من هو مخلب إخواني وقصة البركة سيتي في فرنسا؟
من هو مخلب إخواني وقصة البركة سيتي في فرنسا؟

من العمل الإنساني إلى قوائم الإرهاب، هكذا تحوّلت جمعية "بركة سيتي" التي كانت توصف بأنها واحدة من أكثر الجمعيات الإسلامية نشاطًا في فرنسا، إلى واحدة من أبرز رموز التمدد الإخواني في الغرب.
وقد تأسست الجمعية بواجهة خيرية، لكنها لم تلبث أن وجدت نفسها في صلب دوامة من الشبهات، شملت تمويل الإرهاب والترويج لخطاب متطرف، لتنهي الدولة الفرنسية الجدل بحلها رسميًا في عام 2020، في إطار مواجهتها للمد الإخواني المنظم داخل أراضيها.
مؤسسة أم مخلب إخواني؟
"بركة سيتي" لم تكن مجرد جمعية خيرية، بل مثلت امتدادًا لما يعرف بـ"الإسلام الاجتماعي الجديد"، وفق توصيف الصحافة الفرنسية، أسسها إدريس سهامي، السلفي المتشدد، الذي وصف بأنه الذراع اليمنى السابقة لطارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
سهامي حاول تسويق المنظمة باعتبارها مبادرة شبابية تعنى بالعمل الخيري في مناطق النزاع، لكنها كانت، بحسب السلطات الفرنسية، أداة ناعمة لتمرير خطاب أيديولوجي منسجم مع أهداف الجماعة الإرهابية.
شبكة تمويل غامضة
ورغم عدم حصولها على دعم رسمي من مؤسسات دولية مرموقة، تمكنت "بركة سيتي" من جمع أكثر من 16 مليون يورو منذ عام 2013، اعتمادًا على حملات تبرع فردية، الحضور القوي عبر السوشيال ميديا، والقدرة على إنتاج محتوى عاطفي واحترافي، جعل منها نقطة جذب للكثير من الشباب الفرنسيين المسلمين، وحتى بعض الشخصيات العامة مثل لاعبين في الدوري الفرنسي ومغنين معروفين.
لكن "البركة" سرعان ما تحولت إلى شبهات، خاصة بعد مداهمات أمنية في 2015 و2017، للاشتباه بارتباط الجمعية بشبكات تمويل الإرهاب، وصولًا إلى حظرها تمامًا في 2020 بعد اتهامات بنشر خطاب "إسلاموي متشدد".
خطاب مزدوج وهروب إلى بريطانيا
إحدى أبرز علامات سقوط القناع كانت مقابلة تلفزيونية لرئيس الجمعية إدريس سهامي، حيث تهرب من إدانة تنظيم "داعش"، معتبرًا السؤال موجهًا بـ"سوء نية"، من هنا، بدأت الحكومة الفرنسية ترى في المنظمة أكثر من مجرد جمعية، بل منصة لنشر خطاب لا يتماشى مع قيم الجمهورية.
بعد قرار الحل، غادر سهامي إلى بريطانيا وواصل نشاطه من هناك، مهاجمًا فرنسا ووسائل إعلامها، ومروجًا لخطابات تعتبر "الإسلاموفوبيا" الفرنسية هي أساس الأزمة، كما واصل نشاطه الإعلامي من خلال مواقع مثل "القباب والمآذن"، مما دفع السلطات لتجميد أصوله ضمن حملة لتجفيف منابع الإخوان المالية.
الإرث الإخواني المستتر
رغم الحظر، ما تزال "بركة سيتي" محل جدل في الأوساط الفرنسية، البعض يراها نموذجًا للتمكين المجتمعي، والبعض الآخر يعتبرها واجهة منظمة لخطاب يخدم أجندة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
وما بين نشاطات إغاثية في أفريقيا، وحملات تبرع للشباب، كانت الجمعية تبني شبكة نفوذ خفية، تعتمد على "البركة" شكلًا، لكنها تخدم مشروعًا أيديولوجيًا متطرفًا مضمونًا.
ومع إدراج مؤسسها على قوائم تجميد الأصول، تكون باريس قد خطت خطوة جديدة في معركتها المفتوحة ضد جماعة تصفها بالأخطر على الأمن القومي الفرنسي.
،،،،
ويقول المحلل في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد: إن قضية "بركة سيتي" تكشف كيف استغلت جماعة الإخوان الإرهابية واجهات العمل الإنساني لبناء نفوذ موازي داخل المجتمع الفرنسي، وما جرى ليس حالة فردية، بل جزء من نمط متكرر تنتهجه الجماعة منذ سنوات، يقوم على خلق كيانات مدنية تبدو غير سياسية، لكنها في الجوهر أدوات لنشر خطاب إيديولوجي منظم يخدم مشروع الجماعة الدولي.
ويضيف عيد -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن سهامي، مؤسس "بركة سيتي"، ليس مجرد ناشط خيري بل هو ضلع أساسي في شبكة علاقات معقدة تربط جماعة الإخوان في أوروبا بامتداداتها في الشرق الأوسط، لافتًا أنه أحد أبرز من لعبوا أدوارًا مزدوجة بين الظاهر الإنساني والباطن الإخواني المتشدد.