بعد تهديدات ترامب.. هل تمتلك أوروبا خطة بديلة لدعم أوكرانيا؟
بعد تهديدات ترامب.. هل تمتلك أوروبا خطة بديلة لدعم أوكرانيا؟

وسط مشهد جيوسياسي مضطرب، تجد أوروبا نفسها أمام تحدٍّ وجودي فيما يخص دعمها المستمر لأوكرانيا، خصوصًا مع تنامي التقارب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، في ظل هذه المخاوف، تحتضن العاصمة البريطانية لندن اجتماعًا حاسمًا لـ 15 دولة حليفة لأوكرانيا، بهدف وضع إستراتيجيات جديدة لتعزيز الأمن الأوكراني، في وقت تتزايد فيه الشكوك حول مدى استمرار الدعم الأمريكي.
التحركات الأوروبية تأتي مدفوعة بتصريحات ترامب المثيرة للجدل، والتي لمح فيها إلى إمكانية تخليه عن أوكرانيا إذا لم تقدم تنازلات لموسكو، هذه التطورات دفعت القادة الأوروبيين إلى البحث عن آليات تمويل وتسليح بديلة، للحفاظ على التوازن العسكري في مواجهة روسيا، وبينما تسعى المملكة المتحدة لتعزيز شراكتها مع كييف عبر اتفاقيات تمويلية ضخمة، يظل التساؤل قائمًا: هل تستطيع أوروبا سد الفجوة التي قد يتركها تراجع الدعم الأمريكي؟
قمة لندن.. محاولة لإنقاذ أوكرانيا
في ظل تصاعد المخاوف من تغيرات في الموقف الأمريكي، يجتمع قادة 15 دولة أوروبية في لندن لمناقشة مستقبل الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.
القمة، التي يحضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تستهدف بحث بدائل لضمان استمرار تدفق المساعدات إلى كييف، وسط تحولات محتملة في السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ضمن الجهود الأوروبية لتأكيد الدعم، التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع زيلينسكي، معلنًا عن اتفاقية قرض دفاعي بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني، ستستخدم في تعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية وإنتاج الأسلحة محليًا.
هذه الخطوة تعكس رغبة لندن في تأمين مصالحها الجيوسياسية، وتقديم نفسها كفاعل رئيسي في الدفاع عن أوكرانيا، لا سيما في ظل تراجع دور واشنطن المحتمل.
لقاءات رفيعة المستوى لتعزيز التحالف
إلى جانب ستارمر، يشارك في القمة عدد من القادة الأوروبيين البارزين، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، بالإضافة إلى شخصيات دبلوماسية بارزة من الاتحاد الأوروبي.
زيلينسكي من جانبه، سيعقد لقاءً مع الملك تشارلز الثالث، في إشارة إلى الدعم البريطاني المتزايد لكييف.
تصريحات ترامب.. مصدر القلق الأكبر
التوترات الأوروبية تفاقمت بعد التصريحات التي أدلى بها دونالد ترامب خلال مواجهة كلامية مع زيلينسكي، حيث لمح الرئيس الأمريكي السابق إلى أن أوكرانيا قد تفقد دعم الولايات المتحدة ما لم تتجه إلى التفاوض مع موسكو.
هذا الموقف وضع القادة الأوروبيين في مأزق، إذ يعتمد جزء كبير من قدرة أوكرانيا على الصمود أمام روسيا على المساعدات العسكرية الأمريكية، والتي تشمل تزويدها بالأسلحة المتقدمة وتمويل احتياجاتها الدفاعية.
مع تصاعد المخاوف من تراجع الدور الأمريكي، دعت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى ضرورة تبني موقف أقوى في مواجهة روسيا، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتحمل مسؤولية أكبر في قيادة العالم الحر.
تصريحاتها تعكس قناعة متزايدة لدى الأوروبيين بأن الوقت قد حان لبناء منظومة دفاعية مستقلة، وعدم الاعتماد الكامل على واشنطن لضمان الأمن في القارة.
هل أوروبا قادرة على تعويض الغياب الأمريكي؟
ورغم كل هذه الجهود، ما تزال هناك تساؤلات جدية حول قدرة أوروبا على تعويض الدعم الأمريكي في حال تغيرت السياسات في البيت الأبيض.
فبينما تعهدت بعض الدول بزيادة التمويل العسكري، إلا أن الدعم الأوروبي ما يزال متفرقًا بين عدة أطراف؛ مما يجعل مسألة التنسيق الفعال أكثر تعقيدًا.
من جانبهم، أكد مراقبون أن في الوقت الذي تحاول فيه أوروبا تعزيز موقفها الدفاعي، يظل مصير أوكرانيا معلقًا بين تحولات السياسة الأمريكية وخطط الحلفاء الأوروبيين.
ويرى المراقبون، أن قمة لندن قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة، لكنها لن تحل كل الإشكاليات، ما يعني أن المواجهة مع موسكو لا تزال مفتوحة على جميع الاحتمالات.