تصعيد خامنئي وتهديداته لدول الخليج والدول الإسلامية

تصعيد خامنئي وتهديداته لدول الخليج والدول الإسلامية

تصعيد خامنئي وتهديداته لدول الخليج والدول الإسلامية
خامنئي

في الرابع من يونيو 2025، ألقى المرشد الإيراني علي خامنئي خطابًا حادًا في ذكرى وفاة الخميني، حمل نبرة تهديدية غير مسبوقة تجاه الدول الإسلامية ودول الخليج، خاصة السعودية والبحرين والإمارات. 

وتحدث خامنئي بنبرة منفعلة عن "العار الأبدي" الذي سيلحق بأي دولة تدعم إسرائيل أو تطبع مع أمريكا، في تهديد علني لكل من خرج عن عباءة طهران أو وقف في وجه مشروعها التوسعي في الإقليم.

لكن هذه التهديدات، بحسب كثير من المحللين، لم تعكس قوة حقيقية بل كشفت عن ارتباك داخل النظام الإيراني الذي يعيش واحدة من أعقد أزماته السياسية والاقتصادية والدولية.

خطاب خامنئي لم يكن سوى محاولة يائسة لحشد أنصاره داخليًا عبر خلق عدو خارجي، بعد أن أصبح واضحًا أن جبهة "الممانعة" تنهار تباعًا في سوريا ولبنان والعراق.

رجوي يقرأ المشهد مبكرًا "رأس الأفعى سيتكسر في الداخل"

وقبل شهرين من هذا الخطاب، كان زعيم منظمة مجاهدي خلق مسعود رجوي قد تنبأ بهذا التصعيد في رسالة صوتية أصدرها في 25 مارس 2025، قال فيها: إن النظام الإيراني يعيش حالة رعب من المستقبل، خاصة من العام 1404 بحسب التقويم الإيراني، والذي يتزامن مع اشتداد الغضب الشعبي في الداخل وازدياد الضغط الدولي.

رجوي قال بوضوح: "رأس أفعى ولاية الفقيه في سوريا ولبنان قد اصطدم بالصخرة، وحان الوقت لسحق رأس هذه الأفعى في داخل إيران".

وأضاف: "خامنئي لا يعرف سوى لغة البقاء، ولا يوجد في أجندته شيء اسمه تفاوض. إنه يعيش وهم السيطرة الكاملة لكنه في الحقيقة يخاف أن يسقط مثل الشاه أو القذافي".

تصريحات رجوي لم تكن رد فعل عاطفي، بل قراءة استراتيجية لسلوك نظام يدفع بالمنطقة نحو الحافة، فيما يحاول داخليًا إطالة عمره على حساب الشعب الإيراني الذي يزداد اختناقًا.

البرنامج النووي.. ورقة ابتزاز أم ورقة إفلاس؟

وفي خطابه الأخير، شدد خامنئي على التمسك ببرنامج التخصيب النووي باعتباره "خطًا أحمر لا تنازل فيه"، رافضًا مقترحات أمريكية نُقلت عبر وساطة عمانية. 

خامنئي اعتبر أي تراجع "خيانة للاكتفاء الذاتي"، في تأكيد جديد على أن طهران ماضية في التصعيد مهما كلف الثمن.

لكن ما يصفه النظام بـ"الاكتفاء الذاتي"، يراه المجتمع الدولي ابتزازًا نوويًا خطيرًا، وتعنت خامنئي يعكس خوفًا من فقدان آخر ورقة تفاوض تمتلكها إيران، بعدما أصبح نفوذها الإقليمي في حالة تراجع حاد، خاصة بعد الضربات التي تلقتها ميليشياتها في سوريا والعراق ولبنان.

الملف النووي لم يعد يمثل رافعة استراتيجية للنظام، بل عبئًا يهدد بانهياره، خاصة مع تشديد العقوبات الاقتصادية وضغوط المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

ترامب يعود بالضغط الأقصى

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، يواصل تطبيق سياسة "الضغط الأقصى" التي سبق أن أرهقت النظام الإيراني قبل أعوام.

في تصريح أدلى به يوم 31 مايو 2025، قال ترامب: "لن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي. نريد اتفاقًا لكن لن نتهاون مع الابتزاز، ورغم إبدائه تفاؤلًا حذرًا بشأن التوصل إلى اتفاق، فإن العقبات التشريعية في الكونغرس والرفض القاطع لأي تنازل من قبل طهران يجعلان من إمكانية الحل الدبلوماسي أمرًا شبه مستحيل.

حتى لو رغبت إدارة ترامب في تقديم بعض الحوافز، فإن رفع العقوبات يتطلب موافقة الكونغرس، وهو ما لن يتحقق بسهولة في ظل تصاعد التحذيرات من الخطر الإيراني على استقرار الشرق الأوسط.

انهيار الداخل.. أخطر من الخارج


بينما يرفع خامنئي سقف التحدي مع الخارج، فإن أخطر ما يواجهه النظام الإيراني يأتي من الداخل. تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وتفكك النسيج الاجتماعي، وتدهور الوضع الاقتصادي، كل ذلك يجعل النظام يعيش في قلق دائم.

التهديدات الموجهة لدول الخليج ومحاولات التصعيد مع أمريكا ليست سوى هروب إلى الأمام. لكن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تدوم طويلاً، فالنظام الذي يعجز عن توفير أبسط احتياجات شعبه لن يستطيع تحمّل عزلة دولية طويلة أو مواجهة شعب يزداد وعيًا ويأسًا في آنٍ واحد.