نعيم قاسم يتوعد بمعركة كربلائية.. وخبراء: الحرب الأهلية وهمٌ للتخويف
نعيم قاسم يتوعد بمعركة كربلائية.. وخبراء: الحرب الأهلية وهمٌ للتخويف

دخلت الأزمة اللبنانية مرحلة أكثر تعقيدًا بعد أن أعلن الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، رفض حزبه تسليم سلاح المقاومة، متهمًا الحكومة بخدمة المشروع الإسرائيلي عبر قرارها «حصر السلاح» بيد الدولة.
وفي خطاب متلفز من مدينة بعلبك، وجّه قاسم رسائل شديدة اللهجة، متوعدًا بخوض ما وصفه بـ«معركة كربلائية» في مواجهة أي محاولة تستهدف سلاح الحزب.
قاسم اعتبر أن «قرار الحكومة خطير ويعرض البلاد لأزمة كبيرة ويناقض ميثاق العيش المشترك»، مشددًا على أنه يجرد المقاومة ولبنان من سلاحهما الدفاعي في مواجهة أي عدوان، ويُسهّل – بحسب قوله – «قتل المقاومين وطردهم من أرضهم، تنفيذًا لإملاءات أمريكية ـ إسرائيلية».
وأضاف: «لا سيادة في لبنان إلا وهي مشفوعة بالمقاومة التي حررت القرار السيادي».
كما حمّل الأمين العام لحزب الله الحكومة اللبنانية «المسؤولية الكاملة عن أي انفجار داخلي أو خراب يصيب البلاد»، لافتًا أن دورها هو «تأمين الاستقرار وإعادة إعمار لبنان، لا تسليمه لإسرائيل الطامعة أو الولايات المتحدة الطاغية». وأشار إلى أن الحزب أجّل أي تحركات احتجاجية بانتظار فسحة للحوار مع الحكومة.
*تصعيد حزب الله ضد قرار شارك في صياغته*
من جانبه، علّق الكاتب والمحلل السياسي محمد الرز، قائلًا: إن مواقف نعيم قاسم بدت غريبة حيال قضية حصرية السلاح بيد الدولة، حيث صوّرها وكأنها مسألة جديدة، بينما هي منصوص عليها منذ اتفاق الطائف عام 1987، كما وردت في خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، وفي البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام التي شارك حزب الله نفسه في صياغتها.
وأشار الرز -في حديثه للعرب مباشر-، إلى أن الحزب لم يسجل أي اعتراض في تلك المراحل، بل أعلن وقتها أنه يعمل تحت سقف الدولة والدستور. المفاجأة – بحسب قوله – أن الحزب صعّد موقفه اليوم إلى أقصى الحدود واعتبر القرار استجابة للضغوط الأميركية والإسرائيلية، ملوحًا بالحرب الأهلية و«قلب الطاولة فوق رؤوس اللبنانيين».
وأضاف الرز، أن حزب الله لم يعترض أيضًا على الورقة التي قدمتها الحكومة للوسيط الأميركي توم براك، والتي نصّت على انسحاب إسرائيل من التلال اللبنانية المحتلة ووقف اعتداءاتها وإعادة الأسرى، إضافة إلى حصر السلاح بيد القوى الشرعية. لكن الحزب فجّر الأزمة عندما تبنّت واشنطن الورقة نفسها مع تغيير الترتيب، ليصبح نزع السلاح أولًا، ثم انسحاب إسرائيل ثانيًا.
ورأى أن خلفيات التصعيد تتصل بالمفاوضات الأميركية – الإيرانية، مشيرًا إلى أن الخيارات أمام حزب الله ثلاثة: المضي بالتصعيد حتى النهاية رغم غياب طرف داخلي مقابل، أو تراجع الحكومة وهو غير وارد، أو اللجوء إلى خطة يضعها الجيش اللبناني قريبًا لتُطبق تدريجيًا مع التزامات إسرائيلية مقابلة، وهذا هو الاحتمال المرجّح.
*التهويل بالحرب الأهلية غير واقعي*
أما شارل جبور، المسؤول الإعلامي في حزب القوات اللبنانية، فاستبعد كليًا فرضية اندلاع حرب أهلية جديدة، معتبرًا أن الوضع الحالي يختلف جذريًا عن مرحلة الحرب الأهلية السابقة التي كانت نزاعًا داخليًا طائفيًا.
وأوضح، أن «المشكلة اليوم ليست بين اللبنانيين، بل مع حزب مسلح يرفض تسليم سلاحه للدولة اللبنانية».
وأكد جبور، أن الدولة اللبنانية الآن قائمة فعلًا وتسعى لبسط سلطتها على كامل الأراضي بإمكاناتها الذاتية، بخلاف الوضع عشية اندلاع الحرب الأهلية حيث كانت الدولة مفككة.
وأضاف، أن الخلاف الراهن ليس نزاعًا لبنانيًا – لبنانيًا، بل مواجهة بين اللبنانيين من جهة، وفريق يمثل الذراع الإيرانية في لبنان من جهة أخرى، يتمسك بسلاح غير شرعي منذ 35 عامًا في مخالفة واضحة للدستور.
واعتبر أن كل حديث عن حرب أهلية هدفه التخويف، مشددًا على أن الدولة اللبنانية اتخذت قرارها بنزع السلاح غير الشرعي وهي ماضية فيه.
وختم قائلًا: «اليوم حزب الله في مواجهة مباشرة مع الدولة اللبنانية، وكل المعطيات تشير إلى أن الأمور تسير نحو تنفيذ الخطة الموضوعة».
*ملف سلاح حزب الله بين الطائف والسيادة*
قضية سلاح حزب الله تُعد من أبرز القضايا الخلافية في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 وتوقيع اتفاق الطائف، الذي نصّ بوضوح على حلّ جميع الميليشيات وتسليم سلاحها إلى الدولة.
غير أن حزب الله استثني حينها تحت شعار «المقاومة» ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما جعل سلاحه يأخذ بعدًا سياسيًا وأمنيًا معقدًا.
منذ تحرير الجنوب عام 2000، ثم حرب يوليو 2006، تحوّل السلاح إلى محور جدل داخلي واسع بين من يعتبره عنصر قوة في مواجهة إسرائيل، ومن يراه عامل انقسام يهدد سيادة الدولة اللبنانية.
وقد تكررت محاولات إدراج بند «حصر السلاح» ضمن البيانات الوزارية وخطط الحوار الوطني، لكنها بقيت معلّقة بسبب رفض الحزب التخلي عنه.
اليوم، ومع القرار الحكومي الأخير بالمضي نحو حصرية السلاح بيد القوى الشرعية، عادت القضية إلى الواجهة بأعلى درجات التوتر، وسط تخوفات من انفجار داخلي، مقابل دعوات دولية وإقليمية لإعلاء سلطة الدولة وتثبيت الاستقرار.