أردوغان يزرع "كراهية العرب في قلوب الأتراك".. وتهميشهم هدفه الأساسي
الاضطهاد في تركيا يطال الجميع، ولكن تختلف درجات الاضطهاد والمعاناة من شخص لآخر ومن عرق أو أقلية لأخرى الجميع يواجهون سياسات النظام التركي القمعية والساعية لإلغاء هويتهم، ورغم ذلك يحاولون الصمود للمحافظة على شخصياتهم وثقافتهم، ولا تنتهي محاولات الإعلام التركي التابع لأردوغان لزرع كراهية العرب في قلوب الأتراك ودفعهم دفعًا لاضطهاد العرب عمومًا والسوريين والعراقيين على وجه الخصوص، فدائمًا ما تحملهم الحكومة التركية سبب الانهيار الاقتصادي والانفلات الأمني المتزايد في تركيا وسط اتهامات للسوريين بزيادة نسب البطالة في تركيا والتضييق على الشباب التركي.
إما التتريك أو التهميش.. هكذا يحارب النظام التركي الهوية العربية
على رأس مشروعات النظام التركي وأهدافه لفرض ثقافة التهميش والتتريك تأتي مدينة "لواء إسكندرون" السورية، والتي تحمل أهمية تاريخية وإستراتيجية حيث كانت محل نزاع بين الحكومة السورية والتركية التي استولت عليها.
الصراع حول "لواء إسكندرون" يعود لفترة سيطرة العثمانيين على سوريا، وتحاول الحكومة السورية استرداد أراضيها الخاضعة للسيطرة التركية وسط تأكيد من دمشق بأن لها الحق في الحصول على "لواء إسكندرون" بكل الطرق بما فيها الكفاح المسلح حتى تحرير الأرض.
ويقع لواء الإسكندرون على خليج إسكندرون، وكذلك خليج السويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وكان سابقًا في أقصى شمال غرب سوريا، ويتصل من الشرق والجنوب الشرقي بمحافظتي إدلب وحلب، ومن الجنوب بمدينة اللاذقية، ومن الشمال بمحافظة "غازي عنتاب" التركية، وهو الآن في جنوب تركيا، ويضم اللواء حاليًا عددًا من المدن والبلدات، أهمها: أنطاكية، إسكندرون، الريحانية، قراخان.
يتنازع ملكيته كل من دمشق وأنقرة، وتعدها سوريا جزءًا منها وتصفها "باللواء السوري الـ15"، أما تركيا فتخضعها فعليًّا لسيادتها وإدارتها المباشرة منذ عام 1939، عندما ضمتها إلى أراضيها وأطلقت عليها اسم "ولاية هاتاي".
وتواجه المحاولات العربية للانخراط في الحياة السياسية ودخول الأحزاب حملات تهميش ممنهجة فمختلف الأحزاب التركية تقبل عضويتهم على أساس أنهم "أتراك من أصول عربية"، باستثناء حزب "الشعوب الديمقراطي"، المؤيد للأكراد والذي يقوده البروفيسور العربي مدحت سانجار الذي انتخب رئيساً مشاركاً للحزب في شهر فبراير الماضي، مع السياسية الكردية بروين بولدان.
ويقول بركات كار، عضو لجنة الشؤون الخارجية في حزب "الشعوب الديمقراطي" التعددي، إن "حزبنا ليس تياراً كردياً وإنما هو حزب لكل شعوب البلاد، لذلك تعني الترجمة الحرفية لاسمه من اللغة التركية: (الحزب الديمقراطي للشعوب)". وأضاف أن "الأعضاء العرب ضمن صفوف هذا الحزب يستطيعون التعبير عن خصوصيتهم القومية، وبإمكانهم بكل بساطة أن يعرّفوا عن أنفسهم كعرب لا كأتراكٍ من أصولٍ عربية كما يحصل ضمن أحزاب تركية أخرى".
إتقان اللغة العربية يمنعنا من تقلد مناصب كبرى في تركيا
يقول إبراهيم عزام، عربي يعيش في "لواء إسكندرون" سياسة تتريك إسكندرون واضحة للجميع، والدولة التركية تحاربنا نحن أصحاب الأصول العربية رغم محاولتنا الحفاظ على هويتنا بشتى الطرق؛ فتمنعنا تركيا من دراسة اللغة العربية رغم سعينا الدائم لتعلمها.
