إسرائيل تواجه انتقادات دولية حادة واتهامات بتجويع غزة بعد وقف إدخال المساعدات

إسرائيل تواجه انتقادات دولية حادة واتهامات بتجويع غزة بعد وقف إدخال المساعدات

إسرائيل تواجه انتقادات دولية حادة واتهامات بتجويع غزة بعد وقف إدخال المساعدات
حرب غزة

تواجه إسرائيل موجة حادة من الانتقادات الدولية عقب قرارها بوقف إدخال كافة الإمدادات الغذائية والمواد الأساسية إلى قطاع غزة يوم الأحد، مع توجيهها تهديدات بفرض "عواقب إضافية" على حركة حماس في حال عدم تمديد الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ مؤخرًا، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.

اتهامات الوسطاء


ووجه الوسيطان، مصر وقطر، مباشرة لإسرائيل بانتهاك القانون الإنساني الدولي، واستخدام التجويع كأداة حرب في معاقبة المدنيين في غزة. 

هذه الخطوة جاءت بعد فترة قصيرة من المرحلة الأولى للهدنة، التي شهدت زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية بعد أشهر طويلة من الحصار المتواصل والمعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

واتهمت حركة حماس بدورها إسرائيل بمحاولة إفشال المرحلة الثانية من الهدنة، وذلك بعد ساعات قليلة من انتهاء المرحلة الأولى، ووصفت قرار تل أبيب بقطع المساعدات بأنه "جريمة حرب واعتداء صارخ" على الاتفاق الذي استغرق الوصول إليه عامًا كاملًا من المفاوضات المكثفة قبل دخوله حيز التنفيذ في يناير الماضي.

وكانت المرحلة الثانية من الهدنة تتضمن إفراج حماس عن العشرات من الأسرى الإسرائيليين المتبقين في مقابل انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، إلى جانب التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم. غير أن هذه المفاوضات، التي كان يفترض أن تبدأ قبل شهر، لم تشهد أي انطلاق رسمي حتى الآن.

اصطفاف الشاحنات


وعلى الجانب المصري من معبر رفح الحدودي، اصطفت شاحنات المساعدات في طوابير طويلة، يوم الأحد، بعد أن منعت إسرائيل دخولها إلى القطاع، الأمر الذي أثار قلقًا واسعًا لدى المنظمات الإغاثية الدولية.

ويأتي هذا التطور في وقت تؤكد فيه إسرائيل أنها تلقت مقترحًا أمريكيًا جديدًا يقضي بتمديد الهدنة خلال شهر رمضان المبارك الذي بدأ مطلع الأسبوع الجاري، ويمتد حتى نهاية عيد الفصح اليهودي في العشرين من أبريل.

وبحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن المقترح ينص على أن تفرج حماس عن نصف الأسرى لديها في اليوم الأول من الاتفاق، ثم يتم إطلاق سراح بقية الأسرى بمجرد التوصل إلى اتفاق شامل حول وقف دائم لإطلاق النار. 

وتشير التقديرات الإسرائيلية، أن حماس تحتجز حاليًا 59 أسيرًا، بينهم 35 يُعتقد أنهم لقوا حتفهم.

وشدد الموقف الأمريكي، الذي عبّر عنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز، على أن واشنطن ستدعم أي قرار تتخذه إسرائيل بشأن الهدنة، دون التعليق مباشرة على المقترح الجديد. في المقابل، أوضح نتنياهو أن حكومته على تنسيق تام مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأن الهدنة ستستمر فقط في حال استمرار حماس بالإفراج عن الأسرى.

تحذيرات دولية لإسرائيل


من جهتها، حذرت الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الإنسانية من تداعيات خطيرة في حال استمرار منع المساعدات.

وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الهدنة الحالية أنقذت حياة عدد لا يحصى من المدنيين، وأن أي تراجع عن التقدم المحقق خلال الأسابيع الستة الماضية سيعيد سكان غزة إلى هاوية اليأس.

كما وصف منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة توم فليتشر قرار إسرائيل بأنه "مثير للقلق"، مشيرًا أن القانون الإنساني الدولي يفرض على جميع الأطراف ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كافة الأطراف إلى بذل أقصى الجهود لتفادي عودة الأعمال العدائية في غزة، مع التشديد على ضرورة السماح بتدفق المساعدات الإنسانية فورًا إلى القطاع، وإطلاق سراح جميع الأسرى.

وفي تطور لافت، تقدمت خمس منظمات حقوقية غير حكومية بالتماس عاجل إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، مطالبة بإصدار أمر قضائي مؤقت يمنع الحكومة من مواصلة حظر إدخال المساعدات إلى غزة، مؤكدين أن هذا القرار ينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، مشددين على أن "هذه الالتزامات لا يمكن ربطها باعتبارات سياسية".

كارثة إنسانية في غزة


وأفاد سكان القطاع، بأن الأسعار شهدت قفزات كبيرة بمجرد انتشار أخبار إغلاق المعابر ووقف تدفق الإمدادات.

وفي مخيم جباليا للاجئين، أحد أكثر المناطق تضررًا من القصف الإسرائيلي، قالت المواطنة فايزة نصار: إن إغلاق المعابر سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا، محذرة من أن "المجاعة والفوضى" ستجتاح القطاع.

كما وجهت حماس بدورها تحذيرًا صريحًا، مشيرة أن أي محاولة لتعطيل أو إلغاء الاتفاق الحالي ستؤدي إلى "عواقب إنسانية" على الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، مؤكدة أن السبيل الوحيد لضمان الإفراج عنهم هو الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق القائم.

وفي تل أبيب، واصل أهالي الرهائن الإسرائيليين ضغوطهم على الحكومة الإسرائيلية، حيث قالت ليشاي ميران-لافي، زوجة الأسير عمري ميران: إنه "لا يمكن تأجيل المفاوضات بشأن صفقة شاملة للإفراج عن الجميع"، مضيفة أن "الأسرى لا يملكون ترف الانتظار حتى يتم التوصل إلى الصفقة المثالية".

وخلال الحرب المستمرة، واجهت إسرائيل اتهامات متكررة بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومنذ الأيام الأولى للحرب، فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع، ولم تبدأ في تخفيفه إلا تحت ضغوط أمريكية مكثفة.

وفي سياق متصل، قال كينيث روث، المدير السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش: إن إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، تتحمل "مسؤولية مطلقة" في ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بموجب اتفاقيات جنيف، واصفًا قرار إسرائيل الأخير بأنه "استئناف لاستراتيجية التجويع، التي تشكل جريمة حرب"، وهي نفس الاستراتيجية التي دفعت المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو.