مراوغات تركية.. ما الهدف الحقيقيّ وراء محاولات تركيا للتهدئة مع الدول العربية؟.. خبراء يجيبون
تسعي تركيا للتهدئة مع الدول العربية
يسعى النظام التركي لتخفيف حالة العداء مع الدول العربية التي اتخذها النظام بعد أحداث الربيع العربي في 2011، ويسعى أردوغان بقوة للتقارب مع الدول العربية وتغيير سياسته تجاه عدد من البلدان بما فيهم مصر وليبيا وسوريا بعد أن تكبد الاقتصاد التركي خسائر فادحة وبات النظام التركي يعيش عزلة عربية بشكل كبير.
إذابة الجليد
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد أن الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا أصبح أمرًا ضروريًا، مؤكدًا أن الشعب السوري شعب - شقيق - وأن تركيا تولي أهمية لوحدة أراضيهم، مؤكدًا أن تركيا تتحمل العبء الأكبر في قضية اللاجئين حيث تستضيف قرابة 4 ملايين لاجئ سوري. وأضاف متسائلاً:" لماذا نستضيف هذا العدد من اللاجئين، هل لكي نظل في حالة حرب باستمرار مع النظام (السوري)؟ لا، بل بسبب روابطنا مع الشعب السوري ولا سيما من حيث قيم العقيدة، والمرحلة المقبلة ستحمل الخير أكثر، مؤكدًا عودة الحوار مع النظام السوري للوصول إلى حلول أكثر سرعة لتهدئة الأوضاع، وضرب الرئيس التركي مثلاً بمصر قائلاً لا يمكن التخلي عن الحوار السياسي والدبلوماسية مهما تعقدت الأوضاع قائلاً إن العلاقات مع مصر تتواصل على صعيد منخفض وعلى مستوى الوزراء مؤكدًا صعوبة الاستغناء عن العمل الدبلوماسي بشكل تامّ.
وبعد قطيعة دامت 11 عامًا بين الجارتين، كشفت وسائل إعلام تركية عن خطوات جدية يتخذها النظام التركي لإذابة الجليد عن العلاقات السورية التركية، مشيرة إلى اشتراطات متبادلة بين دمشق وأنقرة لعودة العلاقات بين البلدين، وقالت الصحيفة: إن سوريا وضعت خمسة شروط لعودة العلاقات مع تركيا وهي: إعادة محافظة إدلب ومعبري كسب وجليفا إلى إدارة الحكومة، أما الشرط الثاني فهو إخضاع الممر التجاري بين جليفا غوزو ودمشق لإدارة الحكومة، والشرط الثالث، بدعم تركيا لسوريا فيما يتعلق بالعقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على دمشق، أما الشرط الرابع فهو متعلق بالتعاون التركي مع الحكومة السورية للقضاء على الإرهاب، وإعادة النفط السوري إلى دمشق، بالمقابل، كشفت الصحيفة عن شروط تركية مقابل عودة العلاقات مع دمشق، تمثلت بـ"تطهير سوريا من عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي"، والقضاء على "تهديد الإرهاب على الحدود التركية بشكل تام"، وتضمنت الشروط، عمل دمشق على استكمال عملية الدمج السياسي والعسكري مع المعارضة، واعتماد حمص ودمشق وحلب، لتنفيذ خطة العودة الآمنة للسوريين، أما الشرط الأخير فتمثل، بـ"تطبيق الحكومة السورية لمسار جنيف، وكتابة دستور ديمقراطي وإجراء انتخابات حرة."
مراوغات تركية
من جانبه، يرى يعرب خيربك، المحلل السياسي السوري، أن ما يحدث الآن من الجانب التركي ليس بجديد، مؤكدًا أن تصريحات النظام التركي بإعادة الحوار مع دمشق والسعي لتنسيق أمني على الأقل أمر متكرر، ودار سابقًا وتم نفيه من قبل الخارجية السورية.
وأضاف خيربك في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن هناك تصريحات على ثلاثة مستويات تركية دون رد فعل سوري على تلك التصريحات، وهذا ما يؤكد أن سوريا لا تزال ترى أن تلك التصريحات مجرد مراوغات تركية، مشيرًا إلى أن سوريا سبق وأعلنت أنها تنتظر أعمالاً وليس تصريحات إعلامية من الجانب التركي، خاصة أن النظام التركي يحتل مساحات من سوريا ويدعم مجموعات مسلحة إرهابية في شمال وشرق سوريا ويرتكب جرائم في حق السوريين.
وأوضح خيربك أن الوضع اليوم بعد الاجتماع الأخير بين الروس والأتراك والإيرانيين كان لإيجاد نقاط مشتركة فقط لإعادة إدارة صراع وليس لإيجاد حل أبدا لأن الوضع مختلف وصعب إيجاد حلول على المدى القريب، لافتًا إلى ظهور بعض الشائعات عن مطالب سورية ومطالب تركية للجلوس على الطاولة وكل هذه التسريبات غير دقيقة أبدًا وإن كانت دقيقة فجميعها مرفوضة من قِبل الطرفين لأن الجانب السوري لا يستطيع تنفيذ ما ورد من طلبات تركيا، وكذلك الجانب التركي لا يقدر على تنفيذ المطالب السورية، لذا كل ما يحدث محاولات لتخفيض مستوى أو منسوب العداء بين سوريا وتركيا للتفرغ لمشاكل أخرى داخلية مثل اقتراب موعد الانتخابات التركية.
مخططات تركيا مستمرة
في السياق ذاته، أكد طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية أن مخططات تركيا مع سوريا لن تتوقف وهذه المخططات ليست للتمركز في المناطق السورية وتحديدا مناطق التماسّ من الشمال للشمال الشرقي، والقيام بعمليات دورية والتهديد بالعملية الشاملة بمعني أن يكون هناك حسم للخيار التركي في سوريا.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"، أن الأزمة مرتبطة بعدة أمور، ومنها تحوُّل الدور التركي من مجرد التأمين لمناطق التماس إلى هدف إستراتيجي للبقاء في هذه المناطق وإعادة تمركزها وانتشارها في اتجاه وطول الشريط المباشر مع تركيا، موضحًا أنه لا يوجد ما يمنع تركيا عن تنفيذ مخططها في ظل عزوف الولايات المتحدة عن تحديد أي مساحة للتعامل مع الأزمة.
وتابع فهمي، تصميم الرئيس التركي على مخططه في سوريا لحجز مكان له في الترتيبات الأمنية والإستراتيجية المقبلة على اعتبار أن مخطط التقسيم قائم ومستمر وناجح بصورة أو بأخرى، لافتًا إلى أنه يعتقد أن المشكلة بين أنقرة وسوريا مستمرة وأبعادها دولية وإقليمية ولها أطراف عدة وتنتقل من الجزء السياسي والإستراتيجي إلى الجزء الخاص بالترتيبات الأمنية الشاملة في سوريا ولا تقتصر فقط على تأمين المصالح العليا لتركيا في شمال شرق سوريا أو مناطق التماسّ وإنما تمتدّ للترتيبات الأمنية الدائمة والمستمرة في هذا السياق.