حل جمعية الإخوان في الأردن.. خطوة تكتيكية أم نهاية مرحلة؟
حل جمعية الإخوان في الأردن.. خطوة تكتيكية أم نهاية مرحلة؟

أعلنت جمعية جماعة الإخوان المسلمين المرخصة في الأردن حل نفسها بشكل طوعي، في قرار مفاجئ أثار تساؤلات واسعة حول توقيته وخلفياته، الجمعية، التي تأسست عام 2015 بعد انشقاقها عن الجماعة الأم غير المرخصة، قالت -في بيان رسمي-: إنها قررت الحل انسجامًا مع "التوجهات الوطنية" ووفاء للقيادة الهاشمية، مؤكدة التزامها بالدستور والعمل العلني.
لكن توقيت الإعلان، الذي جاء بعد تصعيد حكومي غير مسبوق ضد الجماعة الأم، دفع مراقبين للتشكيك في دوافع القرار، معتبرين أنه أقرب إلى خطوة استباقية لتجنب تبعات قانونية وأمنية محتملة، لا سيما بعد تضييق الخناق على الجماعة تنظيميا وماليا.
من تصعيد الحكومة إلى انهيار البنية التنظيمية
شهدت الأشهر الماضية سلسلة من الإجراءات الحاسمة من قبل الحكومة الأردنية ضد جماعة الإخوان الارهابية في أبريل الماضي، تم تصنيف الجماعة كـ"جمعية غير مشروعة"، ومصادرة ممتلكاتها ومقراتها، إلى جانب منع أي أنشطة تتم تحت مسميات بديلة.
هذه التحركات، بحسب مصادر رسمية، جاءت نتيجة "تجاوزات تمس الأمن الوطني"، بما في ذلك الاشتباه بضلوع عناصر من الجماعة في عمليات تجنيد وتصنيع أسلحة داخل المملكة.
وما بدا كتصعيد أمني في البداية، سرعان ما تحوّل إلى إغلاق سياسي كامل للهامش الذي كانت تتحرك فيه الجماعة ومشتقاتها القانونية.
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة، هو الهدف التالي للسلطات.
تشير تسريبات، أن الحزب يخضع لمراجعة شاملة، خاصة بعد أن كشفت تقارير عن دعم مالي تلقاه مرشحوه في الانتخابات الأخيرة من جهات مرتبطة بالجماعة المحظورة.
مصدر رسمي أكد في تصريحات إعلامية، أن الحكومة لم تعد تتساهل مع أي كيان يمت بصلة إلى الجماعة، مضيفا أن "المرحلة المقبلة ستشهد حسمًا لا تراجع فيه"، مع احتمال اتخاذ خطوات تصل إلى تجميد أو حظر الحزب، إذا ثبت تورطه بأي نشاط يتعارض مع القوانين أو الأمن الوطني.
شبكة تمويل واتهامات تتصاعد
بحسب تحقيقات رسمية، جمعت الجماعة أكثر من 30 مليون دينار أردني خلال السنوات الأخيرة، تم استخدام جزء منها في أنشطة مشبوهة وخلايا تم تحويلها إلى القضاء.
وفي الأسابيع الماضية، أوقفت السلطات نائبين من الحزب، أحدهما بتهمة تهريب مستندات حساسة، والآخر بسبب محتوى إعلامي داعم للجماعة.
المعلومات المتاحة تكشف عن شبكة مالية غير شفافة كانت تديرها الجماعة، خاصة خلال فترات التصعيد الإقليمي، مثل الحرب الأخيرة في غزة، ما دفع جهات رقابية لفتح ملفات تتعلق بمصدر تلك الأموال وآلية إنفاقها.
وتشير المؤشرات السياسية والأمنية في الأردن، أن السلطات تتجه لإغلاق ملف الجماعة بشكل نهائي، خاصة في ظل تراجع التأييد الشعبي لأفكار الإسلام السياسي، وتصاعد الدعوات البرلمانية لحظر حزب جبهة العمل الإسلامي.
ورغم رهانات بعض قيادات الحزب على تغيير في الموقف الرسمي، إلا أن الرسائل الحكومية الأخيرة كانت واضحة، لا تسامح مع تنظيمات محظورة أو محاولات التفاف على القانون تحت مسميات جديدة.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية طارق البشبيشي: إن قرار حل جمعية الإخوان المسلمين المرخصة في الأردن لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق الإقليمي المتغير، والذي يشهد تراجعًا كبيرًا في شعبية التيارات الإسلامية في المنطقة العربية.
ويضيف البشبيشي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، ما جرى ليس مجرد قرار إداري أو قانوني، بل هو تتويج لتحولات اجتماعية وفكرية عميقة في الأردن، حيث أصبح المجتمع أقل تقبّلًا للشعارات الأيديولوجية، وأكثر اهتمامًا ببرامج واقعية تتعلق بالاقتصاد والمعيشة والحوكمة، والجمعية حاولت منذ تأسيسها عام 2015 أن تقدم نفسها كبديل شرعي ومتزن عن الجماعة الأم، لكنها ظلت في نظر الكثيرين مجرد واجهة قانونية تخضع لنفس الخلفية الفكرية والتنظيمية.