الأزمة الإنسانية في لبنان.. معابر غير شرعية ونزوح إلى سوريا محفوف بالمخاطر

الأزمة الإنسانية في لبنان.. معابر غير شرعية ونزوح إلى سوريا محفوف بالمخاطر

الأزمة الإنسانية في لبنان.. معابر غير شرعية ونزوح إلى سوريا محفوف بالمخاطر
حرب لبنان

في لحظات الألم والخوف، يجد آلاف اللبنانيين والسوريين أنفسهم مضطرين لترك منازلهم وكل ما يعرفونه خلفهم، بحثًا عن الأمان في سوريا المجاورة. 

تلك الحدود، التي أصبحت مسرحًا للغارات الجوية الإسرائيلية، باتت اليوم ملاذًا محفوفًا بالمخاطر للعائلات النازحة.

 كل خطوة تُخطيها تلك العائلات نحو المجهول تمثل رحلة قاسية بين الأمل في النجاة والخوف من الموت. منذ نهاية سبتمبر، عبر أكثر من 78,500 لبناني إلى سوريا، بينهم أطفال ومسنين، في ظروف معيشية صعبة. الكثير منهم يسيرون على الأقدام عبر الطرق غير الرسمية، متحدين الحصار والخوف، فقط للوصول إلى بر الأمان.

*استمرار تدفق الوافدين*

رغم الاستهداف المستمر من قبل الطيران الإسرائيلي للمعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، لم يتوقف تدفق الوافدين اليومي من لبنان إلى سوريا.

فمنذ 24 سبتمبر الماضي، تجاوز عدد الوافدين اللبنانيين إلى سوريا 78,500 شخص، فيما عاد أكثر من 219,400 سوري إلى بلادهم، حسب إحصائيات إدارة الهجرة والجوازات السورية.

ورغم تدمير الطريق الدولي عند معبر المصنع نتيجة غارات إسرائيلية فجر الجمعة، استمر تدفق الوافدين سيرًا على الأقدام عبر معبر جديدة يابوس.

وبحسب تصريحات آلاء الشيخ، عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق، فإن يوم الجمعة وحده شهد عبور حوالي 2,700 وافد لبناني و6,000 عائد سوري، وسط ظروف بالغة الخطورة.

*تنسيق وصعوبات العبور* 

سائقون لسيارات تنقل النازحين أكدوا، الغارات الجوية الإسرائيلية خلقت حفرة عميقة على الطريق الدولي، لكن رغم ذلك، لم تتوقف حركة السفر بين البلدين.

وأضاف لوسائل إعلام محلية، أن السيارات السورية تنقل المسافرين حتى الحدود مع سوريا، ثم يتابع المسافرون سيرًا على الأقدام حتى يعبروا إلى النقطة السورية، حيث تنتظرهم سيارات لتكمل بهم الرحلة إلى وجهتهم.

لكن الوضع يزداد خطورة بسبب الاستهداف المتكرر للطرق والمعابر الحدودية، ما جعل عبور الحدود أكثر تكلفة وخطورة.

فقد استهدف الطيران الإسرائيلي الأسبوع الماضي معبر مطربا ومعابر أخرى غير شرعية في مناطق وعرة على طول الحدود السورية-اللبنانية، في إطار مزاعم إسرائيلية بإن القصف يهدف إلى تقويض نقل السلاح من سوريا إلى "حزب الله" اللبناني.

*المخاطر الإنسانية*

الوافدون يواجهون صعوبات جمة على جانبي الحدود، من بينها الانتظار لساعات طويلة عند المعابر بسبب نقص وسائل النقل، وهو ما دفع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى التحذير من أن معاناة اللاجئين لا تقتصر على الوصول إلى الحدود فقط.

ففي مؤتمر صحفي عقد بجنيف، أشارت المتحدثة باسم المفوضية، رولا أمين، إلى أن 60% من الوافدين هم من الأطفال والمراهقين، بينهم من وصلوا بمفردهم دون أي مرافق.

أوضحت أمين، أن معظم الوافدين السوريين يعودون إلى قراهم ومدنهم الأصلية في سوريا للالتحاق بأقاربهم، بينما يواجه آخرون تحديات كبيرة في العثور على مأوى.

وقد لجأت السلطات المحلية إلى فتح مراكز إيواء في ريف دمشق، طرطوس، اللاذقية، حمص، وحماة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الوافدين السوريين واللبنانيين.

*التحديات المالية* 

على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لتقديم المساعدة الإنسانية، تواجه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحديات مالية كبيرة في كل من لبنان وسوريا.

فقد صرحت المفوضية بأنها بحاجة إلى 111 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين في لبنان، لكنها حصلت فقط على 27% من هذا المبلغ. 

أما في سوريا، فإن الاحتياجات المالية تقدر بحوالي 460 مليون دولار، وهو ما يزيد من الضغوط على الوكالات الإنسانية العاملة في المنطقة.

*تأثير القصف على حركة اللاجئين*

الهجمات الإسرائيلية الأخيرة لم تقتصر على المعابر الرسمية فقط، بل استهدفت أيضًا معابر غير شرعية يستخدمها الكثيرون للهروب من مناطق الصراع.

في شمال سوريا، يواجه العائدون السوريون صعوبات بالغة عند معبر عون الدادات، الذي يربط بين مناطق سيطرة "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا ومناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية". 

هناك، ينتظر نحو 2400 عائد منذ أيام دون توفر مواد إغاثية أساسية.

الظروف الأمنية المعقدة جعلت من مسألة العبور بين سوريا ولبنان أكثر تعقيدًا، خاصة مع الرقابة الجوية الإسرائيلية المستمرة التي تستهدف تعطيل أي محاولات لنقل السلاح عبر الحدود.

ويعتبر المراقبون أن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية جزء من تصعيد أوسع للتوترات في المنطقة، خاصة مع اشتداد الصراع على الأرض اللبنانية.

*العراق وجهة جديدة* 

على الجانب الآخر، شهد العراق دخول أكثر من 5,000 وافد لبناني منذ 24 سبتمبر، منهم 500 شخص عبروا الحدود السورية-العراقية عن طريق معبر القائم.

وقد قدمت الحكومتان السورية والعراقية تسهيلات كبيرة للوافدين عبر المعابر الرسمية، بينما يعاني الذين يسلكون طرقًا غير شرعية من مخاطر جمة.