الرياض وباريس على الخط الأممي.. مؤتمر لحسم حل الدولتين

الرياض وباريس على الخط الأممي.. مؤتمر لحسم حل الدولتين

الرياض وباريس على الخط الأممي.. مؤتمر لحسم حل الدولتين
ولي العهد السعودي ورئيس فرنسا

في لحظة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، تنطلق اليوم أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول تسوية النزاع الفلسطيني، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وسط حضور دبلوماسي واسع في الأمم المتحدة.

يهدف هذا المؤتمر إلى تحويل المبادرات السياسية إلى خطوات عملية تدفع نحو الاعتراف الدولي الكامل بدولة فلسطين، وتثبيت حل الدولتين كمسار وحيد ممكن لتحقيق سلام شامل ومستدام في الشرق الأوسط. 

بمشاركة ثماني لجان متعددة التخصصات، يمثل المؤتمر محاولة جادة لتجاوز الخطابات الرمزية نحو مخرجات ملموسة، وسط توافق متزايد على أن لحظة الحسم لم تعد تحتمل التأجيل.

*لجان متخصصة*


يستند المؤتمر إلى هيكل عمل متكامل يتكون من ثماني لجان دولية بدأت أعمالها التحضيرية منذ يونيو الماضي، وتهدف إلى صياغة رؤية متكاملة لدولة فلسطينية قابلة للحياة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.

وتشارك في هذه اللجان دول مؤثرة مثل: مصر وإسبانيا، والأردن، وإندونيسيا، والنرويج، وبريطانيا، وتركيا، واليابان، والبرازيل، والمكسيك، إلى جانب جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

تركّز المهام على ملفات أساسية، تشمل إعادة الإعمار، وتعزيز سيادة القانون، وترسيخ حل الدولتين، وتوفير الضمانات الأمنية، إضافة إلى خلق بيئة اقتصادية فلسطينية مستقلة. 

وتمثل هذه اللجان حجر الأساس لأي اتفاق قادم قد يكرّس الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على أرض الواقع.

*دعم سياسي*


يحضر المؤتمر كبار صانعي القرار على المستوى الإقليمي والدولي، بينهم وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره الفرنسي جان نويل بارو، ورئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن، إلى جانب ممثلين عن وزارات الخارجية والدبلوماسيات الدولية، بالإضافة إلى كلمة مرتقبة من الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش.

وتؤكد مصادر دبلوماسية، أن هذا الحشد السياسي الكبير يعكس قناعة دولية متزايدة بضرورة تحريك الجمود الراهن. وترى أطراف أوروبية بارزة، أن المؤتمر يمثل لحظة حاسمة، لا لمنطقة الشرق الأوسط فحسب، بل للمنظومة الدولية بأكملها، خاصة في ظل التصاعد المستمر للانتهاكات الإسرائيلية.

*موقف ثابت*


من جانبها، شددت المملكة العربية السعودية على أن رئاستها للمؤتمر تعكس التزامها التاريخي والدائم تجاه القضية الفلسطينية، وحرصها على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: إن رئاسة المملكة بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية للمؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين، تأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية واستمرارًا لجهودها في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وجهود التوصل للسلام العادل والشامل بما يكفل قيام الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال وزير الخارجية السعودي، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية (واس): إن المملكة "تبذل كافة الجهود لإرساء السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى دائمًا من منطلق مبادئها الراسخة إلى نشر السلم والأمن الدوليين من خلال المساعي الحميدة والجهود المبذولة لإنهاء معاناة الإنسان الفلسطيني، وإيقاف دائرة العنف المستمرة والصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده، وراح ضحيته عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء، وأَجَّج الكراهية بين شعوب المنطقة والعالم".

وأضاف الأمير فيصل بن فرحان: "من هذا المنطلق جاءت رئاسة المملكة بالشراكة مع فرنسا للمؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين على المستوى الوزاري، الذي سيُقام هذا الأسبوع بمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بمشاركة دولية واسعة، متطلعين إلى الدفع باتجاه تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تقضي بإقامة دولتين ينعم فيها الفلسطينيون بدولتهم المستقلة، ويحقق للمنطقة السلام والاستقرار، ويدفع بها للمضي قدمًا تجاه التنمية والازدهار".

وأوضح وزير الخارجية السعودي، أن المؤتمر يدعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي أطلقته المملكة، ومملكة النرويج، والاتحاد الأوروبي، في سبتمبر 2024م، ويأتي استكمالًا لجهود اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة الهادفة لإنهاء معاناة الإنسان الفلسطيني، وتمكينه من استعادة حقوقه المشروعة، وتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط.

*تطورًا نوعيًا*


في تعليقه على المؤتمر، يرى المستشار القانوني ممدوح الشمري أن رعاية السعودية وفرنسا لهذا الحدث، إلى جانب تشكيل 8 لجان متخصصة، يمثل تطورًا نوعيًا في التعامل مع القضية الفلسطينية على المستوى القانوني والدولي.


ويضيف الشمري في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن انعقاد مؤتمر حل الدولتين بهذا الزخم يعكس محاولة جادة لإعادة الاعتبار إلى الآليات الدولية الملزمة، والانتقال من المبادرات الرمزية إلى مسار تفاوضي يستند إلى قواعد القانون الدولي.


وأوضح الشمري أن توزيع المهام على لجان متعددة يخلق إطارًا عمليًا لمعالجة القضايا المفصلية، مثل القدس، واللاجئين، وحدود الدولة، وفقًا للقرارات الدولية ومبدأ عدم شرعية ضم الأراضي بالقوة، ويؤكد أن هذا النهج يعزّز فرص الوصول إلى تسوية عادلة ومستدامة.


وختم بالقول، السعودية من خلال هذا الدور تؤكد مكانتها كفاعل دولي مؤثر، لا على الصعيد السياسي فحسب، بل كطرف قانوني يدعم الحلول المستندة إلى الشرعية الدولية ويحرّك الجمود القائم نحو مسار أكثر واقعية.