حرب الصواريخ والظلال.. هل ترد طهران على الهجمات الإسرائيلية؟.. خبراء يجيبون

حرب الصواريخ والظلال.. هل ترد طهران على الهجمات الإسرائيلية؟.. خبراء يجيبون

حرب الصواريخ والظلال.. هل ترد طهران على الهجمات الإسرائيلية؟.. خبراء يجيبون
الهجوم الإسرائيلي

بعد الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع إيرانية، يبقى السؤال الأهم: ماذا بعد؟ فرغم إعلان إسرائيل انتهاء هجماتها، لا شيء يضمن أن هذه المواجهة قد طويت، أو أن الرد الإسرائيلي توقف عند حدود تلك الضربات، التصعيد الأخير يكشف عن معركة قد تكون متعددة المراحل، حيث تتداخل العوامل السياسية والعسكرية بشكل معقد؛ مما يعزز التكهنات بأن المرحلة القادمة قد تحمل مفاجآت جديدة.

 

في الساعات الأولى من فجر السبت، نفذت إسرائيل ضربات جوية استهدفت منشآت صاروخية وبطاريات دفاع جوي داخل الأراضي الإيرانية، مؤكدة أنها جاءت كردّ على الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران على أهداف إسرائيلية خلال الفترة الماضية، في المقابل، وصفت طهران الهجمات بأنها ألحقت أضراراً محدودة، مشددة على أن منظومة دفاعها الجوي تصدت بنجاح للعدوان.

 

*تصعيد متعدد الخطوات*

اللواء المتقاعد جيمس ماركس، وهو محلل عسكري أمريكي بارز، يرى أن الهجوم الإسرائيلي الأخير لا يُعتبر نهاية المطاف، في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "سي إن إن"، قال ماركس: إن هذه الضربات تشكل "خطوة أولى" في رد إسرائيلي متعدد المراحل، مشيراً إلى أن الهدف من الضربة لم يكن المصافي النفطية أو المنشآت النووية مباشرة، بل البنية التحتية التي تدير عملية اتخاذ القرار داخل إيران.

 

وفقاً لماركس، فإن الاستراتيجية الإسرائيلية تستهدف بشكل رئيسي تقويض قدرة القيادة الإيرانية على إدارة وتوجيه العمليات العسكرية، حيث أضاف: "ربما تستهدف إسرائيل الآن أبراج الاتصالات وأجهزة القيادة والسيطرة، مما سيحد من قدرة إيران على اتخاذ القرارات بفاعلية".

 

بعد ذلك، قد تواصل إسرائيل استهداف الدفاعات الجوية الإيرانية، وصولاً إلى الأهداف الأكثر حيوية كالمواقع النووية أو المنشآت العسكرية الكبيرة.

*الضربات الإسرائيلية ورد إيران*

جاءت هذه الضربات الجوية بعد أن تعهدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي البالستي الإيراني الذي استهدفها مطلع أكتوبر الجاري، وتعتبر هذه المرة الثانية التي تتعرض فيها إسرائيل لهجوم إيراني خلال هذا العام، حيث سبقه هجوم مماثل في أبريل.

 

في المقابل، أكدت إيران تعرضها للهجوم، لكنها أشارت إلى أن الأضرار كانت محدودة، حيث نجحت منظومة الدفاع الجوي الإيرانية في اعتراض العديد من الصواريخ الإسرائيلية، ورغم أن طهران لم تقدم تفاصيل كاملة حول المواقع المستهدفة، إلا أنها نفت مزاعم عن استهداف 20 موقعاً عسكرياً، موضحة أن الأهداف كانت أقل بكثير.

 

*تحركات ميدانية*

من جانبهم، يرى مراقبون أنه لا يمكن فصل التصعيد العسكري الحالي بين إسرائيل وإيران عن السياق الإقليمي والدولي الأوسع، فالتوترات المتصاعدة بين الطرفين تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة حروبًا باردة وتنافسًا على النفوذ، إسرائيل، التي لطالما اعتبرت البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً، تبدو اليوم أكثر استعداداً للقيام بضربات استباقية في محاولة لتقويض القدرات الإيرانية قبل أن تصبح أكثر خطورة.

 

التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن الضربات الإسرائيلية استهدفت مواقع ذات أهمية استراتيجية، مثل مصانع الصواريخ التي تزود الفصائل الحليفة لإيران في لبنان وغزة، إضافة إلى ذلك، يبدو أن تل أبيب تعمدت توجيه هذه الضربات كرسالة واضحة إلى طهران، مفادها أن التصعيد لن يقتصر على الدفاع فقط بل سيتعداه إلى الهجوم على عمق الأراضي الإيرانية.

