سوريا بين نار الصراع وأمل العودة.. هل يتحقق حلم اللاجئين؟.. خبراء يجيبون
سوريا بين نار الصراع وأمل العودة.. هل يتحقق حلم اللاجئين؟.. خبراء يجيبون
تمر سوريا بمرحلة حرجة تهدد حاضرها ومستقبلها، في ظل تصعيد عسكري متسارع وأزمات اقتصادية خانقة، ومع سقوط نظام الأسد، تجدد الحديث عن مصير ملايين اللاجئين السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة وطنهم هربًا من ويلات الحرب، وسط تساؤلات عن قدرة المتغيرات الحالية على منح اللاجئين فرصة للعودة إلى ديارهم، أم أن شبح النزوح والمخاطر الاقتصادية سيظل يطاردهم.
*الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية*
حذر المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، من خطورة أي تصعيد عسكري جديد، مؤكدًا أن الوضع الحالي إذا شهد أي تصعيدات عسكرية ستصبح سببًا في زيادة موجات النزوح الجماعي.
وشدد بيدرسن على أهمية التحرك السريع لخفض التصعيد لتجنب كارثة إنسانية واسعة النطاق، حيث يعاني السكان في الداخل من أوضاع معيشية متدهورة.
بحسب تقارير أممية، يُعد السوريون أكبر شريحة من اللاجئين في العالم، إذ تجاوز عددهم ستة ملايين شخص، موزعين بين دول الجوار وأوروبا.
*تصعيد عسكري ومعارك حاسمة*
خلال الأسابيع الأخيرة، شهدت سوريا تصعيدًا دراماتيكيًا في المعارك، تمكنت المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، من السيطرة على حلب، وتقدمت بسرعة نحو حماة وحمص، وسط معارك طاحنة أسفرت في النهاية عن سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشّار الأسد.
من جانبه، قال سامر عبد الجابر، مدير برنامج الغذاء العالمي: إن هذه المعارك أدت إلى نزوح أكثر من 280 ألف شخص خلال أسبوعين فقط، ومن المتوقع أن يُجبر أكثر من 1.5 مليون شخص على الفرار إذا استمر الوضع على حاله.
*معوقات أمام عودة اللاجئين*
مع أنهيار النظام السوري، باتت عودة اللاجئين قضية مطروحة بشدة، إذ يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن نجاح المعارضة في إسقاط حكم بشار الأسد قد يُشجع بعض اللاجئين في تركيا على العودة، إلا إن كثيرين يعبرون عن مخاوفهم من الاضطرابات المستمرة.
ويرى جوليان بارنز-دايسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن سقوط النظام قد يفتح الباب أمام تسوية سياسية، لكن الفساد الداخلي والعقوبات الدولية يقفان عقبة أمام أي استقرار محتمل.
ومع تقليص الدول المجاورة قدرتها على استقبال المزيد من اللاجئين، يُرجح أن تزداد محاولات الهجرة إلى أوروبا، رغم مخاطر عبور البحر.
*خيارًا صعبًا*
من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن الحديث عن عودة اللاجئين السوريين في ظل الأوضاع الراهنة يواجه عدة معوقات رئيسية، أبرزها عدم وجود ضمانات حقيقية للاستقرار السياسي والأمني.
ويشير المنجي في حديثه إلى "العرب مباشر"، أن سقوط نظام الأسد يمثل تحولًا كبيرًا في المشهد السوري، لكنه لا يعني بالضرورة نهاية الصراع، حيث تبرز مخاطر الصراعات بين الفصائل المعارضة نفسها أو احتمال تدخلات خارجية.
وأضاف المنجي، أن البنية التحتية المدمرة والاقتصاد المتهاوي يجعل العودة خيارًا صعبًا للكثيرين، خصوصًا أن إعادة الإعمار تتطلب جهودًا دولية هائلة قد تصطدم بالخلافات السياسية والإقليمية، مضيفًا، عودة اللاجئين تتطلب بيئة مستقرة وآمنة، وإطارًا سياسيًا واضحًا يعيد الثقة للسوريين الذين فقدوا كل شيء بسبب الحرب. بدون هذه الضمانات، سيظل خيار العودة بعيد المنال، على حد قوله.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن الأولوية الآن يجب أن تركز على تحقيق توافق دولي لإطلاق عملية إعادة إعمار شاملة، بالتزامن مع ضمانات حقوقية وأمنية تمنح اللاجئين شعورًا بالأمان لإعادة بناء حياتهم داخل سوريا.
*توفير ضمانات*
في السياق ذاته، يقول الدكتور أيمن زهري الخبير في دراسات السكان والهجرة: إن عودة اللاجئين السوريين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحسين الأوضاع الاقتصادية في الداخل السوري، بجانب توفير ضمانات لعدم تجدد العنف.
وأضاف زهري لـ"العرب مباشر"، أن معظم اللاجئين يشعرون بأن سوريا لم تعد وطنًا آمنًا بسبب سنوات الحرب الطويلة التي دمرت المدن وشردت العائلات.
" حتى مع سقوط نظام الأسد، لا يمكننا إغفال المخاوف المرتبطة بانعدام الاستقرار في المناطق التي باتت تحت سيطرة المعارضة، مضيفًا: التحديات التي تواجه اللاجئين تشمل أيضًا صعوبة استعادة ممتلكاتهم، وإعادة بناء منازلهم، بجانب التحديات النفسية والاجتماعية"، وفق ما يقول زهري.
وأكدت زهري، أن الدول المستضيفة للاجئين يجب أن تساهم في إيجاد حلول دائمة عبر دعم مشروعات إعادة الإعمار، مع تقديم ضمانات لعودة طوعية وآمنة تحترم كرامة اللاجئين.
وأضاف: "بدون دعم دولي شامل، سيظل عبء النزوح قائمًا، وقد يزداد سوءًا مع تصاعد التوترات في المنطقة".