وثائق سرية جديدة تكشف رشاوى قطر لتنظيم كأس العالم

كشفت وثائق سرية رشاوي قطر لتنظيم كأس العالم

وثائق سرية جديدة تكشف رشاوى قطر لتنظيم كأس العالم
أمير قطر تميم بن حمد

كشف موقع "لابلاس" الفرنسي النقاب عن وثائق جديدة تثبت تورط السلطات العليا في قطر في عمليات رشى وشراء ذمم للحصول على استضافة بطولة كأس العالم 2022، مؤكدًا أن الدوحة أطلقت حملة واسعة من الرشاوى لشراء دعم شخصيات سياسية وكروية عالمية للحصول على تنظيم البطولة. 


وتأتى الوثائق التي يعرضها "بلاس" الفرنسي ضمن سلسلة فضائح الفساد التي ارتبطت باستضافة قطر لبطولة كأس العالم لعام 2022، حيث نشر الموقع تقريرًا بعنوان "هدايا الأمير تميم لنيكولا ساركوزي وكلود جيان وميشيل بلاتيني"، ليعرض وثائق جديدة تحمل تفاصيل الصفقة التي أبرمها الأمير تميم بن حمد آل ثاني الذي كان حينها ولي عهد قطر، وتضمنت تلك العمليات الاستحواذ على نادي باريس سان جيرمان، وكذلك شراء دعم شخصيات سياسية وقادة كرويين على دعمهم استضافة قطر لكأس العالم بمبالغ مالية كبيرة.


وأشار التقرير إلى مأدبة الغذاء التي أقيمت في قصر الإليزيه قبل نحو 12 عامًا، وشكلت الفيصل في حصول قطر على "جائزة" استضافة كأس العالم لكرة القدم، عندما تدخل رئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق نيكولا ساركوزي رئيس اتحاد الأوروبي لكرة القدم آنذاك، لإقناع عضو اللجنة التنفيذية للفيفا، ميشيل بلاتيني، لصالح قطر، وهو ما انتهى بتغيير مكان إقامة البطولة المقررة في العام 2022 من الولايات المتحدة الأميركية إلى قطر.
واعتبر تقرير "بلاس" أن قطر باتت لاعبًا رئيسيًا على طاولة كرة القدم الاحترافية بفضل حملة الرشاوى الواسعة التي قدمتها الدوحة بتوجيهات من أعلى المستويات في الدولة القطرية لتأمين دعم الشخصيات السياسية وقادة كرة القدم العالمية لاستضافة البطولة لديهم.

مأدبة غداء وراء الكواليس


وكشف التقرير الفرنسي عن «رشى مالية» تلقاها ما لا يقل عن 15 عضوًا في الفيفا، كانوا قد شاركوا في التصويت لمنح قطر استضافة كأس العالم، لافتًا إلى أنه منذ أن كشفت مجلة "فرانس فوتبول" في يناير 2013، عن مأدبة الغذاء التي أقيمت في قصر الإليزيه في 23 نوفمبر 2010، فقد تكهنت الصحافة بشأن صفقة أطرافها رئيس الجمهوري الأسبق ساركوزي وبلاتيني وولي عهد قطر آنذاك.


كما يكشف التقرير الفرنسي عن سلسلة مراسلات سرية، منها رسالة مؤرخة في 12 يوليو 2011 من أحد صناديق الثروة السيادية القطرية "شركة قطر للاستثمارات الرياضية"، والتي لعبت دورًا مركزيًا في دبلوماسية إبرام الصفقات الرياضية، وهي ذاتها الشركة المالكة لباريس سان جيرمان حاليًا، موضحًا أن الرسالة موقعة باسم ناصر غانم الخليفي، وهو رئيس الصندوق القطري ورئيس النادي الباريسي، وكذلك قناة "بين سبورت" التي لا زال يترأسها.

وأشار التقرير أن ناصر الخليفي تعمد الظهور في كل مكان برفقة آخر فريسة له، وهو العبقري الأرجنتيني اللاعب ليونيل ميسي، الذي أصبح هو الآخر يلعب تحت العلم القطري، على حد وصف الصحيفة، معتبرة أن ممارسات الخليفي كانت محاولة لاستعراض القوة.

مكافأة 15 مليون يورو لساركوزي


وأكد التقرير على أنه بموجب "الختم السري"، اعتمد ناصر الخليفي شروط المبالغ المخصصة للرئيس نيكولا ساركوزي، ومفوضيات كلود جيان وميشيل بلاتيني، وهو ما ظهر ضمن خطاب يتحدث فيه إلى الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني الذي يشغل رئيس ديوان ولي العهد آنذاك، وأمير قطر حاليًا.


