تحالف الضرورة.. أوروبا تقود دفة الحرب والسلام بأوكرانيا في غياب اليقين الأمريكي

تحالف الضرورة.. أوروبا تقود دفة الحرب والسلام بأوكرانيا في غياب اليقين الأمريكي

تحالف الضرورة.. أوروبا تقود دفة الحرب والسلام بأوكرانيا في غياب اليقين الأمريكي
أوروبا

في خطوة سياسية ودبلوماسية لافتة، أعلنت بريطانيا وفرنسا عن تشكيل ما أسمتاه "تحالف الراغبين" بهدف وضع خطة أوروبية لإنهاء الحرب المستعرة بين أوكرانيا وروسيا، وتأتي المبادرة الأوروبية في وقت حرج، في محاولة للحصول على دعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يبدي ترددًا واضحًا في الالتزام بدعم كييف عسكريًا وسياسيًا، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

جاء هذا التحرك عقب اجتماع استضافه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في العاصمة لندن، بحضور عدد من القادة الأوروبيين، حيث أكدوا دعمهم الثابت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد المواجهة الحادة التي جمعته بالرئيس ترامب الأسبوع الماضي.

مخاوف أوروبية من انهيار التحالف عبر الأطلسي

وأضافت الصحيفة، أنه رغم الدعم الأوروبي العلني لأوكرانيا، شددت بعض القيادات خلال الاجتماع على ضرورة الحفاظ على التحالف التقليدي بين أوروبا والولايات المتحدة، والذي ساهم لعقود في الحفاظ على الأمن والاستقرار في القارة العجوز. 

وقال ستارمر في أعقاب الاجتماع: "نحن اليوم في مفترق طرق تاريخي.. على أوروبا أن تتحمل العبء الأكبر، لكن النجاح في تحقيق السلام العادل والدائم يتطلب دعمًا أمريكيًا قويًا". 

وأضاف ستارمر، أنه ورغم الغضب الذي أبداه الرئيس ترامب تجاه زيلينسكي خلال لقائهما في البيت الأبيض، إلا أن لديه قناعة بأن ترامب لا يزال ملتزمًا بالسعي نحو اتفاق سلام دائم بين كييف وموسكو. 

وأشار أن بريطانيا وفرنسا، بالتعاون مع دول أوروبية أخرى، سيعملون على إعداد خطة مفصلة بالتنسيق مع أوكرانيا لعرضها لاحقًا على واشنطن.

ملامح أولية لخطة السلام الأوروبية

وأوضحت الصحيفة، أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل دقيقة حول الخطة الأوروبية المرتقبة، لكن ستارمر ألمح أن الأوروبيين يسعون لجعلها أساسًا يمكن البناء عليه لإقناع ترامب بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا. كما أشار أن بريطانيا وفرنسا أبدتا استعدادًا لنشر قوات ضمن بعثة حفظ سلام أوروبية، مع السعي لحشد المزيد من الدول الأوروبية للمشاركة. 

ستارمر أكد أنه ما كان ليطلق هذه المبادرة لو لم يكن مؤمنًا بوجود فرصة حقيقية لتحقيق نتائج إيجابية من خلال العمل المشترك مع واشنطن. 

التوتر بين ترامب وزيلينسكي يعقد المشهد


تعمقت الخلافات بين ترامب وزيلينسكي - خلال لقائهما الأخير- في البيت الأبيض، وهو ما زاد من تعقيد مهمة أوروبا في الحفاظ على وحدة الصف الغربي. وفي محاولة لتهدئة الأجواء، عرض ستارمر على الطرفين عقد لقاء جديد لإزالة التوتر، لكن كليهما فضّل التريث حتى تهدأ الأجواء المشحونة. 

وأضافت الصحيفة، أنه رغم ذلك، ما يزال زيلينسكي مقتنعًا بأن علاقته بترامب ليست غير قابلة للإصلاح.

احتضان أوروبي

استقبلت أوروبا الرئيس الأوكراني بحفاوة بالغة في لندن، حيث أبدت 18 دولة دعمها القوي له، ومن بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا. 

وبعد اللقاءات الرسمية، توجه زيلينسكي للقاء الملك تشارلز الثالث في قصر ساندرينغهام، وهو لقاء يحمل دلالات رمزية عميقة، خصوصًا وأن ستارمر كان قد سلم ترامب دعوة رسمية من الملك لزيارة بريطانيا مجددًا في إطار زيارة دولة. 

ورغم هذا الاحتضان الأوروبي، يدرك الجميع أن الحفاظ على الموقف الأمريكي الداعم لأوكرانيا يظل عنصرًا حاسمًا في مسار الأزمة. 

الأهداف الأوروبية المزدوجة


يرى خبراء، أن ستارمر يسعى لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول هو بناء خطة متكاملة بالتعاون مع الأوكرانيين والأوروبيين لحث واشنطن على مواصلة دعمها الأمني لأوكرانيا. 

أما الهدف الثاني فهو إعداد أوروبا لسيناريو أسوأ في حال قرر ترامب الانسحاب من دعم أوكرانيا بشكل كامل.

ويتطلب السيناريو الأسوأ أن تتحمل الدول الأوروبية عبئًا أكبر في الدفاع عن القارة. وفي هذا الإطار، دعا ستارمر القادة الأوروبيين إلى زيادة الإنفاق العسكري، وهي دعوة لاقت تجاوبًا مبدئيًا من بعض الدول، رغم عدم الكشف عن أسمائها. 

وفي خطوة عملية، أعلن ستارمر عن تقديم قرض جديد لأوكرانيا بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني لشراء معدات عسكرية.

كما أعلن عن تخصيص 1.6 مليار جنيه إسترليني إضافية في إطار تمويل صادرات دفاعية، تشمل أكثر من 5 آلاف صاروخ دفاع جوي متقدم. 

الاتحاد الأوروبي يعزز دعمه لأوكرانيا


وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي سيسعى لتحويل أوكرانيا إلى "قنفذ فولاذي" عصي على الابتلاع بالنسبة لأي غزو روسي محتمل، عبر تعزيز الدعم الاقتصادي والعسكري لكييف.