نتنياهو يتراجع عن ضرب سوريا بعد الغضب الأمريكي.. ماذا حدث خلف الكواليس؟

نتنياهو يتراجع عن ضرب سوريا بعد الغضب الأمريكي.. ماذا حدث خلف الكواليس؟

نتنياهو يتراجع عن ضرب سوريا بعد الغضب الأمريكي.. ماذا حدث خلف الكواليس؟
نتنياهو

كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي، عن موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التوقف عن توجيه ضربات عسكرية لسوريا، مقابل انسحاب الجيش السوري من منطقة السويداء جنوبي البلاد، وذلك عقب غضب أمريكي كبير من قصف إسرائيل لقلب العاصمة السورية دمشق.

 

وتابع الموقع، أنه مع تصاعد الدخان والحطام فوق القصر الرئاسي السوري في دمشق، ارتفعت وتيرة القلق داخل الجناح الغربي للبيت الأبيض، وسط أحاديث متكررة عن نتنياهو بات خارج السيطرة، وفقًا لما نقله عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين.

 

نتنياهو تحت النار داخل البيت الأبيض

 

وقال أحد المسؤولين في البيت الأبيض' إن نتنياهو، يتصرف كالمجنون، مضيفًا أن القصف المتكرر من قبل إسرائيل قد يقوّض ما يحاول الرئيس دونالد ترامب تحقيقه في المنطقة.

 

وأضاف مسؤول آخر: أن استهداف كنيسة في غزة خلال الأسبوع نفسه دفع ترامب إلى إجراء اتصال مباشر مع نتنياهو للمطالبة بتفسير فوري، في حين أبدى مسؤول ثالث قلقًا متزايدًا داخل الإدارة الأمريكية من سلوك نتنياهو الذي وصفه بأنه يشبه تصرفات طفل لا يطيع.

 

وبينما لم يصدر أي تعليق من المتحدث باسم نتنياهو، زييف أغمون، حول هذه التصريحات، أكدت 6 مصادر أمريكية، أن البيت الأبيض بات أكثر قلقًا من سياسات نتنياهو الإقليمية، رغم نجاح الوساطة الأمريكية في فرض وقف إطلاق نار مؤقت أنهى التصعيد في سوريا يوم الجمعة الماضي.

 

واشنطن تُفاجأ بالقصف الإسرائيلي على سوريا

 

وتعود جذور التوتر الأخير إلى يوم الثلاثاء، حين قصفت إسرائيل قافلة دبابات تابعة للجيش السوري كانت متجهة إلى مدينة السويداء، وذلك على خلفية اشتباكات عنيفة اندلعت بين ميليشيات درزية ومسلحين من قبائل بدوية، وأسفرت حتى السبت عن مقتل أكثر من 700 شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 

وبررت إسرائيل الهجوم بأن القافلة دخلت منطقة جنوبية تطالب بأن تكون منزوعة السلاح، واتهمت الجيش السوري بالمشاركة في الهجمات على الأقلية الدرزية، وهي رواية تنفيها دمشق.

 

وأفاد مسؤول أمريكي، أن المبعوث الأمريكي توم باراك طلب من نظرائه الإسرائيليين التهدئة وإفساح المجال لحل دبلوماسي، وهو ما التزمت به إسرائيل مؤقتًا، غير أن الأمور سرعان ما خرجت عن السيطرة، إذ عادت إسرائيل بعد التوقف إلى تصعيد القصف، مستهدفة المقر العام للجيش السوري ومناطق محيطة بالقصر الرئاسي في دمشق.

 

نتنياهو يوافق على وقف الضرب

 

وقال مسؤول أمريكي: إن الضربات الإسرائيلية فاجأت ترامب والبيت الأبيض، مشيرًا أن ترامب لا يحب أن يفتح التلفاز فيرى قصفًا في بلد يسعى لتحقيق السلام فيه، وسبق له أن أعلن مبادرة كبيرة لإعادة إعماره.

 

يوم الأربعاء، أبلغ وزير الخارجية ماركو روبيو نتنياهو وفريقه بضرورة التوقف الفوري، وقد وافق نتنياهو شريطة انسحاب القوات السورية من السويداء، لكن الضرر السياسي كان قد حدث بالفعل، حيث أرسلت دول مثل تركيا والسعودية رسائل احتجاج غاضبة إلى إدارة ترامب، في وقت كانت أصوات المسؤولين الأمريكيين تتعالى داخل البيت الأبيض ضد سياسة نتنياهو.

