تغيير لهجة أردوغان تجاه أوروبا.. لماذا يخادع القارة العجوز؟

تغيير لهجة أردوغان تجاه أوروبا.. لماذا يخادع القارة العجوز؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

شكلت العقوبات الأوروبية المحتملة على النظام التركي، والتي فجرها موقف فرنسا من أنقرة، مخاوف لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على انهيار اقتصاده المتدهور بالفعل، ولاسيما بعد رغبة المستثمرين الأوروبيين الموجودين في تركيا بالهروب بأموالهم خوفًا من تعمق الخلاف الأوروبي- التركي، مما جعل أردوغان يسعى للتغيير من لهجته تجاه أوروبا، ومحاولة استعطاف الأوروبيين وخداعهم بأنه رضخ لمطالبهم.


وتغير الخطاب التركي كثيرًا، بعد أن كان يحمل نعرة حنجورية، تزعم أن تركيا تعادي القارة العجوز وقادرة على الوقوف ضد الاتحاد الأوروبي، ليفاجأ العالم أجمع وفي مقدمته حزب أردوغان الحاكم نفسه، بأن رئيس حزب العدالة والتنمية يرى بلاده جزءًا من أوروبا، وأن أي مشكلة مع دول أو مؤسسات ما لا يمكن حلها إلا بـ"الحوار والمفاوضات"، وذلك خلال آخِر اجتماع له مع الحزب.


ومنذ عام 1987 تحاول تركيا الانضمام رسميًا إلى التكتل الأوروبي، وخاضت مفاوضات ماراثونية لنيل العضوية لكنها كانت تفشل دومًا، لأن الأحزاب والقادة السياسيين الأتراك كانوا يرفضون قبول "معايير كوبنهاغن السبعة عشر"، التي تتعلق بحزمة من الإصلاحات الواجب اتباعها، حتى تكون دولة مخولة لعضوية الاتحاد.


التهديدات الأوروبية تهدد سياسات أردوغان


وبعد أن استطاعت الدول الأوروبية تطبيق بعض العقوبات في ملف التقدم العسكري على تركيا، وتعطيل تطوير دبابات آلتاي، يحاول أردوغان استرضاء القارة العجوز والاتحاد الأوروبي الذي سعى دومًا للانضمام إليه.


فيما رد ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل بطريقة غير مباشرة على الرئيس التركي، مذكرا أن عضوية الاتحاد "ليست مجرد دعوات أو أمنيات"، وقال: "تركيا يجب أن تفهم أن سلوكها هو الذي يوسع انفصالها عن الاتحاد، وأن إعادة العلاقات إلى مسارها سيتطلب تغيرا جذريا في مواقف أنقرة".


وشكل الموقف الفرنسي الذي قاده الرئيس إيمانويل ماكرون، تهديدًا قويًا للرئيس التركي، ولاسيما بعد أن كشفت فرنسا عن مخاطر التنظيمات الإرهابية التي تدعمها أنقرة في أوروبا.


تغيير مسار تركيا السياسي تجاه أوروبا


وكان هناك ثلاثة ملفات رئيسية ضغطت من أجل دفع أنقرة لتغيير مسارها السياسي الحالي ليكون أقرب للمنظومة الأوروبية، أولها مواجهة ظرف اقتصادي حرج تنحدر فيه قيمة الليرة التركية بشكل يومي، وتنفر رؤوس الأموال الاستثمارية من البلاد من جراء الظروف السياسية.


كما تترقب تركيا أيضا ضغوطًا سياسية واقتصادية من الإدارة الأميركية المنتخبة، وفوق ذلك فإن الطريقة التي حسمت بها روسيا الحرب بأذربيجان في ناغورنو كاراباخ عبر إخراج أنقرة تماما من الملف، أثبتت أن المنظومة الأوروبية وحدها قد تستطيع انتشال أنقرة من أوضاعها الحالية.


في المقابل، ترى المنظومة الأوروبية أن ملفات معقدة تفصلها عن تركيا، لا سيما سياسة الابتزاز التي تدير بها أنقرة ملف ملايين المهاجرين على أراضيها، حيث تهدد بهم أوروبا بين مناسبة وأخرى، وتحولهم إلى أداة للحصول على المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي.

ومما يزيد من رقعة الخلاف بين الطرفين، سلوك أنقرة في إثارة القلاقل الأمنية في العديد من الأقاليم، بما في ذلك دعم الجماعات المتطرفة داخل الدول الأوروبية، والسياسة التركية الداخلية التي يتبعها أردوغان، لا سيما تكريس الشمولية والقمع الواسع لحقوق الإنسان.

استغلال التعاون الاقتصادي بين الدوحة وأنقرة لخداع أوروبا


وجاءت الزيارة الأخيرة للأمير القطري تميم بن حمد، إلى أنقرة، كإحدى الخطوات لخداع أوروبا بأن التحالف بين قطر وتركيا، تحالف اقتصادي، يعزز من الوضع المالي لأنقرة، ويصرف نظر الأوروبيين عن الأسباب الحقيقية للصفقات الاقتصادية بين البلدين.


فالصفقات التي كلفت تميم، أموالاً طائلة لشراء أسهم في البورصة التركية والصندوق السيادي التركي، لم تكن إلا لتعزيز الوضع الاقتصادي التركي، لاستمرار دعم وتمويل الجمعيات الخيرية المشبوهة التابعة لتنظيم الإخوان ولقطر وتركيا، بهدف زيادة توغل تركيا في أوروبا وتهديد استقرارها، ونشر مزيد من التطرف بدعم وتمويل من التحالف (القطري-التركي).