مَن هو أبو يحيى القائد الغامض الذي بنى منظومة المسيّرات الحوثية وودّعته صنعاء سرًا
مَن هو أبو يحيى القائد الغامض الذي بنى منظومة المسيّرات الحوثية وودّعته صنعاء سرًا
بعد تسعة أشهر من الصمت والغموض والتكتم، خرجت جماعة الحوثي أخيرًا لتُقرّ بمقتل أحد أبرز عقولها العسكرية وأكثرهم تأثيرًا في تطوير قدراتها الهجومية: زكريا عبدالله يحيى حجر، المعروف بـ"أبو يحيى"، الرجل الذي نادرًا ما ظهر في الإعلام، كان اسمه يتردد همسًا داخل أروقة صنع القرار العسكري للجماعة؛ فهو مهندس منظومة الطائرات المسيّرة ومطوّر برامج الصواريخ، وواحد من أبرز الوجوه المرتبطة بالمشروع الإيراني في اليمن، إعلان الحوثيين جاء متأخرًا، لكنه كشف حجم الضربة التي تلقتها الجماعة إثر مقتله في هجمات أميركية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء خلال مارس الماضي، اليوم، ومع تشييعه رسميًا إلى جانب قيادات أخرى، تتضح صورة الرجل الذي عمل لسنوات في الظل، وأدار واحدًا من أخطر الملفات العسكرية، وارتبط اسمه بالهجمات التي طالت الداخل اليمني والملاحة الدولية… فمَن هو زكريا حجر، وما الذي يُمثله غيابه في معادلة القوة الحوثية؟
من هو حجر؟
كشفت جماعة الحوثي أخيرًا النقاب عن مصير أحد أبرز قادتها العسكريين، زكريا عبدالله يحيى حجر (39 عامًا)، الذي قُتل في ضربات أمريكية استهدفت مواقع للجماعة في صنعاء خلال شهر مارس الماضي. هذا الإعلان المتأخر، الذي جاء بعد تسعة أشهر من التكتم، يعكس حساسية الدور الذي كان يلعبه حجر داخل البنية العسكرية للحوثيين، وحجم الفراغ الذي تركه رحيله في أحد أهم مفاصل القوة لدى الجماعة: برنامج الطائرات المسيّرة والصواريخ.
ينحدر حجر من منطقة رحبان في محافظة صعدة، المعقل التقليدي للحوثيين، لكنه لم يسلك مسار التعليم النظامي، إذ تلقّى تعليمه في إطار المراكز الدينية والطائفية التي لعبت دورًا رئيسًا في تشكيل القيادات العقائدية للجماعة.
ومع اندلاع حروب صعدة مطلع العقد الماضي، انخرط مبكرًا في العمل الميداني والعمليات القتالية، قبل أن يتحول لاحقًا إلى اسم محوري في منظومة التسليح والتطوير العسكري.
تأهيل إيراني في لبنان وسوريا
بحسب مصادر يمنية وتقارير تخصصية، كان حجر واحدًا من الكوادر التي ابتعثتها الجماعة إلى إيران مبكرًا، حيث تلقّى تدريبات متقدمة في مجال تطوير وتشغيل الطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ.
كما تُشير المعلومات إلى حصوله على تأهيل إضافي في لبنان وسوريا، ضمن برنامج متكامل تشرف عليه جهات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.
وبعد عودته إلى اليمن، لم يكتفِ حجر بالمشاركة التقنية، بل تولّى عمليًا تأسيس وحدة الطيران المسيّر للحوثيين، ليصبح قائدها الأول ومهندس بنيتها التنظيمية والعملياتية، ويحصل نتيجة ذلك على رتبة لواء داخل هيكل الجماعة.
عمل حجر بعيدًا عن الأضواء، ولم يكن اسمه معروفًا للرأي العام، وهو جزء من سياسة أمنية صارمة اعتمدها الحوثيون لحماية القيادات الحساسة، تقول مصادر إن الرجل كان يتحرك بهويات مزوّرة وأسماء مستعارة، وتفرض عليه الجماعة إجراءات أمنية مشددة، وهو ما يؤكد طبيعة الدور الذي كان يضطلع به، وحجم الثقة التي كان يحظى بها لدى زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
هذه الثقة تعززت بعوامل عائلية أيضًا، إذ كان لزكريا حجر ارتباط مصاهرة بعائلة زعيم الجماعة، كما ينشط عدد من أفراد أسرته في مواقع مهمة داخل هياكلها.
تطوير الصواريخ والمسيرات
من الناحية العملياتية، ارتبط اسم حجر بملفات شديدة الحساسية، بينها تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، والعمل على ملاءمتها للمهام القتالية بعيدة المدى، بما في ذلك الهجمات التي استهدفت مواقع داخل اليمن، وأخرى ارتبطت بالتصعيد ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
هذا الدور جعله ضمن قائمة المطلوبين للقضاء اليمني العسكري في مأرب منذ عام 2022، كما أعلنت السعودية إدراجه على قوائم الإرهاب في أغسطس من العام نفسه، إلى جانب آخرين اتهمتهم المملكة بالارتباط المباشر بتهريب السلاح الإيراني وتنفيذ هجمات ضد أهداف مدنية واقتصادية.
تعيين حجر داخل هياكل وزارة الدفاع التي شكّلها الحوثيون بعد سيطرتهم على صنعاء، ومنحه رقمًا عسكريًا ورتبة رفيعة، لم يكن خطوة رمزية فقط؛ بل مؤشرًا على انتقاله من خانة "الذراع الخفية" إلى موقع رسمي يقود إحدى أهم أدوات القوة النوعية للجماعة، ضمن ما يسمى "المجلس الجهادي".
ومع مقتله، خسر الحوثيون أحد الأعمدة الفنية التي كان يُعوّل عليها في مواصلة تطوير قدراتهم، في وقت تواجه فيه الجماعة ضغطًا عسكريًا متزايدًا واستهدافًا مباشرًا لمنظوماتها النوعية.

العرب مباشر
الكلمات