وأضاف: هنا في إسكندرون، آخر معاقل العرب الذين يحاربون محاولات التتريك فالعرب أعدادهم كبيرة ونجحت تركيا خلال الفترات الماضية في التأثير على الهوية العربية وإخفائها شيئًا فشيئًا وأبرزها في مدن أضنة ومارسين وسرت وماردين وشانلي أورفا وكذلك أحياء كاملة في إسطنبول التي تشهد وجود الكثير ممن يحملون أصولًا عربية.
وتابع: جمع المعلومات والتحريات التي تجريها الأجهزة الأمنية التركية حول المواطنين المهتمين بالحفاظ على هويتهم العربية يدفع ثمنها الجميع، فنواجه بالتمييز والعنصرية الشديدة وكذلك رغم حملنا للجنسية التركية إلا أن إتقان اللغة العربية على سبيل المثال سبب كافٍ لحرماننا من تقلد مناصب كبرى أو هامة في مؤسسات الدولة المختلفة، ويتم تهميشنا بسبب حفاظنا على الهوية العربية، بالإضافة إلى الاضطهاد الديني إذا ما كنا علويين أو غير ذلك.
نمثل 11% من الشعب التركي وبعضنا يخفي هويته هربًا من الاضطهاد
في السياق ذاته، يقول أحمد ديميرال، أنا أتقن العربية وتعلمتها عن طريق الإنترنت بمجهود شخصي فرغم أني عربي الانتماء إلا أنني تركي المواطنة والجنسية، ولا أعلم لماذا تمنع الحكومة التركية تعلم اللغة العربية وما الخطر الذي يراه الأتراك في الانتماء العربي حتى يحاولوا تهميشه وهدمه بهذا الشكل.
وأضاف: ولدت وعشت في لواء إسكندرون ورغم أنني تركي الجنسية إلا أنني وجميع عائلتي نعرف جيدًا أن أصولنا عربية وسورية على نحو أكثر تحديدًا، وندرك جيدًا أن تركيا استولت على المحافظة الـ15 من سوريا وهي لواء إسكندرون وضمتها إلى أراضيها، لا نريد حربًا ولا نكره وطننا الذي عشنا وولدنا فيه ولكن ما المانع في قول الحق؟
وتابع ديميرال: نحن عرب من تركيا ونحترم بلادنا وجنسياتنا ولكن نفخر كذلك بانتمائنا للعرب، ونزداد تمسكًا بهويتنا كلما زاد التعنت الحكومي التركي، فخطط الحكومة وإجبارها المواطنين أصحاب الأصول العربية على الهجرة من مدينة لأخرى لدمجهم يثير غضبنا، وحرمان أبنائنا من دراسة لغتنا الأصلية يثير غضبنا أيضًا، رغم أن جميع كبار السن يتحدثون العربية بطلاقة، وأقصد هنا بكبار السن أجدادنا وليس آباءنا الذين ولد معظمهم في ظل سيطرة الدولة التركية على لواء إسكندرون.
لا يتم اعتبارنا عربًا بالنسبة للنظام التركي؛ لذلك لا توجد إحصاءات خاصة بنا، أعدادنا كبيرة للغاية والأرقام غير الرسمية تؤكد أن عدد الأتراك من أصول عربية يتراوح بين الـ7 و9 ملايين مواطن عربي أي ما يقرب من 11% من عدد سكان تركيا بالكامل، وبعد محاولات شاقة نجحنا في انتزاع أحد حقوقنا بتعليم أبنائنا اللغة العربية، ولكن الحكومة اشترطت أن يكون ذلك بعد المرحلة الابتدائية وليس منذ بداية التعليم، وهو مكسب ضئيل ولكن هام ضد محاولات النظام التركي لمحو هويتنا، لذلك تجد دائمًا أصحاب الأصول العربية مجبرين على إخفاء حقيقتهم حتى يستطيعوا التطور والترقية في مؤسساتهم والحصول على المناصب التي يستحقونها.