صراع داخل إيران بسبب طالبان.. علاقات براغماتية مع تنظيم إرهابي
بسبب علاقاتها بطالبان ..تشهد إيران صراعا داخليا
سلطت صحيفة "ذا ستريتس تايمز" الضوء على العلاقات البراغماتية التي تتبعها إيران مع تنظيم طالبان الإرهابي، مؤكدة أن تقدم التنظيم المتطرف في أفغانستان، وضع إيران الجارة على حافة الهاوية.
وفي الوقت ذاته، قال التقرير المنشور، اليوم الثلاثاء: إن النظام الإيراني يتبنى نهجًا براغماتيًا، ويسعى إلى التقارب مع الميليشيات التي عادت إلى الظهور.
وأضافت الصحيفة، أنه مع اندفاع الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها من أجل الخروج وتذبذب الحكومة الأفغانية بعد سلسلة من الانتصارات التي حققتها الجماعة المتشددة، تخشى إيران الشيعية من تدفق اللاجئين الفارين من العنف الطائفي، إلى جانب خطر استيلاء طالبان على السلطة في الجوار، وهي منافس أيديولوجي لإيران.
عواقب وخيمة
وكانت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية في إيران، حذرت من "عواقب وخيمة إذا وصلت حركات متطرفة وعنيفة مثل طالبان إلى السلطة، خصوصا من مسألة تدفق اللاجئين إلى تمكين الطوائف الخطرة، التي تشارك طالبان في التفكير، على حدود إيران الشرقية".
وأوضحت "ذا ستريتس تايمز"، أنه قبل أقل من سبعة أسابيع من مغادرة آخِر جندي أميركي أفغانستان، بعد عقدين من الزمان، أعلنت طالبان سيطرتها على حوالي 85% من البلاد، الأمر الذي أثار قلق المسؤولين في إيران، التي تشترك في حدود أكثر من 900 كيلومتر مع أفغانستان.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران كانت قد دعت منذ فترة طويلة قوات عدوها اللدود الولايات المتحدة إلى مغادرة أفغانستان، إلا أنها تخشى أيضًا من العواقب إذا ما عادت طالبان، التي حكمت من عام 1996 حتى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001 ، إلى السلطة أو في حالة سقوط البلاد مرة واحدة في الفوضى.
إيران بين جمر أميركا أو نار طالبان
وحسبما نقلت "فرانس برس"، قال كليمان ثيرم، الباحث في معهد الجامعة الأوروبية في إيطاليا، إن إيران "تحاول الموازنة بين تفضيل الجمهورية الإسلامية الأيديولوجي لمناهضة المتشددين لأميركا والضرورة الرئيسية الأخرى للحفاظ على الأمن على الجانب الشرقي للبلاد".
تدفق اللاجئين
وأشارت إلى أن أحد المخاوف الرئيسية هو التدفق الجديد للاجئين من بلد حذرت فيه وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالفعل من "أزمة إنسانية وشيكة".
وتقول الوكالة الفرنسية، إن إيران تستضيف بالفعل ما يقرب من 3.5 مليون أفغاني، يشكلون ما يقرب من أربعة في المائة من سكانها.
وأشارت الصحيفة إلى أن أي تدفق إضافي للاجئين سيزيد من التحديات التي تواجه إيران الغارقة بالفعل في أزمة اقتصادية منذ أن أعادت واشنطن فرض العقوبات في 2018.
كما أشارت الصحيفة إلى تأثر إيران بأخطر تفشي لفيروس كورونا في الشرق الأوسط، إذ تكافح لاحتواء الموجة الخامسة من الإصابات.
تداعيات عنف طائفي
وأكد مسؤولون إيرانيون الأسبوع الماضي أن الحدود مع أفغانستان كانت "سلمية وآمنة" بعد أن قالت طالبان إنها استولت على معبر رئيسي.
لكن صحيفة "كيهان" الإيرانية المتشددة حذرت من تداعيات محتملة للعنف الطائفي في الجوار، وقالت إن "طالبان تصر على أنها لا تملك شيئا ضد الشيعة وأنها تحترم حدود إيران، لكن نهج طالبان المبني على القوة يعني أن الشيعة وحدود إيران يواجهون مستقبلا غامضًا".
عودة داعش والقاعدة
كما أثارت عودة طالبان مخاوف من أن الجهاديين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية قد يكتسبون أيضًا موطئ قدم أكثر صلابة في أفغانستان.
وكان لزعماء الدين الشيعة في إيران علاقات متوترة مع طالبان بين عام 1996 عندما استولوا على السلطة، وعام 2001 عندما أطيح بهم في غزو قادته الولايات المتحدة بسبب صلاتهم بالقاعدة وهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ولم تعترف طهران قط بحكم طالبان، واتهمت الجماعة السنية المتشددة باضطهاد الأقلية الشيعية الكبيرة في أفغانستان.
بل إن طهران ذهبت إلى حد التعاون مع خصمها واشنطن ضد طالبان.
ظريف يدفع نحو الشراكة
وأوضحت "ذا ستريتس تايمز" أن نائب وزير الخارجية آنذاك، والدبلوماسي البارز الآن محمد جواد ظريف، دفع باتجاه تلك الشراكة مع طالبان، واستضاف هذا الشهر "اجتماعًا بين الأفغان" ضم وفدًا من طالبان.
وبحسب الصحيفة، أكد المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا أنه في حين أن طالبان ليست حلاً لمشاكل أفغانستان، إلا أنها "حقيقة" ويجب أن تكون "جزءًا من حل مستقبلي" يتفق عليه الأفغان أنفسهم.
وعليه، دعا الأكاديمي سعيد ليلاز، في مقابلة مع صحيفة اعتماد الإيرانية، مؤخرا، إلى "علاقات متوازنة" مع الجماعة، قائلا إنها يمكن أن تكون "أداة قوية للغاية لتحقيق أهداف إيران الدبلوماسية في المنطقة والعالم".
صراع بين الصحافة الإيرانية ورجال الدين
وأكدت الصحيفة أن دعم هذا الموقف بعيد كل البعد عن الإجماع، وقد شهدت الأيام الأخيرة جدلاً حادًّا في الصحافة الإيرانية وبين رجال الدين.
وأصدر رجل الدين البارز، آية الله صافي غولبايجاني، يوم الخميس، بيانًا حذر فيه الحكومة من الثقة بطالبان، مؤكدًا أن ذلك "سيكون خطأً جسيمًا لا يمكن إصلاحه".