محلل سياسي: تونس طوت صفحة الإخوان.. لا عودة للمراوغة باسم الدين

محلل سياسي: تونس طوت صفحة الإخوان.. لا عودة للمراوغة باسم الدين

محلل سياسي: تونس طوت صفحة الإخوان.. لا عودة للمراوغة باسم الدين
تونس

تعيش حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في تونس، أحد أصعب مراحلها منذ تأسيسها، بعدما تحوّلت من أحد أبرز الفاعلين السياسيين بعد ثورة 2011 إلى كيان يواجه العزلة والمساءلة القانونية، في ظل اتهامات تطاله بالفساد واستغلال النفوذ، وفقدان شعبيته في الشارع التونسي.

فبعد الثورة التونسية، صعدت النهضة بسرعة إلى سدة الحكم مستفيدة من الفراغ السياسي وضعف الأحزاب التقليدية، وشاركت في الحكم عبر تحالفات متتالية أبرزها "الترويكا". لكنها خلال سنوات ما بعد الثورة واجهت انتقادات حادة بسبب تعاطيها مع الملفات الأمنية والاقتصادية، وعدم قدرتها على تقديم نموذج حكم فعّال، إلى جانب اتهامات بتغذية الانقسام المجتمعي وحماية تيارات متطرفة.

التحول الحاسم جاء في يوليو 2021، حين أعلن الرئيس قيس سعيّد تجميد البرلمان وإقالة الحكومة في إجراءات استثنائية، وُصفت لاحقًا بأنها استجابة لغضب شعبي عارم تجاه أداء النخبة السياسية، وعلى رأسها حركة النهضة. 

ومنذ ذلك الحين، تراجع حضور الحركة بشكل ملحوظ في المشهد العام، وتعرض قادتها للتحقيقات، أبرزهم راشد الغنوشي الذي وُجهت له اتهامات في قضايا تتعلق بالإرهاب وغسيل الأموال والفساد.

اليوم، تواجه النهضة عزلة سياسية وشعبية عميقة، ترافقت مع إغلاق مقراتها، واعتقال عدد من قياداتها، وحظر اجتماعاتها في بعض المناسبات. كما تراجعت قدرتها على الحشد، وانهارت بنيتها التنظيمية، وهو ما يدفع كثيرين داخل تونس وخارجها إلى اعتبار أن المشروع الإخواني في البلاد وصل إلى نهايته.

يؤكد مراقبون، أن ما جرى في تونس لا يقتصر فقط على إخفاق سياسي، بل يمثل تراجعًا حادًا لمشروع أيديولوجي لم يستطع أن يقدّم نفسه كبديل ناجح، خاصة في ظل فشل النهضة في التعامل مع متغيرات الداخل وتحولات الإقليم. 

ورغم محاولات الحركة الترويج لما تصفه بـ"الاستهداف السياسي"، إلا أن المؤشرات العامة تكشف أن المزاج الشعبي لم يعد يقبل بعودة الإخوان إلى المشهد من جديد.

أكد المحلل السياسي التونسي وليد بن يحيى، أن ما تشهده تونس اليوم من تفكيك لما تبقى من منظومة الإخوان لا يُعد مجرد حملة أمنية أو سياسية، بل هو "تاريخ جديد يُكتب في دفتر الدولة التونسية الحديثة". 

وقال بن يحيى - في تصريح للعرب مباشر-: تونس طوت نهائيًا صفحة الإخوان، ولم يعد هناك مجال لأي عودة أو مراوغة باسم الدين أو الثورة. ما يحدث الآن هو تطهير للمشهد من بقايا مرحلة اتسمت بالفوضى والتوظيف السياسي للمقدس".

وأضاف: أن الشعب التونسي منح حركة النهضة فرصة تاريخية للحكم، لكنها "بددتها في التمكين وبناء شبكات موازية داخل الدولة، حتى أصبحت تونس تعاني من اختطاف سياسي وهيكلي لمؤسساتها". 

وأشار أن الخطوة الحالية لا تمثل فقط نهاية المشروع الإخواني، بل تشكل تحولاً حاسمًا نحو دولة مدنية صلبة تستند إلى القانون والمؤسسات لا إلى الولاءات الأيديولوجية.

وختم بن يحيى بالقول: المعركة في تونس لم تعد بين أحزاب، بل بين مشروع دولة وبين تنظيم حاول لسنوات السيطرة من الداخل.. والشعب اختار بوضوح معسكر الدولة".