بوابة السلاح الإيراني في أفريقيا.. هل يعود السودان إلى الواجهة؟
بوابة السلاح الإيراني في أفريقيا.. هل يعود السودان إلى الواجهة؟
مع تعاظم التقارب بين السودان وإيران، تبرز تساؤلات ملحة حول التداعيات الأمنية لهذا التحالف، خصوصًا في ظل سجل طهران في دعم الجماعات المسلحة عبر قنوات تهريب السلاح، فمنذ سنوات، مثّل السودان نقطة عبور استراتيجية لشحنات الأسلحة الإيرانية الموجهة إلى مناطق النزاع في أفريقيا والشرق الأوسط، مستفيدًا من موقعه الجغرافي المتميز بين البحر الأحمر ومنطقة الساحل والصحراء، اليوم، ومع تنامي العلاقات بين الخرطوم وطهران، تزداد المخاوف من إمكانية استئناف هذه الأنشطة، مما قد يعقد المشهد الأمني في الإقليم ويدفع دول المنطقة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها تجاه السودان، فهل يتحول السودان مجددًا إلى منصة لوجستية لتدفق الأسلحة الإيرانية نحو مناطق النزاع في القارة؟ وما المخاطر التي قد تترتب على ذلك؟
*عودة النفوذ الإيراني إلى السودان*
بعد سنوات من الجفاء بين الخرطوم وطهران، شهدت الأشهر الأخيرة تقاربًا لافتًا بين البلدين، تُوّج بإعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة، ويبدو أن هذا التحول مدفوع بعدة عوامل، أبرزها، حاجة السودان إلى دعم عسكري واقتصادي، حيث يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة ونزاعات داخلية، مما يدفعه للبحث عن حلفاء يوفرون له الدعم العسكري والتقني، وهو ما تجيده إيران، بالإضافة إلى محاولة إيران توسيع نفوذها في البحر الأحمر، حيث تسعى طهران إلى تأمين موطئ قدم في السودان لتعزيز موقعها الاستراتيجي قرب الممرات البحرية المهمة.
العامل الآخر هو إعادة إحياء خطوط التهريب القديمة، وظل السودان لسنوات طريقًا رئيسيًا لعبور الأسلحة الإيرانية إلى حلفائها في اليمن، إضافة إلى دول أفريقية أخرى مثل تشاد وإثيوبيا.
*هل يستأنف السودان دوره كمعبر للأسلحة الإيرانية؟*
أثبتت تجارب سابقة تورط السودان في تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيه، حيث استخدم الحرس الثوري الإيراني البلاد كمحطة لإيصال الأسلحة إلى جماعات مسلحة، أبرزها، الحوثيون في اليمن، كان السودان أحد أهم نقاط العبور للأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، خصوصًا قبل قطع العلاقات بين الخرطوم وطهران عام 2016.
أيضًا الجماعات الموالية لإيران في أفريقيا، تشير تقارير استخباراتية أن إيران سعت إلى استخدام السودان لتزويد حلفائها في تشاد وأفريقيا الوسطى بأسلحة متطورة، وذلك بالإضافة إلى الميليشيات الإثيوبية مع تزايد التوترات في إقليم تيغراي بإثيوبيا، برزت مخاوف من احتمال استخدام السودان كنقطة عبور للأسلحة إلى الفصائل المسلحة هناك.
*تهديد مباشر*
يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلاقات الدولية: إذا عاد السودان ليكون ممرًا للأسلحة الإيرانية، فإنه سيواجه ضغوطًا إقليمية هائلة، خاصة من الدول العربية التي لن تقبل بوجود نفوذ عسكري لطهران على حدودها.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، إذا صحت التقديرات بأن السودان قد يتحول مجددًا إلى محطة لنقل الأسلحة الإيرانية، فإن ذلك سيخلق أزمة على عدة مستويات، مضيفًا أن أي دعم عسكري إيراني للخرطوم أو عبره سيضع السودان في مواجهة غير مباشرة مع دول المنطقة الكبرى التي تعتبر النفوذ الإيراني تهديدًا مباشرًا.
وأشار أن ذلك يتسبب في زيادة مخاطر التدخل العسكري، موضحًا أن هذا السيناريو قد يدفع قوى إقليمية، مثل إسرائيل، إلى شن ضربات استباقية على مخازن أو شحنات الأسلحة داخل السودان، كما حدث في الغارات الإسرائيلية على مواقع سودانية عام 2012، ودخول السودان في تحالف عسكري مع إيران قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الداخلية، خاصة أن بعض الفصائل السودانية تعارض بشدة أي تقارب مع طهران.
وأشار المنجي، أن السودان يغامر بموقعه الإقليمي إذا انحاز إلى محور إيران، خاصة أن ذلك قد يجعله عرضة للعقوبات الدولية ويزيد من عزلته الدبلوماسية، مضيفًا أن السودان يدرك أن التقارب مع طهران قد يجلب له فوائد محدودة، لكنه في المقابل قد يخسر دعم حلفاء أكثر أهمية على المدى البعيد.