الحرب الروسية - الأوكرانية الخطر المستمر من العام الماضي إلى 2023

يواصل خطر الحرب الروسية - الأوكرانية مستمرا من العام الماضي إلى 2023

الحرب الروسية - الأوكرانية الخطر المستمر من العام الماضي إلى 2023
صورة أرشيفية

فوجئ العالم باندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية في فبراير 2022، الحرب التي أضافت أزمات جديدة للأزمات التي يعاني منها حيث لم يكن يستفيق العالم بعد من تداعيات وباء كورونا، خاصة مع مخاوف من استخدام روسيا لأسلحة قد تكون سببًا في اندلاع حرب عالمية ثالثة، خاصة أن الاشتباكات التي وقعت هي الأضخم على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

كيف كانت البداية؟

البداية كانت حشدا عسكريا روسيا ضخما في مارس وأبريل 2021، وتكرر الأمر في أكتوبر 2021، وطالبت روسيا دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو بضمانات أمنية وقانون يلزم أوكرانيا بأن لا  تنضم إلى حلف الناتو مهددة برد عسكري في حالة الرفض، وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 9 ديسمبر 2021 عن التمييز ضد الناطقين بالروسية خارج روسيا، قائلًا: «يجبُ أن أقول إنَّ الخوف من روسيا هو خطوةٌ أولى نحو الإبادة الجماعية، أنتَ وأنا نعرف ما يحدث في دونباس».

وأضاف بوتين: أن ما يحدث في دونباس يشبه الإبادة الجماعية، لترد السفارة الأميركية في أوكرانيا بأن الادعاءات الروسية "كذب مستنكر" وما هي إلا ذريعة لغزو أوكرانيا، وبعد فترة حبس أنفاس وتوقعات مختلفة بشأن اقتحام روسي محتمل لأوكرانيا، جاء تاريخ 24 فبراير حاسماً، عندما أعلن بوتين عن بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وقال إنه يستهدف "نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها"، حيث تمكنت القوات الروسية في بداية الاجتياح من السيطرة على نطاقات واسعة من مقاطعة خيرسون الإستراتيجية الواقعة جنوبي أوكرانيا.

ردود الأفعال

وبعد أن بدأ الجيش الروسي الغزو، وسع نطاقات هجماته، ليعلن الاتحاد الأوروبي عن الاستعداد لشراء كميات ضخمة من الأسلحة وتسليمها لأوكرانيا بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا تصاعدت تدريجيًا حتى نهاية العام الجاري، ومنذ شهر فبراير بدأت روسيا وأوكرانيا عددًا من المفاوضات إلا أنها لم تسفر عن شيء أو تنجح في تجميد الصراعات الدائرة على الأراضي الأوكرانية، وقدم الرئيس الأميركي مساعدات بقيمة 260 مليون دولار، شملت تسليم عدد ضخم من السلاح، ثم أعلنت بلجيكا وجمهورية التشيك وإستونيا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة أنها سترسل المزيد من الأسلحة لدعم الجيش والحكومة الأوكرانية، وسلَّمت بولندا في 24 فبراير بعض الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك 100 قذيفة هاون وذخيرة مختلفة وأكثر من 40,000 خوذة، في حين أرسل بعض أعضاء الناتو الثلاثين الأسلحة، فإن الناتو كمنظمة لم تُرسل شيئًا، من جانبها، استبعدت ألمانيا في 25 فبراير إرسال أسلحةٍ إلى أوكرانيا ومنعت إستونيا، من خلال ضوابط تصدير الأسلحة الألمانية الصنع، من إرسال مدافع هاوتزر ألمانية إلى أوكرانيا، كما أعلنت ألمانيا لاحقًا أنها ستُرسل 5000 خوذة ومستشفى ميداني إلى أوكرانيا، ورد عليها عمدة كييف فيتالي كليتشكو بسخرية: «ماذا سيرسلون بعد ذلك؟ الوسائد؟»، أعلنَ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في 26 شباط/فبراير أنه سمح بمبلغ 350 مليون دولار كمساعدات عسكرية، وأعلنت البرتغال يوم 27 فبراير أنها ستُرسل بنادق جي 3 الآليّة ومعدات عسكرية أخرى، فيما قالت الحكومة النرويجية إنها لن تُرسل أسلحة إلى أوكرانيا، لكنها سترسل معدات عسكرية أخرى، مثل الخوذات وغيرها من معدات الحماية. قررت كل من السويد والدنمارك إرسال 5000 و2700 سلاح مضاد للدبابات على التوالي إلى أوكرانيا، بينما تعهدت الدنمارك أيضًا بتوفير نحو 300 صاروخ ستينغر، وافقَ الاتحاد الأوروبي في نفس اليوم على شراء أسلحة لأوكرانيا بشكلٍ جماعي، حيثُ صرَّح جوزيب بوريل، منسِّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أنَّ الاتحاد سيشتري بـ 450 مليون يورو (502 مليون دولار) مساعدات قتالية وبـ 50 مليون يورو (56 مليون دولار) إمدادات غير قتاليّة.

