رئيس الشاباك في مهب الريح.. هل يدفع رونين بار ثمن تحذيراته المبكرة لنتنياهو؟
رئيس الشاباك في مهب الريح.. هل يدفع رونين بار ثمن تحذيراته المبكرة لنتنياهو؟

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، رونين بار، حذّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل خمسة أشهر من هجوم السابع من أكتوبر 2023، مؤكدًا أن الحرب في قطاع غزة باتت حتمية ولا مفر منها.
وتابعت الصحيفة أن التحذير جاء في لقاء عقد بين الطرفين في أواخر مايو 2023، عقب انتهاء عملية "درع وسهم" التي استهدفت حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
وخلال اللقاء، أبلغ بار نتنياهو أن العملية العسكرية التي استمرت خمسة أيام لم تكن سوى "الجولة الأولى ضد المحور الشيعي"، مشددًا على أن التحدي المقبل سيكون مع حركة حماس، وأن المواجهة العسكرية مع الحركة لا يمكن تجنبها.
موقف نتنياهو
بحسب التقرير، اعترض نتنياهو على تقييم رئيس الشاباك، معتبرًا أن حماس مردوعة بفعل "توازن رعب" قائم بين الطرفين، مستشهدًا بامتناع الحركة عن الانخراط في جولات التصعيد بين إسرائيل والجهاد الإسلامي منذ عملية "حارس الأسوار" عام 2021.
رغم هذا التقدير المطمئن الذي تمسك به نتنياهو، أصر بار على أن إسرائيل ستجد نفسها أمام لحظة حاسمة تتطلب قرارًا بشأن شن حملة عسكرية ضد حماس، خاصة إذا ما اندلعت عملية واسعة النطاق في الضفة الغربية.
انهيار أسطورة الردع الإسرائيلي
في صباح السابع من أكتوبر 2023، اقتحم نحو 5000 عنصر من كتائب القسام والفصائل المسلحة الأخرى جنوب إسرائيل انطلاقًا من قطاع غزة، ونفذوا واحدة من أعنف الهجمات في تاريخ إسرائيل، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص وأسر 251 آخرين، وسط تقارير عن ارتكاب فظائع واعتداءات جنسية. تلك الأحداث أطلقت شرارة الحرب المستمرة حتى اليوم، بعد مرور 17 شهرًا على بدايتها.
سارع مكتب نتنياهو إلى نفي تقرير هآرتس واعتبره "أخبارًا كاذبة"، مؤكدًا أن الحقيقة معاكسة تمامًا.
واعترف مكتب نتنياهو بعقد الاجتماع مع بار، لكنه أصر على أن رئيس الشاباك قدم خلاله صورة مغايرة، مفادها أن حماس تسعى للحفاظ على الاستقرار في قطاع غزة، وتركز جهودها على الضغط على إسرائيل في الضفة الغربية.
وبحسب بيان المكتب، فإن بار أوصى بعدم القيام بأي عمل عسكري تجاه حماس، أو في أفضل الأحوال تقليص عدد العمال الفلسطينيين المسموح لهم بدخول إسرائيل.
تحذيرات باغتيالات.. وخطط لم تُنفذ
وأمر نتنياهو، وفقًا لمكتبه، حينها بالتحضير لتنفيذ ضربات انتقائية تستهدف قيادات حركة حماس، مؤكدًا أن "الاغتيالات الدقيقة" كانت وستبقى أحد أبرز عناصر الردع الإسرائيلي، داعيًا إلى مواصلة الاستعداد لاستهداف قيادات بارزة مثل محمد الضيف ويحيى السنوار.
يأتي تقرير صحفيفة "هآرتس" في سياق تصاعد الخلاف بين نتنياهو ورئيس الشاباك، وسط تقارير تُؤكد أن نتنياهو يفكر جديًا في إقالة بار خلال الأسابيع المقبلة.
وقرر نتنياهو استبعاد رونين بار، إلى جانب رئيس الموساد دافيد بارنياع، من الإشراف المباشر على فريق المفاوضات المكلف بملف اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى في غزة.
وأثار هذا القرار غضب أوساط أمنية وسياسية، خاصة أن المفاوضات الجارية تعتبر من أكثر الملفات حساسية، بينما تهدد الأحزاب اليمينية المتطرفة بإسقاط الحكومة في حال أُبرم اتفاق لا ينسجم مع مواقفها المتشددة.
تحقيقات داخلية تُفجر الخلاف
تفاقم الخلاف بين نتنياهو وبار بعد نشر نتائج التحقيق الداخلي الذي أجراه الشاباك حول الإخفاقات الاستخباراتية التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.
وأقر التحقيق بأن الجهاز أخفق في منع الهجوم، مؤكدًا أن نتائج مختلفة كانت ستتحقق لو تصرف الجهاز بشكل مختلف، لكنه ألقى باللوم جزئيًا على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بسبب سياساتها "المتساهلة" مع حماس وتجنبها استهداف قادتها رغم توصيات الشاباك المتكررة.
في بيان شديد اللهجة صدر عن "دائرة نتنياهو"، وُجهت اتهامات مباشرة لرونين بار، حيث وصف البيان أداءه بالفشل الذريع في مواجهة تهديد حماس، سواء قبل 7 أكتوبر أو خلاله.
اتهم البيان بار بأنه "أساء قراءة المشهد الاستخباراتي بالكامل"، وامتلك "مفهومًا خاطئًا" حول نوايا حماس، حيث ظل الجهاز يؤكد حتى اللحظات الأخيرة أن الحركة غير معنية بالتصعيد وأنها تسعى للحفاظ على الهدوء.
وفقًا للبيان، فإن بار في الأول من أكتوبر 2023 أوصى بتقديم تسهيلات مدنية لحماس مقابل استمرار الهدوء، كما حذر من أي محاولة لاستهداف قادة الحركة.
وفي وثيقة مؤرخة في الثالث من أكتوبر، كتب بار أن حماس ترغب في الحفاظ على الاستقرار، وترى في التحسينات الاقتصادية أفقًا إيجابيًا يضمن استمرار التهدئة.
رغم تصاعد الضغوط السياسية والإعلامية عليه، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر قريبة من بار أنه لا ينوي تقديم استقالته، وأنه سيبقى في منصبه حتى استكمال عودة جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية تبحث في جميع الإخفاقات الأمنية والسياسية المتعلقة بهجوم 7 أكتوبر.
إقالة وشيكة
في ظل هذا التصعيد، ذكرت تقارير إعلامية أن نتنياهو يجري مشاورات مكثفة مع مستشاريه القانونيين والسياسيين لدراسة تبعات إقالة رونين بار من رئاسة الشاباك.
وتُشير التقديرات إلى أن القرار قد يُتخذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في خطوة من شأنها تعميق الشرخ بين القيادة السياسية والأجهزة الأمنية في إسرائيل، في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخها الحديث.