الحريديم في ميزان التجنيد: نتنياهو يقترح.. وإسرائيل تترقب
الحريديم في ميزان التجنيد نتنياهو يقترح وإسرائيل تترقب
مسعى جديد نحو مخرج من الأزمات الداخلية في إسرائيل في مواجهة الضغوط القضائية والاجتماعية، يطرح بنيامين نتنياهو مقترحًا إصلاحيًا لقانون التجنيد الإلزامي في إسرائيل، وفي خطوة مفاجأة تسبق المهلة النهائية التي حددتها المحكمة العليا، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقترحًا جديدًا لإصلاح قانون التجنيد الإلزامي، مستهدفًا تهدئة التوترات المتصاعدة بشأن إعفاءات اليهود الحريديم (اليهود المتشددين)، يأتي هذا التحرك في ظل ظروف استثنائية، حيث تواجه إسرائيل تحديات أمنية متزايدة، وخسائر فادحة في صفوف الشباب غير المتدينين وجنود الاحتياط.
*تجاوز الانقسامات*
في قلب السياسة الإسرائيلية، يقف الائتلاف الحاكم، الذي يشمل حزبين متدينين رئيسيين، كحصن للتقاليد والقيم الدينية، يُنظر إلى الإعفاءات من الخدمة العسكرية لليهود الحريديم كركيزة أساسية للحفاظ على الهوية الدينية وكعنصر حيوي في تأمين الدعم الانتخابي المستمر لهذه الأحزاب، تُعتبر هذه الإعفاءات، في نظر الكثير من أعضاء الائتلاف، ليست مجرد مسألة سياسية، بل هي جزء من التزام أعمق بحماية الطابع الديني للدولة.
مع ذلك، في محاولة لتوحيد الصفوف وتجاوز الانقسامات التي تشق المجتمع الإسرائيلي، يسعى نتنياهو، من خلال مقترحه الجديد لقانون التجنيد، إلى إيجاد توازن بين الحفاظ على القيم الدينية وتلبية الاحتياجات الأمنية للدولة.
ويدعو نتنياهو الأحزاب السياسية، بما في ذلك تلك التي لم تدعم سابقًا مشروع القانون، إلى النظر في الوضع الراهن وإعادة تقييم مواقفها لدعم هذا التشريع الجديد، يأمل في أن يؤدي هذا الدعوة إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتغلب على الخلافات السياسية التي يمكن أن تعرقل التقدم الأمني والاجتماعي لإسرائيل.
*دمج الحريديم*
يحمل اليهود المتدينون، الذين يشكلون جزءًا لا يُستهان به من المجتمع الإسرائيلي، وجهة نظر قوية تجاه الإعفاء من الخدمة العسكرية، يعتبرون هذا الإعفاء حجر الزاوية في الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية المتجذرة، وهو ما يُعد أساسيًا لاستمرارية تقاليدهم وممارساتهم الدينية داخل مجتمع يتسم بالتنوع.
ويرون في التجنيد تهديدًا محتملًا لهذه الهوية، حيث قد يؤدي الاندماج في الجيش إلى تعرضهم لتأثيرات قد تتعارض مع قيمهم الدينية الصارمة.
من ناحية أخرى، يسعى مشروع القانون المقترح، الذي يستند إلى مبادرة سابقة من بيني جانتس، القائد السابق للجيش والشريك السياسي لنتنياهو، إلى تحقيق توازن دقيق.
يهدف المشروع إلى زيادة أعداد الحريديم في الخدمة العسكرية بشكل تدريجي ومدروس، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى احترام الحساسيات الدينية والثقافية.
يُظهر هذا النهج الحذر اعترافًا بأهمية دمج الحريديم في النسيج الوطني، مع الحفاظ على القيم التي يعتبرونها جوهرية لهويتهم.
يُعد هذا التحدي الذي يواجهه جانتس ونتنياهو مثالًا على التعقيدات التي تنطوي عليها السياسة في مجتمع متعدد الأطياف كإسرائيل.
*تداعيات اقتصادية*
ينبه الخبراء الاقتصاديون إلى أن الإعفاءات من الخدمة العسكرية تحمل تداعيات اقتصادية واجتماعية ملموسة. يُعتقد أن هذه الإعفاءات تُسهم في تقليص حجم القوى العاملة المتاحة؛ مما يؤدي إلى تفاقم الضغوط على نظام التأمينات الاجتماعية القائم.
هذا الوضع يُثقل كاهل الطبقات العلمانية والمتوسطة، التي تُعتبر العمود الفقري للاقتصاد، بأعباء مالية إضافية نظرًا لتحملها جزءًا كبيرًا من الالتزامات الضريبية والتأمينية.
علاوة على ذلك، تُعفى الأقلية العربية في إسرائيل، التي تُشكل ما يقارب الخمس من إجمالي السكان، من الخدمة العسكرية إلى حد كبير. هذا الإعفاء يُثير أسئلة حول مدى عدالة توزيع الأعباء الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع.
يُطرح السؤال حول كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للمجتمعات المختلفة وبين ضمان مشاركة جميع المواطنين في الدفاع عن الدولة ودعمها اقتصاديًا.
يُعد هذا التحدي جزءًا من النقاش الأوسع حول السياسات الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل، والذي يتطلب توافقًا وطنيًا للوصول إلى حلول مستدامة تُراعي مصالح جميع الأطراف.