من كوريا الجنوبية للبلطيق.. سفارات تركيا ذراع أردوغان الجاسوسية

من كوريا الجنوبية للبلطيق.. سفارات تركيا ذراع أردوغان الجاسوسية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

حوّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البعثات الدبلوماسية والسفارات التركية بالخارج لمعاقل تجسسية ضد معارضيه والمسؤولين بالبلاد، لتكميم أي أصوات تخالفه، ويلفق التهم المزيفة والادعاءات الكاذبة من أميركا وحتى الصين.

البلطيق والتجسس التركي


من أقصى الغرب وحتى الشرق؛ وصل التجسس بأردوغان إلى دول البلطيق، حيث كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي المتخصص في فضح الممارسات التركية، أن وثائق قضائية أظهرت مشاركة البعثات الدبلوماسية التركية بدول البلطيق في التجسس وجمع معلومات عن أنشطة منتقدي النظام.

وقال "نورديك مونيتور": إن تلك المعلومات التي تجمعها السفارات في مجموعة دول "إستونيا ولاتفيا وليتوانيا"، اعتمد عليها المدعي العام التركي في وقت لاحق، لإصدار لوائح اتهام جنائية بتهم إرهابية ضد معارضي أردوغان، بين معلمين أتراك، وأساتذة جامعة، ورجال أعمال، وممثلي منظمات أهلية.

وأصدر المدعي العام آدم أكنجي، في قرارات مختلفة، توجيهات بفتح مكتب المدعي العام في أنقرة ثلاثة تحقيقات بشأن الأتراك الذين يعيشون في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، دون اعتماده على أدلة قاطعة بشأن ارتكاب أي خطأ، زاعما تورطهم في عضوية جماعة إرهابية.

حملات التطهير


وقال الموقع إن ذلك يأتي بعد حملات التطهير الواسعة التي يجريها أردوغان منذ مسلسل الانقلاب الفاشل عام 2016، حيث يقضي على كل معارضيه بالداخل والخارج؛ وحول البعثات الدبلوماسية لوسائل للتجسس بالدول المختلفة، وطوع القضاء لصالحه لملاحقة منتقديه وخصومه ومعارضيه جنائيا.

وشدد "نورديك مونيتور" على أن أردوغان يستغل النظام القضائي الجنائي لمحاكمة منتقدي نظامه، لذلك أودع عشرات الآلاف خلف القضبان، باتهامات ملفقة، لا سيما أعضاء حركة فتح الله غولن، مضيفا أن البعثات الدبلوماسية والقنصلية التركية دفعها لتنظيم حملات تجسس ممنهجة في هذا المخطط أيضا، بما ينتهك القوانين المحلية للدول المستقبلة ومبادئ القانون الدولي.


كوريا الجنوبية


ويعتبر ذلك النهج مألوفا لنظام أردوغان، حيث إنه الشهر الماضي، أورد "نورديك مونيتور" أن أنقرة تلاحق معارضيها في جنوب شرق آسيا، بعد أن وجه النائب العام اتهامات بالإرهاب ضد الأتراك المقيمين في كوريا الجنوبية، معتمدا على ملفات تجسس أعدتها السفارة التركية في سيول بين عامي 2016 و2018.

وزعم أكنجي في قراره بشأن فتح تحقيق منفصل حول 17 تركيًّا يعيشون في كوريا الجنوبية خلال عامي 2016 و2018، بالعضوية في جماعة إرهابية. 

 جورجيا


ومن بين العديد من البلدان بالقارات المختلفة التي يتجسس فيها أردوغان على معارضيه، قصد مدينة جورجيا، حيث كشفت وثيقة تركية سرية أن سفارة أنقرة بها، هي واحدة من بين البعثات الدبلوماسية التي يستخدمها نظام أردوغان للتجسس على معارضيه.

 وتتجسس سفارة أنقرة في تبلّيسي على 52 تركيًّا بعد أن طلبوا اللجوء السياسي لجورجيا، حيث حصلت الشرطة التركية على معلومات من السفارة حول طالبي اللجوء وقدمت المعلومات لوحدات مكافحة الإرهاب في 24 قسم شرطة أبلغتها بدورها إلى النيابة العامة مع طلب إجراء تحقيقات مع طالبي اللجوء في جورجيا.
 
 وأظهرت الوثيقة أن طالبي اللجوء من المؤيدين لحركة "الخدمة"، التي تتهمها حكومة حزب العدالة والتنمية بتدبير انقلاب 2016 المزعوم، جاء دون أي أدلة، كما أن الأمر انتهك الخصوصية والسرية التي تفرضها إجراءات اللجوء، حيث أقدمت عناصر الاستخبارات التركية والعاملين في بعثاتها الدبلوماسية على طرق ملتوية من أجل الوصول إلى تلك المعلومات.
 
التشيك


وسبق أن تم الكشف على تجسس نظام أردوغان على معارضيه، حيث أوردت وثائق سرية أن البعثة الدبلوماسية التركية في التشيك أقدمت على انتهاكات بحق معارضين أتراك، بعد تورطها في أعمال تجسس غير قانونية بحق معارضين أتراك، وفقًا لموقع "نورديك مونيتور" السويدي.

