تصاعدت الأزمة الإنسانية في اليمن بشكل غير مسبوق، حيث تحولت الدولة التي كانت تعرف تاريخيًا بـ"اليمن السعيد" إلى ساحة صراع وأزمة مستمرة نتيجة سيطرة جماعة الحوثي على مساحات واسعة من البلاد. الحوثيون، الذين بدأوا كحركة سياسية ومسلحة في شمال اليمن، أصبحوا اليوم مسؤولين عن تدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لليمن، ما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة وخنق جهود التنمية.

وتعمل الجماعة على تقويض أي تقدم كان يتحقق في البلاد، سواء على صعيد الاقتصاد أو التعليم أو الصحة. فقد فرض الحوثيون سيطرتهم على موانئ رئيسية مثل الحديدة، وأوقفوا المشاريع الإنسانية والتنموية، ما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، خصوصًا في مناطق الساحل الغربي والداخلية التي تسيطر عليها الجماعة.

يستغل الحوثيين الصراعات السياسية لصالحهم، ويحوّلون الموارد إلى أيديهم بشكل كامل، ما يحرم السكان المحليين من الخدمات الأساسية. ومن أبرز التداعيات الإنسانية، نزوح ملايين اليمنيين من مناطقهم الأصلية، وانتشار الأمراض والأوبئة بسبب انعدام الرعاية الصحية الأساسية.

الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية دقت ناقوس الخطر مرارًا حول هذا الوضع، محذرة من أن استمرار سيطرة الحوثيين على مناطق كبيرة سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، ويفاقم من أزمة الفقر والمجاعة.

ويؤكد خبراء أن اليمن بحاجة إلى تدخل سياسي دولي عاجل وإيجاد حلول عملية لإجبار الحوثيين على الالتزام بالاتفاقيات الإنسانية والسياسية، وإعادة تشغيل مؤسسات الدولة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وإيقاف الدمار الذي طال كل جوانب الحياة في البلاد.

وقال المحلل السياسي اليمني وضاح بن عطية: إن الوضع في اليمن وصل إلى نقطة حرجة نتيجة سيطرة جماعة الحوثي على مساحات واسعة من البلاد، مشيرًا إلى أن الحوثيين لا يقتصرون على الحرب العسكرية فحسب، بل يسعون إلى تدمير أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي تحقق في السنوات الماضية.

وأضاف بن عطية - في تصريح خاص لـ"العرب مباشر" - أن "اليمن السعيد الذي كان معروفًا بتاريخه الحضاري وثرواته الطبيعية، أصبح اليوم يعاني من أزمة إنسانية خانقة بسبب سياسات الحوثيين التي تركز على السيطرة المطلقة على الموارد وحرمان المواطنين من أبسط الخدمات".

وأكد المحلل اليمني أن الجماعة قامت بإيقاف المشاريع التنموية وإعاقة جهود الإغاثة الدولية، مما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء والمياه النظيفة والأدوية في مختلف المناطق، خصوصًا في المحافظات التي تخضع لسيطرتهم مثل الحديدة وصعدة.

وأشار بن عطيه إلى أن الحوثيين يستخدمون الصراع السياسي كأداة لفرض سيطرتهم، ويمارسون انتهاكات واسعة ضد المدنيين تشمل مصادرة المساعدات الإنسانية وفرض قيود على حرية التعبير والتنقل، مؤكدًا أن استمرار هذا الوضع سيزيد من معاناة الشعب اليمني ويؤخر أي فرصة لحل سياسي شامل يضمن استقرار البلاد.
وأكد أن الحل يبدأ بضغط دولي لإجبار الحوثيين على الالتزام بالاتفاقيات الإنسانية والسياسية، وإعادة تشغيل مؤسسات الدولة، لضمان وصول الخدمات الأساسية إلى المواطنين ومنع المزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.