بعد ساعات من التصعيد مع إيران.. تحركات عسكرية ودبلوماسية أمريكية في الشرق الأوسط
بعد ساعات من التصعيد مع إيران.. تحركات عسكرية ودبلوماسية أمريكية في الشرق الأوسط

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: إن بلاده بدأت بنقل بعض من موظفيها من منطقة الشرق الأوسط، محذرًا من أن المنطقة قد تصبح مكانًا خطيرًا. وأكد أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
يأتي هذا التصريح في ظل تقارير نقلتها وكالة "رويترز" الدولية، تحدثت عن استعدادات أميركية لإجلاء جزئي لسفارتها في بغداد، والسماح لأفراد عائلات العسكريين الأميركيين بمغادرة مواقع مختلفة في الشرق الأوسط، بسبب تصاعد المخاطر الأمنية، وفقًا لما أفادت به مصادر أميركية وعراقية.
ورغم أن المصادر الأربع الأميركية والمصدرين العراقيين لم يفصحوا عن طبيعة المخاطر الأمنية التي دفعت إلى اتخاذ هذه الخطوة، إلا أن التقارير التي تحدثت عن احتمال تنفيذ عملية إجلاء أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة تجاوزت 4%.
وأعلن مسؤول أميركي، أن وزارة الخارجية الأميركية سمحت بالمغادرة الطوعية لموظفيها من البحرين والكويت، وأشارت الوزارة في تحديث لتحذير السفر العالمي صدر مساء الأربعاء، أن القرار اتُخذ بسبب التوترات الإقليمية المتزايدة.
وجاء في التحديث، أن الوزارة أمرت بمغادرة موظفي الحكومة الأميركية غير الأساسيين اعتبارًا من 11 يونيو.
جمود المفاوضات النووية
قرار الولايات المتحدة بإجلاء بعض من طاقمها الدبلوماسي والعسكري يأتي في وقت حساس تمر به المنطقة، حيث يبدو أن جهود الرئيس ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران قد وصلت إلى طريق مسدود، في ظل معلومات استخباراتية تفيد بأن إسرائيل بدأت الاستعداد لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وقال ترامب للصحفيين: إن الموظفين الأميركيين يتم نقلهم لأن الوضع قد يصبح خطيرًا، مضيفًا: لقد أصدرنا أوامر بالمغادرة وسنرى ماذا سيحدث.
وردًا على سؤال حول إمكانية خفض التصعيد في المنطقة، أجاب: الأمر بسيط، لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي.
وكان ترامب قد كرر في مناسبات عدة تهديداته بضرب إيران إذا فشلت المفاوضات المتعثرة بشأن برنامجها النووي، وأكد في مقابلة نُشرت في وقت سابق من اليوم أنه بدأ يفقد الثقة في إمكانية توصل طهران إلى اتفاق ينص على وقف تخصيب اليورانيوم، وهو مطلب أساسي للولايات المتحدة.
من جهته، قال وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، يوم الأربعاء، إن بلاده سترد على أي ضربات تتعرض لها من خلال استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة.
واشنطن توضح طبيعة التحركات ومواقف حلفائها
في حين أكد بيان صادر عن السفارة الأمريكية في الكويت، أنها لم تغير من تركيبتها الوظيفية وما تزال تعمل بكامل طاقتها، إلا أن مسؤولين أميركيين آخرين أوضحوا أن وزارة الدفاع الأميركية سمحت لأفراد عائلات العسكريين بمغادرة مواقع في الشرق الأوسط، خاصة أولئك المقيمين في البحرين.
وصرّح مسؤول أميركي ثالث، بأن وزارة الخارجية تستعد لتنفيذ عملية مغادرة منظمة للموظفين من السفارة الأميركية في بغداد، مضيفًا أن العملية ستُنفذ باستخدام الوسائل التجارية في حال أمكن ذلك، مع بقاء الجيش الأميركي في حالة استعداد لتقديم الدعم إذا لزم الأمر.
