نوف المعاضيد.. هل رحلت الناشطة القطرية على أرض وطنها بخداع من السلطات؟
وجهت أصابع الاتهام لقطر في مقتل نوف المعاضيد
اختفت تماما عن الأنظار الناشطة القطرية نوف المعاضيد، لتتصدر الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على مدار الأيام الأربعة الماضية، بترجيحات مقتلها على يد أحد أفراد أسرتها بعد أن رفعت عنها السلطات القطرية الحماية الممنوحة لها التي عادت بموجبها إلى الدوحة.
من هي نوف المعاضيد؟
الناشطة القطرية نوف المعاضيد، فرضت نفسها على الساحة الدولية، عام ٢٠١٩، حينما هربت من أسرتها وطلبت اللجوء إلى المملكة المتحدة، بسبب التمييز الذي تواجهه النساء في الدوحة.
تمكنت نوف، في نوفمبر 2019، عندما كانت تبلغ من العمر 21 عامًا، من الهروب، حيث أخذت نوف هاتف والدها واستخدمت تطبيقًا حكوميًا لمعالجة تصريح الخروج، ثم خرجت من نافذة غرفة نومها لتذهب إلى المطار، مع تصريحها، سافرت أولاً إلى أوكرانيا ثم إلى المملكة المتحدة، ثم طلبت اللجوء.
فجرت قضية المعاضيد الأزمات الحادة بشأن نظام ولاية الرجل في قطر الذي تعتمد فيه النساء على الرجال للحصول على إذن الزواج والسفر ومتابعة التعليم العالي والحصول على الرعاية الصحية الإنجابية.
وتحدثت عبر عدة وسائل إعلامية عن معاناتها التي أوضحت، منها "الإساءة الجسدية والعاطفية" على أيدي "بعض أفراد عائلتي"، كما تم تقييد حريتها في الحركة، ولكنها قبل أشهر فاجأت الجميع بقرار العودة إلى قطر، حيث قالت في مقطع فيديو، إنها "عشت حياة طبيعية في المملكة المتحدة، حتى ذلك اليوم عندما شعرت أنني لا أنتمي إلى هناك، وأنني أردت العيش في بلدي الأم، ولكن كان هناك العديد من الصعوبات والمخاوف والمخاطر إذا كنت أردت العودة إلى بلدي"، مضيفة: "ما زلت نفس نوف التي هربت مدافعة عن حقوق المرأة".
خدعة الحماية
عادت الفتاة العشرينية إلى الدوحة بموجب قرار منحها الحماية، إلا أنها كانت وسيلة لخداعها، حتى تصل قطر، ومن ثم رفعها عنها وتسليمها إلى أسرتها، في سبتمبر الماضي، لتنتهي حريتها وحياتها، لتنتهك بذلك قطر كافة القوانين والمواثيق الدولية لحقوق لحقوق الإنسان، بمقتل الناشطة نوف المعاضيد.
وقبل فترة من مقتلها، تنبأت نوف به، حيث أبدت مخاوفها في فيديو نشرته ضمن تغريدة على حسابها في تويتر عن تعرضها لثلاث محاولات اغتيال فاشلة من قبل أسرتها، وقالت إن والدها دخل إلى باحة الفندق الذي كانت تقيم فيه، بالرغم من كونه أحد معنفيها الرئيسيين والسبب في هروبها من منزلها، قائلة في تغريدة: "الشيخ تميم الوحيد الذي يستطيع وقف الخطر على حياتي بيديه".
بعد وصول نوف قطر بأيام، اختفت تماما بعد ذلك، وتوقفت عن التدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتتردد أنباء عن اختطاف أسرتها لها وتعذيبها، لذلك نشر أصدقاؤها مخاوفهم على وسائل التواصل الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع هاشتاغ #WhereisNoof، وأطلقوا ناقوس الخطر بعد أن سكت فجأة لأيام ولم ترد على الرسائل، ثم منذ ٤ أيام، كشف مركز الخليج لحقوق الإنسان عن مقتل الناشطة القطرية نوف المعاضيد، وذلك بعد أسابيع من عودتها إلى بلادها متخلية عن طلب لجوء في بريطانيا.
وقال المركز: إن المعاضيد اختطفت من قبل أفراد عائلتها في وقتٍ متأخر من مساء يوم 13 أكتوبر 2021، بعد أن أمرت السلطات العليا ضباط الشرطة الذين كانوا يرافقونها برفع حمايتهم عنها وتسليمها إلى الأسرة، موضحا أنه لم يكن من الممكن تأكيد ما حصل من قبل الحكومة القطرية، التي تتبع سياسة السكوت المطبق في هذه القضية.
وشدد مركز الخليج لحقوق الإنسان على أن "أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لم يستطع تقديم الحماية اللازمة لمواطنة لم ترتكب أي مخالفة تُذكر، وعادت طواعية إلى بلدها بناءً على وعودٍ كثيرة من السلطات بتوفير الحماية الكاملة لها".
تساؤلات دولية
أثارت قضية المعاضيد تساؤلات دولية عديدة، حيث قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية: إن المعاضيد "تعتبر في عداد المفقودين منذ منتصف أكتوبر الماضي بعد عودتها إلى قطر من المملكة المتحدة".
ونقلت الغارديان عن مسؤول قطري، زعمه بأن "المعاضيد بخير وبصحة جيدة"، دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل ولم يظهر أي براهين على صحة حديثه، مدعيا أنه لا يخول له التحدث علنا.
كما دعمت تلك الأكاذيب قناة الجزيرة القطرية وروجت لتصريحات المسؤول الخالية من الصحة، بما يدعي أن نوف المعاضيد ما زالت على قيد الحياة، دون أي أدلة.
ومن ناحيته، أكد خالد إبراهيم، رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR)، وهو منظمة مقرها بيروت تتعقب الانتهاكات الحقوقية في الشرق الأوسط، أنه "يمكن للحكومة القطرية أن تثبت للمجتمع الدولي بسهولة أنها على قيد الحياة.. ولكن ليس لديهم دليل، وهذا مصدر قلق لنا، وما نعرفه على وجه اليقين هو أنها في خطر وشيك في الوقت الحالي.. لقد قُتلت أو اعتقلت، ولا شك في ذلك".
واتهم إبراهيم السلطات القطرية بالتخلي عن تأكيداتها الخاصة للمعاضيد بأنها ستتمتع بالحماية عند عودتها، موضحا أنه نتيجة لهذه التأكيدات، ألغت المعاضيد طلبها للحصول على اللجوء السياسي في بريطانيا وعادت إلى قطر بشرط الإقامة في فندق تحت مراقبة السلطات.