توقف بث قنوات الإخوان في إسطنبول: أسباب فنية أم تغييرات سياسية

توقف بث قنوات الإخوان في إسطنبول: أسباب فنية أم تغييرات سياسية

توقف بث قنوات الإخوان في إسطنبول: أسباب فنية أم تغييرات سياسية
قنوات الإخوان

بشكل مفاجئ، توقف بث قناتي "الشرق" و"مكملين" الفضائيتين، اللتين تُعدان من أبرز القنوات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان وتبثان من تركيا، وبينما أعلنت قناة "الشرق" أن التوقف ناتج عن مشاكل فنية، لم تقدم "مكملين" أي توضيحات حول الأمر؛ ما أثار تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الانقطاع المفاجئ.

*الأسباب المعلنة*


في بيان رسمي، أصدرت قناة "الشرق" توضيحًا لمتابعيها عبر القمر الصناعي، جاء فيه: "نعتذر لمشاهدينا الكرام عن عدم ثبات إشارة قناة الشرق على القمر الصناعي بسبب مشكلة فنية يجري علاجها".

 ورغم محاولة التخفيف من حدة الموقف من خلال توضيح أن المشكلة قيد الإصلاح، فإن التزام "مكملين" الصمت زاد من التكهنات بأن الأمر قد يكون مرتبطًا بتطورات سياسية أوسع.

*التقارب التركي المصري*


يأتي هذا التوقف في وقت حساس تشهده العلاقات المصرية التركية، حيث استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في زيارة تاريخية إلى أنقرة، تهدف إلى تعزيز المصالحة بين البلدين بعد سنوات من القطيعة، وأعرب السيسي عن سعادته البالغة بالزيارة، مشيرًا إلى الروابط التاريخية التي تجمع بين مصر وتركيا.

في هذا السياق، يتوقع أن يكون انقطاع بث القنوات الإخوانية له علاقة بالتطورات الأخيرة في العلاقات التركية المصرية، فمنذ عامين، كانت تركيا قد قررت بشكل رسمي تقييد أنشطة الإخوان الإعلامية تمهيدًا لتحسين علاقاتها مع مصر ودول الخليج.

*قيود رسمية*


قرار السلطات التركية بمنع أنشطة الإخوان الإعلامية لم يكن مفاجئًا بالكامل، في عام 2021، طلبت أنقرة من قنوات الإخوان التي تبث من إسطنبول التوقف عن انتقاد مصر ودول الخليج كجزء من جهودها لتعزيز التقارب مع هذه الدول. هذا القرار أدى إلى توقف بعض المذيعين المؤثرين، مثل معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع، عن تقديم برامجهم على القنوات والمنصات الإعلامية.

المذيع الإخواني معتز مطر أعلن حينها وقف أنشطته الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي وقناته على يوتيوب، بعد طلب رسمي من السلطات التركية.

وقد تلاه عدد من الشخصيات الإعلامية الأخرى التي تعمل لصالح جماعة الإخوان باتخاذ خطوات مماثلة، في مؤشر واضح على ضغوط متزايدة تمارسها الحكومة التركية على جماعة الإخوان وأنشطتها الإعلامية.

*محاولات لنقل الفضائيات إلى دول أخرى*


مع استمرار الضغوط على جماعة الإخوان داخل تركيا، بدأت قيادات الجماعة في بحث نقل أنشطتها الإعلامية إلى دول أخرى، رفض قادة الجماعة الامتثال الكامل لطلبات تركيا بتقييد المحتوى الموجه ضد مصر ودول الخليج، ما دفعهم للنظر في بدائل جغرافية، نقل الفضائيات قد يكون خطوة لإعادة ترتيب الأنشطة الإعلامية للجماعة في مناطق أكثر دعمًا لتوجهاتها السياسية.

*انعكاسات سياسية وإعلامية*


توقف بث قنوات "الشرق" و"مكملين" يأتي في وقت تُجري فيه تركيا تحولات كبيرة في سياساتها الخارجية، خاصة مع مصر ودول الخليج. ويبدو أن هذا التغيير في السياسة يعكس رغبة تركيا في تهدئة التوترات مع تلك الدول، حتى وإن كان ذلك على حساب السماح لجماعة الإخوان بمواصلة أنشطتها الإعلامية بحرية.

السلطات التركية تحاول تحقيق توازن بين تعزيز العلاقات مع دول إقليمية هامة مثل مصر ودول الخليج، وبين احترام التزاماتها الداخلية والدولية. وقد يكون التوقف المؤقت لبث قنوات الإخوان جزءًا من هذه الإستراتيجية، خصوصًا في ظل الظروف الحساسة للعلاقات الدولية الراهنة.