سياسي : الجفاف يُهدد استقرار العراق ويكشف ثغرات إدارة الموارد
سياسي : الجفاف يُهدد استقرار العراق ويكشف ثغرات إدارة الموارد

يشهد العراق أزمة جفاف غير مسبوقة منذ أكثر من 90 عامًا، وفقًا لتحذيرات رسمية صدرت عن وزارة الموارد المائية، ما أثار موجة قلق كبيرة في الشارع العراقي وسط غياب معالجات حكومية فعالة، وتنامي التداعيات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
وقالت الوزارة في بيانها إنّ العام الحالي يُعد من أكثر الأعوام جفافًا منذ عام 1933، مشيرةً إلى أنّ معدل الإيرادات المائية في حوضي دجلة والفرات انخفض إلى 27% مقارنة بالعام الماضي، فيما تراجع الخزين المائي في السدود والخزانات إلى 8% فقط من الطاقة التخزينية، أي بانخفاض بلغ 57% عن العام السابق. وأكدت الوزارة أنّ هذا الانخفاض أثّر بشكل مباشر على احتياجات المحافظات كافة، لاسيما في الوسط والجنوب، كما أضر بالنظام البيئي في الأهوار وبيئة شط العرب.
ودعت الوزارة إلى تكاتف الجهود الداخلية والتواصل مع دول المنبع لزيادة الإطلاقات المائية، وإزالة التجاوزات على المجاري، وترشيد الاستهلاك في المجالات الزراعية والصناعية، لكنها لم تطرح أي حلول فورية أو خطط طارئة لمعالجة الأزمة، وهو ما دفع الأهالي إلى التعبير عن غضبهم عبر الشارع.
ففي محافظة بابل، خرج العشرات من أهالي بلدة المجرية اليوم بتظاهرات لليوم الثاني على التوالي احتجاجًا على جفاف نهر المجرية، المصدر الرئيس لمياه البلدة.
أكّد المحلل السياسي العراقي د. حيدر العبودي أن أزمة الجفاف الحالية ليست مجرد أزمة بيئية عابرة، بل هي تحدٍ استراتيجي يهدد استقرار البلاد على المدى القريب والبعيد.
وقال العبودي - في تصريح لـ"العرب مباشر" -: إن العراق يُواجه اليوم أسوأ موجة جفاف منذ 90 عامًا في ظل تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي أوجد بيئة خصبة لاحتجاجات شعبية واسعة، خصوصًا في المحافظات الزراعية مثل بابل وذي قار والنجف.
وأوضح العبودي أن الخطورة تكمن في تقاطع هذه الأزمة مع غياب خطط حكومية عاجلة، ما يفتح الباب أمام اضطرابات اجتماعية وسياسية، وأضاف: "عندما يعجز المواطن عن تأمين مياه الزراعة والشرب، تتراجع الثقة بالحكومة وتتصاعد حدة الغضب الشعبي، وهو ما رأيناه في تظاهرات بابل بسبب جفاف نهر المجرية"، مشيرًا إلى أن هذه التظاهرات قد تتوسع إذا استمرت الأزمة.
كما حذر العبودي من أن استمرار انخفاض الخزين المائي إلى 8% فقط من الطاقة التخزينية قد يؤدي إلى انهيار بيئي في الأهوار العراقية وتراجع الإنتاج الزراعي بشكل يهدد الأمن الغذائي، ودعا الحكومة إلى التحرك سريعًا عبر مفاوضات جدية مع دول المنبع، وتنفيذ خطط لترشيد الاستهلاك ومنع التجاوزات على الحصص المائية، معتبرًا أن أي تأخير سيجعل الأزمة المائية تتحول إلى أزمة سياسية شاملة تمس استقرار الدولة.