وأكد الموقع أن المعلومات التي جمعتها السفارة تم توظيفها، في توجيه اتهامات بالإرهاب لمعارضي أردوغان، وأن مكتب المدعي العام فتح في 11 ديسمبر 2018 تحقيقات بشأن 10 مواطنين أتراك تم إدراجهم في ملفات تجسس أرسلها دبلوماسيون أتراك في التشيك دون أي دليل ملموس على ارتكاب مخالفات.

كما أظهرت الوثائق أن من قام بنقل هذه الملفات إلى وزارة الخارجية، هو أحمد نجاتي بيجالي، سفير تركيا آنذاك في براغ بين عامي 2014 و2019.

الهند


وفي الوقت نفسه، كشفت صحيفة "هندوستان تايمز" الهندية الدور الذي لعبه نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بنشر الفكر المتطرف وتمويل الجماعات المناهضة للهند، مشيرا إلى أن تركيا لعبت دورا محوريا بوصفها مركز الأنشطة المناهضة للهند، بينما تهدف أنقرة لاستعادة هيمنتها على العالم الإسلامي، عبر تعزيز نفوذها لدى المسلمين جنوب شرق آسيا.

وتابعت الصحيفة أن تركيا تعاونت مع الجماعات المناهضة للهند، والتي ارتكبت العديد من الهجمات الإجرامية، فضلا عن أن الرئيس التركي يمول حاليا الندوات في الهند لنشر الأفكار المتطرفة ونقل الشباب إلى الهند في رحلات تتحمل تركيا نفقاتها كاملة من أجل المزيد من التلقين الديني.


كما نقلت الصحيفة عن مصدر في الحكومة الهندية قوله: "نعلم أيضًا أن بعض هؤلاء الشباب سافروا إلى قطر، حيث التقوا هناك مع بعض الأشخاص من تركيا، رغبة منهم في الحصول على تمويل لأنشطتهم، وتم عرض مبالغ مالية على بعض هؤلاء الدعاة لترويج الأفكار الدينية المتطرفة في كيرالا".

أستراليا


سبق أن أظهرت وثائق أول عملية تجسس تركية مؤكدة في أستراليا، لشخصية بارزة تابعة لجماعة معارضة في سيدني، حيث أرسل مسؤول مكافحة الإرهاب بشرطة أنقرة تقريرا من 17 صفحة إلى مكتب النائب العام في العاصمة يوم 16 مارس الماضي لفتح قضية جنائية ضد منتقدي ومعارضي نظام أردوغان، تستهدف تحديد أنشطة أعضاء حركة عبدالله جولن التي يزعم أردوغان وقوفها خلف الانقلاب المزعوم في 2016.

وكانت المؤسسة التابعة التي يشار إليها في خطاب المقدمة بحرفي (آي في/IV ) تم تحديدها بالتقرير المرفق بأنها جهاز الاستخبارات الوطنية، حيث أظهرت الوثائق أنه في 20 نوفمبر 2019، تم نقل جهاز الاستخبارات التركي المعلومات من أستراليا إلى إدارة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام في أنقرة، وبعد ذلك حققت شرطة العاصمة في الأسماء المرسلة من جهاز الاستخبارات، ثم قدمت تقريرا إلى مكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية.

ويظهر بالتقرير كم كبير من المعلومات التي أظهرتها أنشطة تجسس جهاز الاستخبارات بالخارج واختراق أتباع أردوغان لمجتمع أعضاء حركة جولن في أستراليا، منهم محمد وهبي يافوزلار، الذي كان مسؤولا تنفيذيا بجمعية خيرية ثقافية تتولى الترويج للتعليم والتنوع والتعددية الثقافية، حيث استغلت الاستخبارات التركية عملاء لمراقبة الاجتماع ومبلغين لجمع المعلومات بشكل غير قانوني، ثم نقلت المعلومات إلى مقر وكالة التجسس في أنقرة مع الأجهزة الأمنية التابعة لأردوغان، ما يثبت خرقًا بيّنًا لقوانين التدخل الأجنبي في البلاد ومكافحة التجسس، التي تم تشديدها عام 2018.

ألمانيا 


كما أسست تركيا شبكة تجسس بألمانيا ضد خصوم أردوغان ونقل أخبارهم إلى أنقرة ثم فتح قضايا باتهامات مزعومة، حيث كشفت وثائق أن أحد الموالين للنظام التركي في ألمانيا بعث برسالة سرية إلى خط بلاغات خصصته مديرية الأمن العام لنقل المعلومات التي تم جمعها عن المعارضين المرتبطين بحركة فتح الله جولن.

وعقب ذلك، تم نقل الرسالة إلى وحدة الجرائم الإلكترونية، ومشاركتها مع إدارات مكافحة الإرهاب والإنتربول لاتخاذ إجراءات جنائية ضد الأشخاص الواردة أسماؤهم، ثم إبلاغ مكتب النائب العام واستغلالها كدليل في المحاكمات الصورية التي تستهدف المنتقدين والمعارضين والخصوم.

وأظهرت الوثائق تغلغل شبكة المبلغين التركية في أوروبا، والتي شكلت توسعات بشدة منذ عام 2014، عقب تورط أردوغان في تحقيقات فساد كبرى التي تم فضحها في ديسمبر 2013، بالحصول على ثروة ضخمة من خلال الرشاوى وسوء استغلال السلطة ومخططات غسيل الأموال لصالح النظام الإيراني، بينما اتهم الرئيس التركي حركة غولن، بالوقوف وراء ذلك.