تركيا.. الأطباء يفضلون الهجرة إلى أوروبا هربًا من مستقبل مظلم
يفضل الأطباء في تركيا الهجرة إلى أوروبا هربًا من مستقبل مظلم
تعيش تركيا واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، الأمر الذي دفع الكثير من الأتراك للتفكير في الهجرة إلى بلد أوروبي أكثر استقرارًا، يقول «مسعود» إنه سيترك وظيفته في مستشفى خاص في اسطنبول وسيغادر العام المقبل مع زوجته وطفليه إلى ألمانيا، وهو واحد من عدد متزايد من المهنيين ذوي المهارات العالية الذين يغادرون تركيا أو يرغبون في مغادرتها - وهو اتجاه يقول الخبراء إنه تسارع في السنوات الأخيرة حيث تكافح العائلات لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة، وقال طبيب التخدير البالغ من العمر 38 عاما "فقدنا كل أمل في المستقبل"، مضيفا "عندما أتحدث إلى زملائي وأصدقائي المقربين، فهم يائسون، الجميع يفكر في خيارات بديلة".
ظروف قاسية
الأطباء الأتراك على وجه الخصوص يقولون إن ظروف عملهم ساءت، مع ساعات العمل الطويلة، وزيادة الإساءة الجسدية واللفظية من المرضى أو أقاربهم، والتنمر من قبل الرؤساء، حسبما أكدت وكالة الأنباء الفرنسية، وتابعت، في واحدة من الهجمات الأخيرة، أطلق مسلح النار في شهر يوليو على طبيب القلب أكرم كراكايا 15 مرة وقتله، لأنه حمّل الطبيب مسؤولية وفاة والدته، مضيفة أن المشاكل الاقتصادية في تركيا جعلت الهجرة أكثر جاذبية، حيث تجاوز التضخم 83 في المائة وفقدت الليرة التركية حوالي 30 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، ويقول البعض إنه حتى انتخابات العام المقبل - التي سيكافح فيها الرئيس رجب طيب أردوغان لتمديد حكمه الذي استمر عقدين - لا تقدم أي أمل في التغيير، وأضافت أن الطبيب المتخصص في مستشفى حكومي تركي يكسب متوسطا شهريا يزيد عن 1000 دولار - أي أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور الذي يقارب 300 دولار، لكنه لا يزال أقل بكثير مما يكسبه الطبيب في أوروبا، ويقول مسعود إنه يكسب 2000 دولار شهريًا، لكن حتى هذا لا يكفي الآن، أصبحت الحياة أكثر تكلفة بكثير، وقال "نعمل بجد لكن الأموال التي نحصل عليها لا قيمة لها، ونتعرض للعنف والضرب والاعتداء من قبل المرضى وفقدنا كل الحافز".
مسكنّات حكومية
الحكومة التركية أكدت في أكثر من مناسبة أنها تسعى لإيجاد حل لتلك المشكلات، وفي شهر يوليو الماضي زادت رواتب الأطباء بنسبة 42 في المائة في القطاع العام، وأدخلت إصلاحات في أغسطس من أجل زيادة تحسين أوضاعهم الاقتصادية وحمايتهم من العنف، حيث تهدف اللوائح إلى الحد من عدد الأطباء الذين يغادرون تركيا، والحد من الاتجاه المتزايد للمهنيين الطبيين الذين يتحولون من المستشفيات العامة إلى المستشفيات الخاصة للحصول على رواتب أفضل، إلا أن معظم الوعود الحكومية اعتبرها الأطباء مسكنات للأزمة الحقيقية التي كانت ولا تزال بلا علاج حقيقي.