محلل سياسي فلسطيني: زيارة رئيس المخابرات المصرية لإسرائيل تعيد الزخم لملف إعمار غزة وتختبر جدية الأطراف

محلل سياسي فلسطيني: زيارة رئيس المخابرات المصرية لإسرائيل تعيد الزخم لملف إعمار غزة وتختبر جدية الأطراف

محلل سياسي فلسطيني: زيارة رئيس المخابرات المصرية لإسرائيل تعيد الزخم لملف إعمار غزة وتختبر جدية الأطراف
وقف حرب غزة

في خطوة سياسية وأمنية لافتة، قام رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية بزيارة رسمية إلى إسرائيل تهدف إلى تثبيت بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ، وتهيئة الأطر الإقليمية والدولية اللازمة لانطلاق عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

الزيارة تضع القاهرة في مركز الوساطة والتنسيق بين الأطراف الفاعلة، لكنها تضعها أيضًا أمام تحديات كبيرة تتعلق بتمويل الإعمار، ضبط الآليات الأمنية، وإدارة الملف السياسي الداخلي في غزة بعد الحرب.

الأهداف الأساسية للزيارة


الزيارة حملت ثلاثة أبعاد رئيسية: أولاً، تأكيد آليات مراقبة وقف إطلاق النار وضمان عدم تجدد التصعيد؛ ثانيًا، التنسيق على فتح وتسيير المعابر لإدخال المساعدات والمواد الإنشائية؛ ثالثًا، الاتفاق على أطر أولية لعملية إعادة الإعمار تشمل جدول مراحل تمويل وتنفيذ وإشراف دولي وإقليمي.


القاهرة تسعى عبر هذه الحركة إلى تحويل اتفاق شرم الشيخ من تفاهم مؤقت إلى آلية قابلة للتطبيق على الأرض، مع ضمان دور مصري فعال في إدارة فترات الانتقال.

خريطة إعادة الإعمار


خطة إعادة الإعمار التي باتت موضوع نقاش إقليمي ودولي تتضمن مراحل زمنية واضحة: مرحلة إنقاذ وإغاثة عاجلة، مرحلة إعادة تأهيل الخدمات الأساسية (كهرباء ومياه وصحة)، ثم مرحلة إعادة بناء واسع للمساكن والبنى التحتية والاقتصاد المحلي. التقديرات الأولية لاحتياجات الإعمار تتراوح بمئات الملايين إلى عشرات المليارات على مدى سنوات، مع تأكيد على ضرورة ربط التمويل بآليات رقابية شفافة لتلافي تحويل المساعدات إلى أطر مسلحة أو فساد إداري.

العناصر الأمنية والسياسية الحاسمة


أحد أكبر عقبات الإعمار هو البعد الأمني: إسرائيل تضع شروطًا ترتكز على ضمانات أمنية جدية قبل السماح بتدفق كبير للمواد الإنشائية، بينما الفصائل الفلسطينية تؤكد ضرورة أن تُرافق إعادة الإعمار استعادة مؤسسات مدنية وخدمات أساسية دون اشتراطات تهدف إلى تقويض السلطة المدنية المحلية.


القاهرة تضطلع بدور مفاوض لتقريب وجهات النظر عبر آليات رقابة مشتركة، ومقترحات لتشكيل لجان مراقبة دولية - إقليمية تشرف على دخول المواد ومراحل التنفيذ.

قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور فايز المسري: إن زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية إلى إسرائيل تمثل نقطة تحول مهمة في مسار تثبيت اتفاق شرم الشيخ، وتفتح الباب أمام عودة الزخم إلى ملف إعادة إعمار قطاع غزة بعد شهور من الجمود والتصعيد.

وأوضح المسري لـ"العرب مباشر"، أن القاهرة تتحرك في توقيت حساس لتأكيد دورها كوسيط رئيسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مشيرًا إلى أن نجاح الزيارة يعتمد على قدرة مصر في تحقيق توازن دقيق بين المتطلبات الأمنية التي تطرحها إسرائيل، وحق الفلسطينيين في إعادة بناء مؤسساتهم المدنية داخل القطاع.

وأضاف: أن زيارة المسؤول المصري تأتي في ظل حاجة ملحة لتفعيل مسار الإعمار، الذي لم يتجاوز حتى الآن المباحثات السياسية والدعم اللفظي، رغم الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب الأخيرة. وشدد على أن تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم هو المدخل الأساسي لأي عملية إعمار حقيقية.

وأشار المسري إلى أن الملف لا يتعلق فقط بإعادة بناء البيوت والمرافق المدمرة، بل بإعادة بناء الثقة بين الأطراف، وتوحيد الرؤية الفلسطينية حول آلية إدارة الأموال والمشروعات، حتى لا يتحول الإعمار إلى أداة لتعميق الانقسام الداخلي أو تحقيق مكاسب سياسية مؤقتة.

وأكد، أن مصر تمتلك أدوات ضغط وعلاقات إقليمية تمكّنها من دفع الأطراف نحو الالتزام ببنود اتفاق شرم الشيخ، لكنه حذّر من أن أي تأخير في إطلاق مشاريع الإعمار أو استمرار القيود على دخول المواد سيؤدي إلى تصاعد الغضب الشعبي وإضعاف فرص الاستقرار.

وختم المحلل السياسي الفلسطيني تصريحه بالتأكيد على أن نجاح الجهود المصرية سيكون اختبارًا حقيقيًا لإرادة المجتمع الدولي في تحويل الهدنة إلى سلام مستدام، وإعادة إعمار غزة بوصفها قضية إنسانية وسياسية في آن واحد، لا تحتمل المزيد من المراوغة أو المماطلة.