تشهد الساحة الدولية حراكًا متسارعًا تجاه تنظيم الإخوان، بعدما فتحت التحركات الأميركية الأخيرة الباب أمام دول غربية للاتجاه نحو تشديد مواقفها حيال الجماعة.

 وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية في لندن، أن الحكومة البريطانية تدرس بشكل جدي تصنيف تنظيم الإخوان على “قوائم الإرهاب”، في خطوة تُعد الأقرب منذ أعوام، خصوصًا بعد الضغوط السياسية والأمنية التي تصاعدت في الأشهر الماضية.

وبحسب المصادر، فإن دوائر داخل وزارة الداخلية البريطانية قدّمت تقارير جديدة حول نشاط عناصر ومؤسسات يُعتقد أنها مرتبطة بالجماعة تعمل داخل بريطانيا منذ سنوات، مشيرة إلى أن التقييم الأمني الجديد يركز على “طبيعة الخطاب، ومسارات التمويل، ومستوى الارتباط بالتنظيم الدولي”. 

وتأتي هذه الخطوة بعد مراجعة مطوّلة جرت منذ عام 2015، لكنها هذه المرة تسير في اتجاه أكثر صرامة نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية.

وأكدت المصادر، أن التحركات الأميركية الأخيرة -والتي تضمنت مشروع قانون يفرض رقابة مشددة وعقوبات على الجماعة- أثرت بشكل مباشر على النقاش داخل لندن، حيث يرى مسؤولون بريطانيون، أن بقاء الإخوان خارج قوائم الإرهاب “لم يعد متسقًا مع التحديات الحالية”، خاصة مع التقارير التي تربط بين نشاط مؤسسات محسوبة على التنظيم وتمويل جماعات متشددة خارج أوروبا.

وتشير المعلومات إلى أن الحكومة البريطانية تدرس عدة سيناريوهات، من بينها: إدراج كامل التنظيم على قوائم الإرهاب، أو تصنيف الجناح السياسي فقط، أو اتخاذ إجراءات مالية وتشريعية ضد المؤسسات التابعة له داخل المملكة المتحدة.

 ورغم أن القرار النهائي لم يُعلن بعد، فإن مؤشرات التصعيد باتت أوضح من أي وقت مضى.

ويرى مراقبون، أن خطوة لندن—حال اتخاذها—ستُعد نقطة تحول كبيرة في الموقف الأوروبي تجاه الإخوان، وقد تدفع دولًا أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تقييم تعاملها مع التنظيم.

 كما أنها ستؤثر على نشاط الجماعة الدولي، خاصة أن بريطانيا كانت تُعد واحدة من أهم البيئات التي تحركت فيها مؤسسات محسوبة على التنظيم خلال العقود الماضية.

أكد الدكتور إبراهيم ربيع، القيادي الإخواني المنشق والمحلل في شؤون الجماعات الإرهابية، أن التحركات الأخيرة من قبل بريطانيا لتصنيف جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب تُعد “ضربة قوية وغير مسبوقة” للجماعة على المستوى الدولي. 

وقال ربيع -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن هذه الخطوة تأتي بعد محاولات متكررة للإخوان لاستغلال البيئة الأوروبية لنشاطهم السياسي والمالي، لكنها هذه المرة تصطدم بمواقف أمنية وسياسية صارمة.

وأشار ربيع إلى أن التقرير الأمني الذي أعدته وزارة الداخلية البريطانية يُظهر حجم المخاطر التي تشكلها الجماعة، سواء عبر دعم التنظيمات المتشددة أو استغلال مؤسسات دينية واجتماعية لجمع الأموال وتمويل أنشطة خارج إطار القانون.

 وأضاف: أن التحركات الأميركية الأخيرة لعبت دورًا محوريًا في تسريع العملية داخل لندن، حيث أظهرت جدية الدول الغربية في مواجهة الإخوان، بعدما طال أمد التساهل مع الجماعة على مدى سنوات.

وأوضح ربيع، أن إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب في بريطانيا سيؤثر مباشرة على نشاطهم الدولي، خاصة في أوروبا، وسيحد من قدرتهم على التنقل المالي والسياسي، كما سيُسهم في كشف شبكات الدعم والتمويل التي اعتمدوا عليها في السابق.

 وأضاف: أن هذه الخطوة قد تشجع دولًا أوروبية أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة، ما سيضع الجماعة في مواجهة حقيقية مع القانون والمؤسسات الأمنية في الخارج.

وتوقع ربيع أن يشهد العام القادم تحركات إضافية من دول الاتحاد الأوروبي لمراجعة أوضاع الجماعة، مؤكّدًا أن الفترة القادمة “ستكون صعبة على الإخوان، وستكشف الوجه الحقيقي لنشاطاتهم الدولية”.

 وقال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية: إن التحركات الأخيرة من قبل بريطانيا لتصنيف جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب تُعد “إشارة واضحة على جدية الغرب في مواجهة التنظيمات الإرهابية الدولية”.

 وأضاف فارس -في تصريحات خاصة للعرب مباشر- أن هذه الخطوة تأتي في أعقاب التحركات الأميركية الأخيرة، مشيرًا إلى أن تنسيق المواقف بين الدول الغربية يعكس إدراكًا مشتركًا لخطورة نشاط الإخوان السياسي والمالي خارج حدود بلدانهم.

وأوضح فارس، أن التصنيف البريطاني المحتمل سيضع قيودًا صارمة على مؤسسات الإخوان في أوروبا، ويحد من قدرة الجماعة على جمع التمويل وتحريك شبكاتها الدولية، ما قد يؤدي إلى تراجع نفوذها السياسي في الدول الغربية. 

كما أشار إلى أن إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب سيتيح للسلطات الأمنية متابعة أعضاء التنظيم ومراقبة أنشطتهم بشكل أكثر فعالية، ما يُسهم في الحد من انتشار الفكر المتطرف الذي يعتمد عليه الإخوان في نشاطاتهم الدولية.