أكد مسؤول أمريكي رفيع أن الحكومة الأوكرانية توصلت إلى تفاهم مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول اتفاق مبدئي لوقف الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات مع روسيا. وأوضح المسؤول، إلى جانب رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني روستيم أو ميروف، أن الجانبين اتفقا على الخطوط العامة للمبادرة، فيما لا تزال بعض النقاط الفنية بحاجة إلى استكمال، حسبما نقلت شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية.

وأبدى أو ميروف تفاؤله بشأن إمكانية سفر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة قبل نهاية نوفمبر لتوقيع الاتفاق، مشيراً إلى أن اتصالات سابقة جرت بهذا الشأن خلال الأيام الماضية. وأكد المسؤول الأمريكي أن أوكرانيا وافقت على اتفاق السلام، وأن ما تبقى لا يتجاوز تفاصيل صغيرة يجري العمل على حلها.

اجتماعات موازية في أبوظبي وموسكو

تزامن الإعلان عن التقدم في المشاورات مع وجود وزير الجيش الأمريكي دان دريسكل في أبوظبي لإجراء محادثات مع مسؤولين روس، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية وأمنية متعددة. كما أعلن الرئيس ترامب أنه أوفد مبعوثه ستيف ويتكوف إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما يواصل دريسكل لقاءاته مع ممثلي أوكرانيا.

وفي تصريحات على متن طائرة الرئاسة، أكد ترامب أن المفاوضات تتقدم بشكل جيد، وأن النقاط العالقة باتت محدودة، معبراً عن أمله في لقاء قريب يجمعه بكل من زيلينسكي وبوتين حال وصول الاتفاق إلى مرحلته النهائية.

كما كشف مستشار الكرملين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف عن اتفاق مبدئي لزيارة وفد أمريكي إلى موسكو الأسبوع المقبل لمتابعة المشاورات، مشيراً إلى أن موسكو تنتظر نسخة محدّثة من المقترح الأمريكي تتضمن المبادئ التي تم التوصل إليها خلال اجتماع الرئيسين ترامب وبوتين في ألاسكا سابقاً.

مواقف متباينة وتنسيق أمريكي أوروبي أوكراني

أوضح أو ميروف أن أوكرانيا وافقت على الشروط الأساسية للمقترح خلال اجتماعات في أبوظبي شارك فيها مسؤولون أمريكيون وروس وأوكرانيون، وإن لم تجتمع الأطراف الثلاثة على طاولة واحدة في الوقت نفسه. وأضاف أن وفوداً أمريكية وأوروبية وأوكرانية ناقشت خلال عطلة نهاية الأسبوع في جنيف تحديثاً على مسودة الاتفاق الأولية.

وأكد المستشار الأوكراني أن بلاده تتطلع إلى دعم الشركاء الأوروبيين في الخطوات المقبلة، مع الإعداد لزيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة لاستكمال التفاهمات والتوقيع النهائي.

وفي المقابل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن واشنطن حققت تقدماً كبيراً خلال الأسبوع الأخير في تقريب وجهات النظر بين موسكو وكييف، لكنها أشارت إلى أن هناك تفاصيل حساسة تتطلب مزيداً من المحادثات.

تفاصيل غير معلنة حول بنود الاتفاق

لم يصدر أي تعليق روسي مباشر حول ما جرى الاتفاق عليه في أبوظبي، كما لم تكشف واشنطن أو كييف عن مضمون المقترح الحالي. لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أوضح أن بلاده تقيّم المبادرة الأمريكية بإيجابية، مع التأكيد على ضرورة تضمين المسودة النهائية للمبادئ التي سبق أن جرى التوافق عليها في ألاسكا.

وأشار لافروف إلى وجود نقاط تحتاج إلى صياغة دقيقة، محذراً من أن غياب ما وصفه بروح ألاسكا سيضع المفاوضات في مسار مختلف تماماً.

وكانت تقارير سابقة قد كشفت أن مسودة أمريكية مدعومة من إدارة ترامب تضمنت بنوداً رفضتها أوكرانيا سابقاً، من بينها التنازل عن كامل منطقة دونيتسك، بما في ذلك المناطق غير الخاضعة لسيطرة روسيا، إضافة إلى وقف السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وتتضمن الخطة أيضاً وثيقة موازية لضمانات أمنية شبيهة بمبدأ المادة الخامسة في ميثاق الناتو، وفق ما أكدته السفيرة الأوكرانية في واشنطن أولغا ستيفانيتشينا، والتي قالت إنها تمنح كييف التزاماً أمريكياً مباشراً بالدفاع عنها.

ضغوط متزايدة للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية الشهر

تسعى إدارة ترامب إلى إتمام الاتفاق قبل عيد الشكر، رغم تأكيد مسؤولين أمريكيين أن الموعد مرن. وتشير معلومات استخباراتية أمريكية إلى أن بوتين مقتنع بإمكانية السيطرة على دونيتسك سواء عبر التفاوض أو عبر العمليات العسكرية، فيما يرى المسؤولون الأمريكيون أن مسار المعارك في الشرق يعزز هذا التصور.

ويأتي الحراك الدبلوماسي المكثف بعد مفاوضات جرت في جنيف ضمت مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وأوكرانيين، شارك فيها وزير الجيش الأمريكي ونائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ومستشارون آخرون من الإدارة الأمريكية.

وتستمر واشنطن في التأكيد على أن تحقيق وقف إطلاق نار دائم في أوكرانيا يحتاج إلى تفاهمات تشمل الأمن الإقليمي ومستقبل المناطق المتنازع عليها، فيما تراقب أوروبا مسار التفاوض بحذر، مع دعوات من بعض دول الناتو إلى تعديل بعض البنود التي وصفت بأنها تميل لمصلحة موسكو.