من جهته، نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر حكومي عراقي أن بغداد لم تسجل أي مؤشرات أمنية تستدعي تنفيذ عملية إجلاء.
أما القاعدة الأمريكية في العديد بدولة قطر، وهي أكبر منشأة عسكرية أميركية في المنطقة، فأكد مسؤول أميركي آخر أنها تواصل عملها دون أي تغيير في العمليات، ولم تُصدر أوامر بالإخلاء لأي من العاملين فيها أو عائلاتهم، كما هو الحال بالنسبة للسفارة الأميركية في الدوحة.
تداعيات على سوق النفط
تسببت الأنباء عن إجلاء محتمل للسفارة الأميركية في بغداد بارتفاع أسعار النفط، حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار ثلاثة دولارات لتبلغ 69.18 دولارًا للبرميل.
وكانت الوكالة البحرية البريطانية قد أصدرت تحذيرًا في وقت سابق من يوم الأربعاء، دعت فيه السفن العابرة للخليج وخليج عمان ومضيق هرمز – الذي يحد إيران – إلى توخي الحذر، مشيرة إلى أن التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تصعيد عسكري يؤثر على حركة الشحن في هذه الممرات البحرية الحيوية.
وفي لندن، قالت وزارة الخارجية البريطانية، إنها تتابع الموقف عن كثب، وأكدت أنها ستُبقي على مراقبة دائمة لأوضاع سفارتها في العراق في ضوء التطورات الأخيرة.
الوضع في العراق
العراق، الحليف النادر لكل من الولايات المتحدة وإيران في الوقت نفسه، يستضيف حوالي 2500 جندي أميركي، ويشهد وجود فصائل مسلحة موالية لطهران ضمن قواته الأمنية.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، تصاعدت التوترات داخل العراق، حيث نفذت الجماعات المسلحة الموالية لإيران هجمات متكررة ضد القوات الأميركية، ورغم أن وتيرة هذه الهجمات تراجعت منذ العام الماضي، إلا أن التهديدات ما تزال قائمة.
وفي تطور غير مسبوق العام الماضي، تبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة مرتين، حيث استخدمت الصواريخ والطائرات المسيّرة في هجمات عبرت المجال الجوي العراقي.
كما شنت إسرائيل، الحليف الإقليمي الرئيسي لواشنطن، ضربات متكررة ضد أهداف مرتبطة بإيران، شملت فصائل عراقية داخل العراق وسوريا.
تعزيزات عسكرية أمريكية
خلال الأشهر الماضية، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط، بنشر قاذفات من طراز B-2 (والتي تم استبدالها لاحقًا)، وتمديد بقاء حاملة طائرات ثانية قبل أن تغادر المنطقة.
ومن المتوقع أن تُستأنف جولة جديدة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، حيث يُنتظر أن تقدم طهران مقترحًا مضادًا بعد أن رفضت عرضًا أميركيًا سابقًا.
وقال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز: إن التهديد العسكري كان دومًا أحد أدوات التفاوض التي تستخدمها واشنطن، محذرًا من أن أي عمل عسكري ضد إيران، سواء من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، ستكون له عواقب وخيمة.
ردود إيرانية وتصريحات عسكرية أمريكية
في سياق متصل، نشرت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، مساء الأربعاء، رسالة على منصة إكس أكدت فيها أن التهديد باستخدام القوة لن يغير من الحقائق، مشددة على أن إيران لا تسعى للحصول على سلاح نووي، وأن السياسات العسكرية الأميركية لا تجلب سوى المزيد من عدم الاستقرار.
ويبدو أن هذا التصريح جاء ردًا على ما قاله الجنرال مايكل "إريك" كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، والذي أكد أنه قدّم للرئيس الأميركي مجموعة واسعة من الخيارات لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.
وبسبب تصاعد التوترات، أفاد مسؤولان أميركيان، بأن كوريلا قرر تأجيل جلسة الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس التي كانت مقررة يوم الخميس.