الإخوان والحوثي في مأرب.. تحالف مظلم أم تبادل أدوار؟

الإخوان والحوثي في مأرب.. تحالف مظلم أم تبادل أدوار؟

الإخوان والحوثي في مأرب.. تحالف مظلم أم تبادل أدوار؟
ميليشيا الحوثي

في ساحة الحرب اليمنية المعقدة، تتداخل التحالفات وتتبدل الولاءات، لكن العلاقة بين ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران وجماعة الإخوان الإرهابية المنضوية تحت عباءة حزب الإصلاح، باتت تكشف عن نفسها شيئًا فشيئًا، ليس فقط من خلال التفاهمات غير المعلنة، بل عبر وقائع ميدانية تشير إلى تخادم واضح بين الطرفين، وخاصة في محافظة مأرب، المعقل الاستراتيجي الذي يتوسط الخريطة الجغرافية والسياسية للبلاد.

في محافظة مأرب، تعود الواجهة إلى الاضطراب، لكن هذه المرة عبر اشتباكات دامية بين جماعة الإخوان وقبائل عبيدة، حيث شهدت منطقتا الضمين والراكة اشتباكات عنيفة خلفت عشرات المصابين من الطرفين، ووضعت الطريق الحيوي الرابط بين مأرب وحضرموت على حافة الانهيار.

الصراع على النفوذ ونهب الثروات

اندلعت الاشتباكات الأخيرة بعد قيام قوات إخوانية باحتجاز شاحنات محملة بأحجار الرخام من جبل الحجيلي، في منطقة الثنية بوادي عبيدة، بحجة وجود نزاع قبلي حول الجبل، لكن القبائل رأت في هذا التحرك محاولة للسيطرة على الموارد ونهب الثروات تحت ذرائع واهية.

ورد القبائل جاء سريعًا، من خلال إغلاق طريق شاحنات النفط والغاز المؤدية إلى مأرب، ليبدأ صراع مفتوح اتخذ منحى عسكريًا عندما أقدمت ميليشيات الإخوان على قصف مواقع القبائل بطائرات مسيرة؛ ما أدى إلى تصعيد المواجهة وتعطيل الحركة على الطريق الدولي، في مشهد يعكس حجم التدهور الأمني والاحتقان الاجتماعي في المحافظة.

فوضى الإخوان في مأرب وتعز


مأرب ليست وحدها في مرمى فوضى جماعة الإخوان، فمحافظة تعز الواقعة تحت سيطرتهم تعاني منذ سنوات من انفلات أمني متصاعد، تخللته عمليات اغتيال وتهريب سلاح ونهب للموارد العامة، دون قدرة على فرض القانون أو حماية المدنيين. 

الجماعة المصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية تكرس وجودها عبر الميليشيات والفوضى، وهو ما يتقاطع في الأسلوب والأهداف مع ميليشيات الحوثي الإرهابية، التي تتقاسم معها الخراب في مناطق مختلفة.

الخيانات المتكررة وتسهيل التقدم الحوثي

تاريخ جماعة الإخوان في مأرب مليء بالاتهامات بالخيانة، فالتقارير القادمة من الميدان تشير إلى انسحابات مريبة من مديريات مراد والجدعان وبني جبر لصالح الحوثيين، دون مقاومة تذكر، البعض يصف ما جرى بأنه "تسليم طوعي" لأراضي استراتيجية كانت تشكل خط الدفاع الأول عن المدينة.

وهذه الممارسات أثارت غضب القبائل، التي ترى في الإخوان طرفًا يسعى لتقويض صمودها أمام الحوثيين، عبر إضعافها عسكريًا وتوريطها في معارك جانبية تستنزف قواها، تمهيدًا لاختراق حوثي جديد.

المقاومة القبلية في وجه التخادم

قبائل عبيدة باتت تمثل الحصن الأخير في مأرب ضد المشروع الحوثي، وهي اليوم تقاتل على جبهتين، واحدة في وجه ميليشيات الحوثي الإرهابية التي تسعى لابتلاع المدينة، وأخرى ضد جماعة الإخوان التي تحاول تقويض نفوذ القبائل وفرض هيمنة عسكرية تحت لافتة الدولة.

المعارك الأخيرة أعادت إلى الأذهان مواجهات 2023 التي قُتل خلالها الزعيم القبلي مبارك بن طالب، وسبقتها اشتباكات بتحريض من الإخوان هدفت إلى تفكيك جبهة القبائل، خدمة لأجندات إقليمية تتلاقى مع مشروع طهران التوسعي.

أدوار خفية.. والضحية شعب مُنهك

وما يجمع الإخوان والحوثي، ليس فقط الأيديولوجيا العابرة للحدود، بل أيضًا المصالح المشتركة في تقويض الدولة اليمنية وتحويل الصراع إلى حالة مزمنة، التخادم بين الطرفين ظهر في أكثر من محطة، أبرزها تسليم مواقع استراتيجية، أو حتى في صفقات تبادل شملت قادة من تنظيمات إرهابية خرجت من سجون الحوثيين بترتيبات غامضة يعتقد أن للإخوان يدًا فيها.

ويقول الباحث السياسي مرزوق الصيادي: إن ما يجري في محافظة مأرب لا يمكن فصله عن حالة التخادم القائم بين جماعة الإخوان الإرهابية وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، موضحًا أن الجماعتين رغم ما بينهما من تباينات أيديولوجية ظاهرة، إلا أنهما يتقاطعان ميدانيًا عند النقاط التي تخدم مشاريع الفوضى وتفكيك الدولة.

ويضيف الصيادي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن الاشتباكات بين قبائل عبيدة والقوات الموالية للإخوان تأتي في سياق سياسة الاستنزاف التي تتبعها الجماعة لتفكيك الجبهة القبلية المناهضة للحوثيين، مضيفًا أن الإخوان يسعون لتقويض صمود القبائل في مأرب من خلال خلق نزاعات جانبية وإشعال مواجهات داخلية، بهدف تمهيد الأرض لتقدم الحوثيين لاحقًا.