نائب الرئيس الأمريكي يصل إلى إسرائيل في مهمة لمراقبة اتفاق وقف النار بغزة
نائب الرئيس الأمريكي يصل إلى إسرائيل في مهمة لمراقبة اتفاق وقف النار بغزة

من المتوقع أن يصل نائب رئيس الولايات المتحدة جِي. دي. فانْس إلى إسرائيل في زيارة هي الأولى له منذ توليه المنصب، ويُرافقه في المهمة مبعوثان رفيعا المستوى من البيت الأبيض، ستيف وِيتكوف وجاريد كوشنر.
وأكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أن الزيارة تأتي في ظل قلق متصاعد داخل الإدارة الأمريكية من احتمال أن يقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة، ما يهدد بهدم اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بوساطة أمريكية.
وتُعد مهمة الوفد جزءًا من استراتيجية أمريكية تهدف إلى إدارة الملف القلق بكل قوة وإظهار قدرة واشنطن على ضبط سير الأحداث.
رسالة واشنطن والوجود الرقابي
مسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب أعربوا عن مخاوف متزايدة من التزام القيادة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار، ونقلوا إلى الصحافة الأمريكية أن الهدف من إرسال فانْس وفريقه هو الإشراف المباشر على تنفيذ الاتفاق والضغط لمنع أي انزلاق نحو تصعيد شامل.
وتحوّل حضور المبعوثين الأمريكيين إلى رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تتدخل بقوة لإدارة الموقف ومحاولة الحفاظ على اتفاقية التهدئة.
اجتماعات ميدانية في تل أبيب والتنسيق الاستخباري
زار المبعوثان وِيتكوف وكوشنر مقر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في تل أبيب ، حيث عقدوا اجتماعات مع قيادات عسكرية رفيعة، من بينهم رئيس الاستخبارات العامة (رئيس أمان) ورؤساء مديريات التخطيط والاستخبارات والمسؤول عن الشؤون الاستراتيجية.
ركزت المحادثات على تقييم جاهزية الجيش الإسرائيلي لتنفيذ بنود الاتفاق وآليات الرقابة، كما استعرض الجانب الإسرائيلي الأدلة الاستخباراتية على خروقات متكررة من قبل حركة حماس منذ سريان الهدنة، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالمخطوفين والجثامين المحتجزة وحالة الأوضاع داخل القطاع.
ورغم حساسية اللقاء، وصف المشاركون الإسرائيليون المحادثات بأنها جيدة ومثمرة.
أهداف الزيارة وإدارة "المرحلة الثانية" من الاتفاق
بحسب المسؤولين الإسرائيليين، هدفت لقاءات الوفد الأمريكي إلى ضمان استمرار التعاون الوثيق بين واشنطن وتل أبيب وإتاحة المعلومات الاستخبارية للشركاء الدوليين المعنيين بآلية المراقبة.
كما تطرّق الطرفان إلى الاستعدادات للمرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتضمن إدخال قوة دولية بقيادة مصر مكوّنة من آلاف العسكريين لبدء عملية نزع السلاح التدريجي لحماس وتأمين عملية إعادة الإعمار في القطاع.
وتؤكد تل أبيب، على أهمية أن تشتمل المرحلة المقبلة على إجراءات ملموسة لتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، ومنها تدمير أو سد الأنفاق الاستراتيجية المنتشرة في أجزاء من القطاع.
الجانب الإنساني وشرط استئناف إعادة الإعمار
أبلغت إسرائيل الجانب الأمريكي، أنها قدمت معلومات إلى آلية المراقبة الدولية برئاسة واشنطن لتسريع جهود البحث عن المخطوفين، وأنها تشترط الشروع الجدي في إعادة إعمار غزة ببدء تنفيذ بند إعادة الجثامين وإعادة المخطوفين وبتعاون ملموس من جانب حماس في نزع سلاحها.
كما طالبت إسرائيل بضمان أن تضمن القوة الدولية هدم أو إغلاق الأنفاق أو السيطرة عليها، ووافقت مبدئيًا على اقتراح أمريكي لإطلاق مشروع تجريبي لإعادة الإعمار وتطهير رُفح من الأنفاق كمرحلة أولى.
موقف أمريكي داعم ولكن حذر
على الرغم من أن الإدارة الأمريكية تبدو منقسمة بين دعم إسرائيل في مواجهة خروقات حماس وبين رغبتها في حماية الهدنة، فإن سياسة البيت الأبيض تسعى إلى موازنة هذه الأولويات عبر إشراف مباشر ووجود مبعوثين ميدانيين لضمان الالتزام.
وقد بدا ذلك واضحًا في عودة الولايات المتحدة إلى استئناف تسليم المساعدات الإنسانية إلى القطاع بعد توجيه أمريكي بأن يُعاد فتح المعابر، علمًا أن إسرائيل سارعت إلى إعادة تفعيل ممرات المساعدات وتعليق الضربات الجوية، مع إبقاء معبر رفح مغلقًا لحين توضيح قضية الجثامين والمخطوفين.
تحذير أمريكي واضح وصيغة ضغط مفتوحة
أكدت مصادر أمريكية، أن الرسائل التي حملها الوفد إلى القيادة الإسرائيلية جاءت مصحوبة بتحذير واضح مفاده أن واشنطن تتوقع احترام بنود الاتفاق، وأن أي قرار إسرائيلي برد عسكري واسع قد يقابل بتداعيات دبلوماسية واستراتيجية.
وفي الوقت نفسه، أعربت الإدارة الأمريكية عن استعدادها لمنح إسرائيل مساحة للتحرك في إطار الدفاع عن قواتها المنتشرة داخل القطاع، لكن دون السماح بعملية عسكرية كاملة يمكن أن تُفشل الجهود الدولية لإرساء هدنة دائمة.
تصريحات رئاسية حادة وتهديدات متوازية
في مناسبات متعددة خلال الفترة الأخيرة، عبّر الرئيس الأمريكي عن قلقه من خروقات الهدنة لكنه شدد أيضًا على أن واشنطن تحتفظ بالقدرة على السماح لإسرائيل باتخاذ إجراءات صارمة ضد حماس في حال تواصلت الانتهاكات.
وبحسب ما نقل عن الرئيس، فإن واشنطن تمنح الفرصة للحركة للالتزام بالاتفاق، لكنها تحذّر من أن استمرار الخروقات قد يؤدي إلى ما وصفته الإدارة بأنه إجراءات حاسمة ضد المنظمة المسلحة.
تحديات التنفيذ ومستقبل الاتفاق الهش
يُجمع خبراء وشركاء دوليون على أن مهمة ضمان استدامة وقف إطلاق النار تتسم بصعوبة بالغة، إذ يواجه الاتفاق تحديات عدة تشمل التشدد السياسي والمحلي في إسرائيل، التجذر التنظيمي لحماس، وانتشار التشكيلات المسلحة المستقلة داخل القطاع.
كما أن قضايا إعادة الإعمار، الضمانات الأمنية، وآليات التحقق الدولي تظل خلايا حساسة تحتاج إلى تأطير دولي وإقليمي مدروس لتفادي عودة التصعيد