العد التنازلي لإعلام الإخوان في العواصم الغربية يبدأ من بروكسل
العد التنازلي لإعلام الإخوان في العواصم الغربية يبدأ من بروكسل

تشهد أروقة البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع خطوة وصفها مراقبون بأنها "حاسمة" في مسار التعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية داخل القارة العجوز، حيث تعقد اللجنة الخاصة بدرع الديمقراطية الأوروبية جلسة مخصصة لمناقشة تقرير فرنسي رسمي صدر مؤخرًا، يسلط الضوء على اختراق الجماعة لمؤسسات أوروبية ومحاولاتها الممنهجة للتأثير في السياسات العامة باسم "حرية الدين".
وتكتسب هذه الجلسة أهمية استثنائية، ليس فقط لأنها تعقد تحت مظلة أعلى مؤسسة تشريعية في الاتحاد الأوروبي، بل لأنها تعد أول مرة يُفتح فيها ملف الإخوان بهذه الصراحة وعلى هذا المستوى داخل منظومة صناعة القرار الأوروبية.
تقرير فرنسي يشعل الجدل
التقرير الذي أعدته الاستخبارات الفرنسية وقدّمه مسؤولون حكوميون إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، أشار بوضوح أن جماعة الإخوان لا تكتفي ببث خطابها من خلال القنوات والمنابر، بل تستخدم منظمات مدنية مرتبطة بها كأذرع ضغط سياسي وإعلامي، تسعى لتقويض النماذج الأوروبية للديمقراطية.
وتشير الوثائق الفرنسية، أن الجماعة تمارس نشاطًا منظمًا عبر منظمات مثل مجلس مسلمي أوروبا ومنتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية (FEMYSO)، اللذين يتهمان باستقطاب وتمويل عناصر مقربة من التنظيم، وتقديمهم في صورة "نشطاء حقوقيين" أو "ممثلي الجاليات المسلمة".
بروكسل.. قلب التأثير وأرض الصراع
لا يخفى أن العاصمة البلجيكية بروكسل، مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، تحولت خلال العقد الماضي إلى واحدة من أهم نقاط ارتكاز إعلام الإخوان ونشاطهم الدعوي والسياسي، العديد من القنوات والمراكز البحثية والمواقع الإلكترونية التي تتبنى خطاب الجماعة، تتخذ من بروكسل أو باريس أو برلين مقرات لها، وتُقدّم نفسها كمدافعة عن المسلمين في الغرب، بينما تخفي خلفها أجندات أيديولوجية متشددة.
وبحسب التقرير الفرنسي، فإن الجماعة تستغل شعارات الحرية الدينية لترويج رؤيتها "الأحادية"، متجاهلة النماذج العلمانية الأوروبية التي تفصل الدين عن الدولة وتكفل حرية المعتقد للجميع، ما اعتبرته فرنسا تحديًا مباشرًا لأسس النظام الديمقراطي.
أوروبا تفيق على الخطر.. أخيرًا
يشير متابعون، أن تحريك هذا الملف من قبل فرنسا – وبدعم ضمني من دول أوروبية أخرى – يعد بداية العد التنازلي لإعلام الإخوان في العواصم الغربية، خاصة مع وجود تقارير أمنية تشير إلى محاولات اختراق ممنهجة للمؤسسات الأوروبية وتوظيف الإعلام لخدمة أجندات دينية سياسية.
ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن هذه المرحلة قد تمهد لتشريعات تحد من تمويل هذه الكيانات، بل وربما تؤدي إلى إغلاق بعض المراكز والمنصات الإعلامية المرتبطة بها، خاصة تلك التي يثبت تورطها في غسيل أيديولوجي أو نشر التطرف المقنع تحت عباءة التعددية.
ويقول الباحث السياسي والمنشق عن جماعة الاخوان الإرهابية، طارق البشبيشي: إن تحرك البرلمان الأوروبي لمناقشة تقرير فرنسا حول جماعة الإخوان يعكس تحولًا جذريًا في نظرة الغرب إلى أدوات التنظيم الإعلامية والسياسية، مشيرًا أن الغرب بدأ يدرك متأخرًا أن الجماعة لا تمارس فقط خطابًا دينيًا، بل تستخدم الحرية الإعلامية كمنصة لاختراق المجتمعات الغربية والتأثير على القرار السياسي من الداخل.
ويضيف البشبيشي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن جماعة الإخوان اعتمدت لسنوات على واجهات إعلامية ناعمة تبث من عواصم مثل بروكسل ولندن وباريس، بهدف كسب تعاطف الرأي العام، لكنها في الواقع كانت تعمل على ترويج خطاب موازي يناقض قيم الدولة الحديثة، ويغذي خطاب المظلومية والانعزال داخل الجاليات المسلمة، قائلاً: "نحن أمام لحظة فاصلة، لأن تسليط الضوء على هذه الأنشطة داخل البرلمان الأوروبي يمهد لتقييد أذرع الإخوان في أوروبا، وربما يسهم في تفكيك شبكات التمويل والدعاية التي اعتمدوا عليها لعقود".