خطر نووي

ومع بداية شهر مايو حققت روسيا انتصارا إستراتيجيا بعد أن أعلنت سيطرتها على ماريوبول أحد أهم البقاع الاقتصادية في أوكرانيا، وبعد السيطرة على المدينة المطلة على بحر آزوف، بقيت على الجانب الآخر في الشرق مدينتا سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك كآخر جيب للقوات الأوكرانية في لوغانسك آنذاك، ثم تمكنت قوات موالية لروسيا من السيطرة على مدينة "ليمان" في 28 مايو، التي تشكل مركزاً مهماً للسكك الحديدية في منطقة دونيتسك، وشهد الشهر نفسه تواصل حلقات الدعم الغربي لأوكرانيا، عندما تعهدت مجموعة السبع بتقديم 19.8 مليار دولار، كما وافق الكونغرس الأميركي، في 19 مايو، على تقديم 40 مليار دولار دعماً لجهود الحرب في أوكرانيا، في 30 مايو أقر الاتحاد الأوروبي اتفاقاً للسماح بخفض وارداته من النفط الروسي بنسبة 90 بالمئة بحلول نهاية العام، كما تعهدت أميركا مع بداية يونيو بتزويد أوكرانيا بأنظمة صاروخية حديثة؛ ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتهديد بضرب أهداف جديدة إذا ما نفذت الولايات المتحدة تعهداتها لأوكرانيا، لينتهي شهر يونيو بانسحاب مفاجئ للقوات الروسية من "جزيرة الثعبان" وبررته القيادة الروسية بأنه بادرة حسن نية.

وفي منتصف يوليو أعلن وزير الدفاع الأوكراني تشكيل جيش من مليون جندي بأسلحة مقدمة من حلف الناتو لاسترداد جنوب البلاد، ومع زيادة حدة التطورات، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: إن العالم على بعد خطوة واحدة غير محسوبة من الإبادة النووية بسبب زيادة حدة الاشتباكات في أوكرانيا، بعد أن تبادل الطرفان الاتهامات بخصوص قصف استهدف محطة زابوريجيا النووية جنوب أوكرانيا.

بداية النهاية

شهدت الحرب الروسية الأوكرانية في الشهور الأخيرة من عام 2022 عددا من التطورات، حيث تمكنت القوات الأوكرانية من التقدم على أكثر من جبهة، فيما أعلنت روسيا ضم 4 مناطق أوكرانية إليها بعد استفتاء شعبي في أواخر سبتمبر الماضي، وواصلت القوات الأوكرانية التقدم جنوباً في شهر أكتوبر، وهو الشهر الذي شهد انسحاب القوات الروسية من مدينة ليمان بينما كان استهدفت أكبر حملة قصف جوي روسي مدناً أوكرانية بعد تفجير جسر القرم، ومع تقدم القوات الأوكرانية، بدأت روسيا في 13 أكتوبر في إجلاء المدنيين من خيرسون، وهي العملية التي أتمتها موسكو في 28 أكتوبر استعداداً لمعركة خيرسون، وضمن جهود التعبئة وزيادة القدرات العسكرية، أعلنت روسيا في نوفمبر عن السماح باستدعاء جنود الاحتياط ليشمل المدانين بجرائم خطيرة الذين غادروا السجن مؤخراً، ثم تلقى الجيش الروسي أوامر بالانسحاب من مدينة خيرسون، وهو ما اعتبره الرئيس الأوكراني "بداية النهاية للحرب"، ورغم تفاؤل الجانب الأوكراني إلا أن تقارير أمنية حذرت الحكومة من هجوم بري واسع للقوات الروسية في بداية العام المقبل 2023، وبعد الأسبوع الأول من ديسمبر قال بوتين إن خطر الحرب النووية يتصاعد، لكنه أشار إلى أن بلاده لن تكون البادئة في استخدام أسلحتها النووية.

ترقب وانتظار

ومع بداية العام الجديد ينتظر ويترقب المجتمع الدولي السيناريوهات القادمة، خاصة أن جميع الخيارات لا تزال مطروحة حيث لا توجد أي بوادر سياسية تشير إلى قرب انتهاء تلك الحرب أو القبول بحلول طاولة المفاوضات وإيجاد حلول سياسية للأزمة خاصة أن الانعكاسات الاقتصادية للأزمة تزداد يومًا بعد يوم وتؤثر على الاقتصاد العالمي، فهل تستمر الحرب إلى 2030 كما أكد رئيس الوزراء الهنغاري فيكتوبر أوربان، أم يشهد العام القادم انفراجة في الأزمة الروسية الأوكرانية؟