جنوب لبنان في رمضان.. معاناة تتفاقم نتاج نيران حرب حزب الله وإسرائيل

جنوب لبنان في رمضان.. معاناة تتفاقم نتاج نيران حرب حزب الله وإسرائيل
جنوب لبنان

طيحل شهر رمضان هذا العام على سكان جنوب لبنان وسط أوضاع استثنائية لم يشهدوها منذ سنوات، حيث تسببت الحرب الإسرائيلية المستمرة في تصعيد عسكري غير مسبوق، زاد من معاناة الأهالي الذين يواجهون أوضاعًا معيشية خانقة.

وفي ظل هذه الظروف، أصبح رمضان هذا العام مختلفًا تمامًا عن الأعوام السابقة، حيث بات القلق والخوف والجوع سمات يومية لحياة السكان، الذين يعانون من تبعات الحرب، وتدهور الاقتصاد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

التصعيد العسكري "شهر رمضان في مرمى النيران"

لم يكن تصعيد العمليات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله مجرد أخبار عابرة في وسائل الإعلام، بل تحوّل إلى واقع يومي يعيشه أهالي الجنوب اللبناني، الذين اعتادوا سماع أصوات القصف والانفجارات بدلًا من أذان المغرب ومدفع الإفطار. 

ومع تزايد الهجمات المتبادلة، اضطر العديد من السكان إلى النزوح نحو المناطق الأكثر أمانًا، بينما بقي آخرون في منازلهم تحت رحمة الظروف الصعبة.

وفي العديد من القرى الحدودية، تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف المدفعي في تدمير المنازل والبنية التحتية؛ مما أدى إلى عزل بعض القرى عن المناطق الأخرى، وجعل وصول المواد الغذائية والإمدادات الطبية أكثر صعوبة، ومع اقتراب موعد الإفطار، يجد كثيرون أنفسهم أمام موائد متواضعة، بعدما كان رمضان مناسبة لاجتماع العائلات والاحتفال بالشهر الكريم وسط أجواء روحانية مميزة.

الأسواق تحت الحصار.. الغلاء يرهق الأهالي


إلى جانب التهديدات الأمنية، يواجه أهالي جنوب لبنان أزمة ارتفاع الأسعار الحاد، والذي جعل تأمين الاحتياجات الرمضانية الأساسية مهمة شاقة. فقد تضاعفت أسعار السلع الغذائية بشكل غير مسبوق، حيث قفزت أسعار اللحوم والدواجن بنسبة تفوق 60%، بينما شهدت الخضروات والحبوب زيادة تجاوزت 40% مقارنة بالعام الماضي.

وبات شراء المواد الأساسية مثل: الزيت، السكر، الطحين، والأرز يتطلب ميزانية تفوق قدرة معظم العائلات، في ظل انهيار قيمة الليرة اللبنانية وتراجع القدرة الشرائية، كما أن كثيرًا من التجار يعانون من صعوبة تأمين البضائع بسبب التوترات الأمنية، حيث تراجعت حركة النقل بين القرى والأسواق المركزية؛ مما أدى إلى نقص المعروض وزيادة الأسعار بشكل إضافي.

وفي بعض المناطق القريبة من الحدود الجنوبية، ارتفعت أسعار المواد التموينية بشكل مضاعف نتيجة انقطاع الإمدادات وتأخر وصول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية، بينما لجأ بعض الأهالي إلى تخزين المؤن خوفًا من تفاقم الأوضاع خلال الأسابيع المقبلة.

إلى جانب الغلاء، يواجه السكان أزمة حادة في الخدمات الأساسية، حيث تفاقمت مشكلة انقطاع الكهرباء في العديد من المناطق الجنوبية.

رغم هذه التحديات، يحاول بعض الأهالي التكيف مع الظروف الصعبة عبر المبادرات المجتمعية، حيث يقوم البعض بتوزيع وجبات إفطار على العائلات الأكثر احتياجًا، فيما تنظم بعض الجمعيات الخيرية حملات مساعدات غذائية تهدف إلى تخفيف معاناة الأسر المتضررة.

لكن هذه الجهود ما تزال غير كافية أمام حجم الأزمة، حيث تعاني معظم الجمعيات الإنسانية من نقص التمويل وصعوبة إيصال المساعدات إلى القرى الأكثر تضررًا، خاصة في ظل استمرار التصعيد العسكري وإغلاق بعض الطرقات الرئيسية.

في ظل هذه الأوضاع، تحول رمضان هذا العام إلى اختبار لصبر سكان جنوب لبنان، الذين يواجهون أيامًا عصيبة بين نيران الحرب وضغوط الحياة اليومية، وبينما ينتظر المسلمون في أنحاء العالم شهر الصيام بروح من التراحم والتقارب العائلي، يجد أهالي الجنوب أنفسهم مضطرين للصمود في مواجهة أوضاع استثنائية، حيث أصبح البقاء في المنازل محفوفًا بالمخاطر، والنزوح خيارًا مريرًا، وتأمين لقمة العيش تحديًا يوميًا.

ومع استمرار التصعيد العسكري وغياب أي بوادر لحل قريب، يبقى الأمل معلقًا على تحسن الظروف وانخفاض وتيرة الحرب، ليتمكن الأهالي من استعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية، والاحتفال برمضان كما اعتادوا عليه في السنوات الماضية.