 

دوائر ضيقة تعبّر عن امتعاضها لترامب

 

ووفقًا لأحد المسؤولين، فإن من بين أبرز المعترضين على تحركات نتنياهو كان المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف، وتوم باراك نفسه، وهما من أقرب المقربين إلى ترامب.

 

ويعتقد كثير من المسؤولين أن نتنياهو لجأ إلى القصف في سوريا نتيجة ضغوط داخلية من الطائفة الدرزية في إسرائيل، بالإضافة إلى اعتبارات سياسية محلية أخرى.

 

 وقال مسؤول أمريكي: إن الأجندة السياسية لنتنياهو باتت تسيطر على قراراته العسكرية، محذرًا من أن ذلك سيكون خطأ استراتيجيًا على المدى البعيد

فيما سخر مسؤول أمريكي آخر من عدم إدراك المسؤولين الإسرائيليين لحجم الضرر الذي أحدثوه في علاقتهم مع البيت الأبيض، قائلاً: "الإسرائيليون بحاجة إلى أن يُخرجوا رؤوسهم من الرمال".

 

الخلاف يتجاوز سوريا

 

ويأتي هذا التوتر بعد أيام فقط من زيارة نتنياهو إلى واشنطن ولقائه بترامب مرتين في أجواء ودية بدت وكأنها تعكس توافقًا كاملاً بعد حرب إسرائيل مع إيران.

 

لكن الأمور تغيرت مع عدة أحداث متلاحقة: إلى جانب التصعيد

 في سوريا، أثار مقتل الفلسطيني الأمريكي سيف مصالحة على يد مستوطنين إسرائيليين الأسبوع الماضي موجة غضب داخل إدارة ترامب، التي بدأت في التشكيك بتركيبة حكومة نتنياهو المتطرفة المؤيدة للاستيطان.

 

حتى السفير الأمريكي السابق مايك هاكابي، المعروف بدعمه الكبير لإسرائيل، والذي زار نتنياهو مؤخرًا في محاكمته بتهم فساد تضامنًا معه، وصف هجوم المستوطنين بأنه إرهاب وطالب بمحاسبة الفاعلين.

كما زار هاكابي، السبت، مجتمعًا مسيحيًا في الضفة الغربية كان قد تعرّض لهجمات المستوطنين، ووجّه أيضًا انتقادات لحكومة إسرائيل على خلفية تعقيد إجراءات حصول الإنجيليين الأمريكيين على تأشيرات دخول.

 

ومن جهتها، تفاجأت الحكومة الإسرائيلية برد الفعل الأمريكي، إذ قال مسؤول إسرائيلي رفيع: إن ترامب نفسه شجّع نتنياهو في بداية ولايته على التدخل في سوريا، ولم يُبدِ في السابق أي اعتراض على العمليات الإسرائيلية هناك.

 

وشدّد المسؤول على أن التدخل الإسرائيلي الأخير جاء ردًا على معلومات استخباراتية تشير إلى تورط الجيش السوري في مهاجمة الدروز، نافيًا أن يكون للأمر دوافع سياسية داخلية.

 

وأضاف: أن واشنطن لا تدرك التزام إسرائيل الأخلاقي تجاه الطائفة الدرزية داخلها، وهو ما دفعها للتدخل في سوريا لحمايتهم.

 

وحذر مسؤول أمريكي رفيعًا من أن السماح لإسرائيل بتحديد ما إذا كان يحق للحكومة السورية فرض سيادتها على أراضيها يشكل سابقة خطيرة. 

 

وأضاف: أن سياسة إسرائيل الحالية قد تقود إلى انهيار الاستقرار في سوريا، ما يعني أن الطرفين – إسرائيل والطائفة الدرزية – سيخسران في نهاية المطاف.

 

صبر ترامب بدأ ينفد

وتابع الموقع الأمريكي، أن هذه ليست المرة الأولى التي يختبر فيها نتنياهو صبر ترامب. فقد نجح سابقًا في دفع الرئيس الأمريكي إلى دعم ضرباته لإيران، واستمر في حملته على غزة رغم رغبة ترامب في إنهاء الحرب. 

 

وفي سوريا، راهن نتنياهو مرة أخرى على إمكانية التصعيد دون أن ينهار التفاهم مع واشنطن.

 

لكن، ووفقًا لمسؤولين أمريكيين فإن الحظ الذي كان حليف نتنياهو في البيت الأبيض، إلى جانب حسن نية ترامب، قد لا يدومان طويلاً.