الإخوان تحت المجهر الأمريكي.. نحو تصنيف يغير المعادلة
الإخوان تحت المجهر الأمريكي.. نحو تصنيف يغير المعادلة

في كواليس السياسة الأمريكية، يعود ملف جماعة الإخوان المسلمين إلى صدارة الجدل، مدفوعًا بتحركات برلمانية واستخباراتية متصاعدة تسعى إلى إعادة النظر في طبيعة وجود الجماعة داخل الولايات المتحدة.
بينما يزداد النقاش حول أمن الداخل الأمريكي وتدخل الجماعات العابرة للحدود في الشأن الداخلي، تتجه الأنظار نحو الإخوان، في محاولة لفك شفرة تمددهم داخل مؤسسات المجتمع الأمريكي، وتقييم مخاطره المحتملة على الأمن القومي.
حضور ناعم يتوسّع في الظل
وقد تمكنت جماعة الإخوان منذ عقود من بناء شبكة واسعة من الواجهات داخل الولايات المتحدة، من خلال مؤسسات دينية، ومنظمات غير ربحية، ومراكز أبحاث، وجمعيات خيرية، ومع الوقت، اتخذ هذا الحضور طابعًا أكثر تعقيدًا، حيث باتت بعض هذه الكيانات تشارك في الحياة العامة الأمريكية، وتتحرك تحت غطاء العمل المدني، أو الدفاع عن الحقوق الدينية والثقافية.
هذا التمدد "الناعم" سمح للجماعة بالاقتراب من مراكز صنع القرار، سواء عبر التواصل مع جهات فاعلة، أو من خلال التسلل إلى مساحات الإعلام والمجتمع المدني، ما أتاح لها بناء حزام نفوذ غير مباشر يعزز قدرتها على التأثير دون أن يثير الكثير من الشكوك.
الكونغرس يفتح الملف مجددًا
رغم تعدد المحاولات السابقة لإدراج الجماعة على قوائم التنظيمات المتطرفة، فإن أي قرار رسمي لم يتخذ حتى الآن، لكن وفق تطورات الأشهر الأخيرة، بات واضحًا أن هناك تحركات داخل الكونغرس الأمريكي لإعادة فتح هذا الملف الشائك.
ومع ازدياد الضغوط الخارجية وتزايد القلق من اختراق بعض المنظمات للمجتمع الأمريكي تحت ستار الدين، تتجه بعض الأصوات التشريعية نحو طرح مشروع جديد قد يغير المعادلة.
المؤيدون للتصنيف يرون أن الجماعة لا تتحرك وفق قواعد الديمقراطية الأمريكية، بل تستغلها لتوسيع نفوذها وترويج أجندات لا تنسجم بالضرورة مع القيم المدنية والدستورية للولايات المتحدة، وهم يعتبرون أن التنظيم يجيد اللعب على التناقضات الثقافية، ويستخدم خطابًا مزدوجًا، يختلف بين الداخل والخارج، حسب مقتضى الحال.
بين الرقابة والتصنيف
في الوقت الراهن، ما تزال الجماعة تخضع لرقابة صارمة من قبل أجهزة الأمن الأمريكية، إذ تتابع أنشطتها وتحركات الكيانات المحسوبة عليها. ومع أن هذا الوضع لا يعني تصنيفًا رسميًا، إلا أنه يعكس درجة من الشك تجاه أهداف الجماعة ومساراتها التنظيمية.
وتكمن المعضلة الأساسية في أن الجماعة لا تتواجد ككيان مركزي واضح داخل الأراضي الأمريكية، بل من خلال شبكة من المؤسسات والمبادرات التي يصعب ربطها مباشرة بالتنظيم الأم.
هذا التعقيد يزيد من صعوبة حسم الملف، ويجعل من التصنيف مسألة سياسية أكثر منها أمنية، تخضع لحسابات المصالح، والعلاقات الدولية، والتوازنات الداخلية.
المخاوف تتزايد.. والقرار يقترب؟
تنامي القلق من تأثير الجماعة داخل أمريكا لا يقتصر على المؤسسات الأمنية، بل يمتد إلى قطاعات من المجتمع المدني، وأوساط إعلامية بدأت تُعبّر عن تخوّفها من أن تؤدي حالة الغموض حول بعض المنظمات إلى اختراقات أيديولوجية أو تمويل مشبوه.
هذه المخاوف تتضاعف في ظلّ تصاعد موجات التطرف العالمي، وعودة النقاش حول ارتباط بعض الأفراد أو الكيانات المحسوبة على الإخوان بخطابات تعبويّة مثيرة للانقسام.
وما بين الرغبة في الحفاظ على الحريات، والحاجة إلى حماية الأمن القومي، يجد صانع القرار الأمريكي نفسه أمام لحظة مراجعة حقيقية، قد تفرض عليه اتخاذ موقف أكثر وضوحًا تجاه هذا الوجود المتشعب.
في هذا السياق، كشف الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري أن تحركات جادة تجري داخل أروقة الكونغرس الأمريكي لإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الجماعات المتطرفة.
وأوضح، أن هناك وثيقة تصنيف تم إعدادها استنادًا إلى معلومات استخباراتية من دول عدّة، تتناول خطورة أنشطة الجماعة داخل الولايات المتحدة وخارجها، مشيرًا أن الإعلان الرسمي بهذا الشأن قد يصدر قريبًا.
وأكد بكري - في تصريحاته عبر موقع إكس-، أن هذا التوجه يعكس قناعة متزايدة لدى صانعي القرار في واشنطن بأن الجماعة لم تعد مجرد حركة دينية، بل أصبحت كيانًا سياسيًا منظمًا يعمل وفق أجندة غير واضحة، وقد يشكل خطرًا حقيقيًا على تماسك المجتمع الأمريكي ومصالحه الخارجية.