى أن هذا الانكماش الوحشي يرتبط عادة بالصراع أو الحرب، وقد تفاقم الوضع بسبب تدفق اللاجئين ووباء كوفيد 19 والانفجار المدمر في ميناء بيروت في  أغسطس 2020.