وجاء في محتوى الرسالة: "بناءً على التعليمات السامية لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد البلاد حفظه الله، تم تحويل مبلغ 15 مليون يورو إلى فخامة الرئيس نيكولا ساركوزي كمكافأة على دعمه ل‍دولة قطر لتنظيم مونديال 2022 والاستحواذ على نادي باريس سان جيرمان".

ضيوف بارزون


كما استشهد تقرير "بلاس" الفرنسي بالوثيقة التي كشفت وجود ضيفين فرنسيين آخرين في مأدبة غداء يوم 23 نوفمبر 2010، حيث أوضحت الرسالة أن عمولة قدرها 2 مليون يورو تُدفع للسيد كلود جيان - الأمين العام لرئاسة الجمهورية آنذاك - وعمولة بقيمة 2 مليون يورو كذلك للسيد ميشيل بلاتيني بعد الاستحواذ على نادي باريس سان جيرمان.


كما أشار التقرير الفرنسي إلى أن سفارة قطر في باريس لم تتجاوب مع محتوى هذه الرسالة وفاتورتها الباهظة الواردة.


وكشف التقرير الصحفي عن مستند خاص صدر بتاريخ 20 يوليو 2011، لكن هذه المرة ليس من ديوان ولي العهد القطري تميم بن حمد، آنذاك، بل من مكتب وزير الاقتصاد والمالية القطري يتحدث عن تحويل ما يصل إلى 19 مليون يورو عبر صندوق قطر للاستثمارات الرياضية، حيث من المفترض أن تخصص هذه المكافأة إلى ضيوف غذاء الإليزية الشهير، حسبما يؤكد تقرير "بلاس".


ويشدد التقرير على أن الوثائق قد تم فحصها للتأكد من صحتها، حيث ثبت عبر فحصها بالتقنيات المتقدمة أنها وثائق ومراسلات صحيحة لا لبس فيها.

كما يوضح التقرير الفرنسي أن هذه الوثائق لا تذكر ما إذا كان الفرنسيون الثلاثة الذين تمت الإشارة إليهم، قد تم تحذيرهم من أن الأمير القطري يرغب في تعويضهم عن جهودهم ولا ما إذا كانت هذه الأموال قد دفعت لهم بالفعل. 
ومن ناحية أخرى، يؤكد التقرير أن المعطيات تشير إلى أنهم قد نفذوا إرادة الأمير القطري، والتي تم التعبير عنها بوضوح عبر حركة مالية تهدف إلى تنفيذ ما طلبه حينها.


كما لفت التقرير إلى الشخصيات المعنية في هذا التحقيق، بما فيهم سفارة قطر لدى باريس، وأنه لم يكن هناك سوى النفي من قبل كلود جيان.


إسقاط القذافي على مأدبة الإليزيه


وقال الموقع الفرنسي، إنه بحسب المعلومات التي توفرت لديه، فإن شراء استضافة كأس العالم في قطر، وكذلك الاستيلاء على نادي باريس سان جيرمان لم يكونا الموضوعين الوحيدين الذي تمت مناقشتهم خلال غداء الإليزيه الشهير، بل تم تناول إسقاط الرئيس الليبي السابق العقيد معمر القذافي، وبذلك تكون قطر قد التزمت بتمويل نفقات فرنسا ما إذا خاضت الحرب، وهو الخيار الذي تم طرحه من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1973 في 17 مارس 2011.


تساؤلات دولية 


وطرح تقرير "بلاس" الفرنسي عدة تساؤلات، منها: "دعونا نتذكر، بعد 11 عامًا من الغداء الإليزيه، والذي حدد خلاله مصير كأس العالم المقبل، 6500 عامل الذين لقوا حتفهم في تشييد الملاعب التي ستستضيف ملكة المسابقات الرياضية. الدم الذي يتدفق بعد رائحة المال لتحقيق أحلام المجد والعظمة في إمارة النفط".


وبحسب ما تم الكشف عنه من وثائق، اعتبر التقرير أن هذه المستندات تفجر الفضيحة الخاصة بممارسات قطر، وقال: "تدور في أذهاننا عدة تساؤلات وتستحق الإجابات، سواء من قادة كرة القدم أو السياسيين أو القضاء. ماذا سيقرر الفيفا؟ هل يمكن أن يبقى صامتًا ويرفض التجاوب في مواجهة مثل هذه الفضيحة؟ وهل سيقام مونديال 2022؟ وهل مازال يمكن تنظيمه من قبل قطر المتورطة في الرشاوى؟".