 

وأضاف مراقبون، أن في ضوء هذه التطورات، من المتوقع أن تظل المنطقة على صفيح ساخن، فإيران قد تكون مضطرة إلى الرد على الضربات الإسرائيلية بشكل أو بآخر، وربما تسعى إلى تصعيد غير مباشر من خلال دعم حلفائها في المنطقة، أما إسرائيل، فمن المرجح أن تواصل استراتيجيتها القائمة على الضربات الوقائية لضمان عدم تطوير إيران لقدراتها النووية والصاروخية بشكل يشكل تهديداً مباشراً.

 

إضافة إلى ذلك، قد نشهد تحركات دبلوماسية على الساحة الدولية، حيث قد تحاول الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا التدخل لتهدئة التصعيد، خاصة مع القلق المتزايد من أن يتحول الصراع إلى حرب إقليمية شاملة.

*ما الجديد في آخر 24 ساعة؟*

في الساعات الأخيرة، أفادت تقارير إعلامية بأن إسرائيل رفعت مستوى التأهب على الحدود الشمالية مع لبنان تحسباً لأي رد من حزب الله، كما تحدثت وسائل إعلام إيرانية عن استنفار أمني في طهران ومناطق أخرى داخل البلاد، وسط مخاوف من تكرار الضربات الإسرائيلية.

 

على الصعيد السياسي، أعلنت الولايات المتحدة أنها تتابع التطورات عن كثب، وحذرت من أن أي تصعيد إضافي قد يؤثر سلباً على استقرار المنطقة، من جهة أخرى، تسعى روسيا للعب دور الوسيط بين الطرفين لتجنب أي تصعيد قد يؤثر على مصالحها في الشرق الأوسط.

 

*رد إيران لن يكون مباشرًا*

من جانبه، يقول محمد خيرت، باحث في الشؤون الإيرانية: إن الهجمات الإسرائيلية على إيران تمثل جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تسعى من خلالها إسرائيل لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

وأوضح خيرت في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن إيران تواجه ضغوطًا متعددة الأبعاد سواء من الداخل أو الخارج، مما يجعل موقفها الدفاعي أكثر تعقيدًا، من جهة، تعاني إيران من مشاكل اقتصادية كبيرة بفعل العقوبات الغربية، ومن جهة أخرى، تخوض حروبًا غير مباشرة من خلال وكلائها في دول مثل لبنان، سوريا، واليمن.

 

وأضاف الباحث في الشؤون الإيرانية، أن الرد الإيراني المحتمل على الضربات الإسرائيلية لن يكون مباشرًا، بل سيكون من خلال تصعيد في مناطق النفوذ الإيراني، خاصة عبر دعم حلفائها في العراق، اليمن، ولبنان، مشيرًا إلى أن طهران قد تتجنب مواجهة عسكرية مباشرة في هذه المرحلة، لكنها ستسعى لإرسال رسالة قوية لإسرائيل والمجتمع الدولي بأنها ما تزال قوة لا يُستهان بها.

 

ويضيف: "إيران ستواصل تعزيز قدراتها الصاروخية، وتحسين دفاعاتها الجوية لتكون أكثر استعدادًا لأي مواجهات مستقبلية".

 

 في النهاية، يرى خيرت، أن هذا التصعيد يضع المنطقة على حافة مواجهات أكبر، لكنه لا يستبعد أن تلجأ إيران إلى القنوات الدبلوماسية لتهدئة الوضع إذا زادت الضغوط الدولية.

 

*تقويض الطموحات العسكرية*

في السياق ذاته، يقول د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية: إن التصعيد بين إسرائيل وإيران لا يمكن فهمه دون النظر إلى الأبعاد السياسية الإقليمية والدولية المحيطة به، مضيفًا، أن كلا البلدين يسعيان لتعزيز نفوذهما في المنطقة، ويعتبر التصعيد العسكري وسيلة لتحقيق أهداف سياسية أكبر.

 

وتابع فهمي في تصريحات لـ"العرب مباشر"، بالنسبة لإسرائيل، يمثل البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا يجب التصدي له بكل الوسائل المتاحة، وهو ما يفسر الضربات الجوية الاستباقية على المنشآت الإيرانية، موضحًا، أن من المرجح أن تستمر إسرائيل في استخدام هذه الاستراتيجية، لأنها تعتبرها الأكثر فعالية في تقويض الطموحات العسكرية لإيران"، كما يشير إلى أن هذه الهجمات تمثل اختبارًا للعلاقات الدولية، خاصة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تسعى واشنطن إلى دعم تل أبيب بشكل غير مباشر، بينما تلعب موسكو دورًا محوريًا في تهدئة التوترات في المنطقة.

 

يرى فهمي، أن التصعيد الحالي قد يدفع إلى مبادرات دبلوماسية جديدة، خاصة إذا تدخلت القوى الكبرى كوسطاء لاحتواء الأزمة.