إغلاق 50 مقرًا.. الأردن يطلق عملية تجفيف منابع الإخوان

إغلاق 50 مقرًا.. الأردن يطلق عملية تجفيف منابع الإخوان

إغلاق 50 مقرًا.. الأردن يطلق عملية تجفيف منابع الإخوان
جماعة الإخوان

في مشهد غير مسبوق من الحسم السياسي والأمني، دخل الأردن مرحلة جديدة في تعاطيه مع جماعة الإخوان، حين أعلن وزير داخليته مازن الفراية حظر كافة أنشطة الجماعة داخل المملكة، واعتبار أي نشاط تابع لها مخالفًا للقانون ويستوجب الملاحقة.

القرار جاء بعد كشف خلية إرهابية، تضم عناصر متورطة في تصنيع أسلحة وتخطيط لهجمات داخل البلاد، لم يكن هذا الإعلان مجرد إجراء أمني عابر، بل يعكس تحوّلًا نوعيًا في علاقة الدولة مع تيار ظلّ لسنوات جزءًا من المشهد السياسي والاجتماعي.

 المداهمات التي تزامنت مع الإعلان الرسمي وشملت أكثر من خمسين مقرًا تؤشر إلى أن الدولة الأردنية قررت تصفية الملفات المفتوحة مع الجماعة دفعة واحدة، وسط دعم سياسي وشعبي متزايد، فهل طوت عمّان صفحة "الإخوان" إلى الأبد؟ أم أن الحركة، المتمرسة في التحوّل والتكيف، ستجد لنفسها بابًا آخر للعودة من جديد؟

*الأردن بلا إخوان*
في تصعيد غير مسبوق ضد جماعة الإخوان المسلمين، أعلنت الحكومة الأردنية حظر جميع أنشطة الجماعة على أراضيها، وشرعت فورًا بتنفيذ قرارات أمنية صارمة شملت إغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها.

القرار الذي أعلنه وزير الداخلية مازن الفراية في مؤتمر صحفي، جاء على خلفية ما وصفه بـ"نشاطات سرية ومسلحة تهدد أمن المملكة".

وبحسب الوزير، فإن الأجهزة الأمنية تمكنت من تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بالجماعة، تضم 16 عنصرًا، كانت تعمل على تصنيع صواريخ وأسلحة داخل الأراضي الأردنية، وتلقّى أفرادها تدريبات في دول مجاورة لم يُسمّها.

كما تم ضبط وثائق ومستندات تؤكد وجود خطط لهجمات تستهدف زعزعة الاستقرار، مما اعتُبر تطورًا خطيرًا في سلوك الجماعة.

*مداهمات أمنية*


هذا الإعلان تزامن مع تحرّك ميداني واسع، حيث داهمت قوات الأمن أكثر من 50 مقرًا تابعًا للجماعة في مختلف مناطق المملكة.

وبحسب مصادر مطلعة، عثرت السلطات خلال المداهمات على قوائم بأسماء عناصر عسكرية يعتقد أنهم مرتبطون بالتنظيم، إضافة إلى تسجيلات تؤكد تورطهم في صفقات شراء أسلحة.

من جانبه، أكد الفراية أن القرار لا يستهدف أي تيار سياسي يمارس العمل السلمي ضمن القانون، وإنما "يأتي ردًا على أنشطة سرية وتخريبية لجماعة محظورة قانونًا منذ عام 2015".

وأضاف: أن الجماعة "لم توفق أوضاعها القانونية، وتعمل تحت واجهات حزبية واجتماعية، وهو أمر لم يعد مقبولًا".

*انتقادات ومطالبات*


ردود الفعل السياسية لم تتأخر، فقد شهد مجلس النواب جلسة حادة مطلع الأسبوع، طالب خلالها نواب بتجميد عضوية أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي للجماعة، وإغلاق مكاتبهم.

كما وجّه بعض النواب انتقادات شديدة للحزب لامتناعه عن إدانة أعضاء الخلية الإرهابية المزعومة.

من الناحية القانونية، تستند الحكومة إلى قرار قضائي سابق صدر عام 2015 باعتبار الجماعة "منحلة"، ما يجعل استمرارها في العمل حتى تحت واجهات مختلفة مخالفًا للقانون.

غير أن هذه الخطوة تُعدّ التصعيد الأوضح منذ ذلك الحين، إذ كانت عمّان تتعامل مع وجود الجماعة بسياسة "الاحتواء الحذر"، دون أن تقدم على خطوات شاملة كهذه.

يرى مراقبون، أن القرار الأردني يمثل تحولًا استراتيجيًا، ويأتي في سياق إقليمي يشهد تراجعًا عامًا لنفوذ الجماعة، خاصة بعد تصنيفها كتنظيم إرهابي في عدة دول عربية.

كما أن السياق الأمني، في ظل تصاعد التهديدات العابرة للحدود، يفرض على عمّان تشديد رقابتها الداخلية، خصوصًا مع تنامي دور الميليشيات والكيانات غير الرسمية في المنطقة.

*صمت إخواني*


في المقابل، لم تصدر الجماعة أو حزب جبهة العمل الإسلامي بيانًا رسميًا حتى الآن، ما يُفسَّر على أنه محاولة لامتصاص الصدمة أو انتظار تغير المزاج السياسي الداخلي.

لكن التسريبات من داخل الحزب تشير إلى أن قياداته تدرس تصعيدًا قانونيًا قد يشمل الطعن في الإجراءات الأخيرة أمام القضاء الإداري.

وفي حين يُنظر إلى الخطوة الأردنية على أنها محاولة لتثبيت هيبة الدولة في مواجهة التنظيمات ذات الطابع الديني والسياسي، فإن السؤال الأعمق يتعلق بمدى قدرة هذا القرار على تفكيك نفوذ الجماعة الشعبي، خاصة في الأوساط النقابية والتعليمية، التي ظلّت لسنوات معقلًا لها.