سر شبكة العنكبوت.. كواليس أكبر قصف أوكراني لروسيا منذ اندلاع الحرب
سر شبكة العنكبوت.. كواليس أكبر قصف أوكراني لروسيا منذ اندلاع الحرب

في تصعيد غير مسبوق للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، شنت قوات الأمن الأوكرانية هجومًا واسع النطاق بالطائرات المسيّرة استهدف خمس قواعد جوية داخل روسيا، عشية محادثات سلام ثنائية مقررة في إسطنبول، فيما أطلق عليه "شبكة العنكبوت".
وأكّدت مصادر رسمية من كلا البلدين وقوع الهجوم، الذي وصف بأنه من أعمق الضربات التي نفذتها القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022، وفقًا لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
العملية تمتد إلى سيبيريا للمرة الأولي
أعلنت جهاز الأمن الأوكراني (SBU) مسؤولية بلاده عن تنفيذ العملية، موضحًا أن الطائرات المسيّرة الأوكرانية تم تهريبها إلى داخل الأراضي الروسية قبل أن تنفذ هجمات على قواعد جوية استراتيجية تقع في مناطق نائية، شملت ولأول مرة الأراضي السيبيرية.
واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجوم بأنه بارع ومحضّر بإتقان، مشيرًا إلى استخدام 117 طائرة مسيّرة استهدفت أكثر من ثلث حاملي الصواريخ المجنحة الروسية.
وأضاف زيلينسكي، أن المتعاونين في تنفيذ العملية تم تهريبهم بأمان من روسيا قبل بدء الضربات.
موسكو: هجوم إرهابي
وصفت وزارة الدفاع الروسية العملية بأنها هجوم إرهابي، مؤكدة في بيان نُشر عبر وكالات الأنباء الروسية الرسمية، أن الطائرات المسيّرة استهدفت قواعد جوية في مناطق مورمانسك، وإيركوتسك، وإيفانوفو، وريازان، وآمور، مشيرة أن عدة وحدات من الطائرات اشتعلت فيها النيران.
وتابعت الصحيفة الأمريكية، أنه على مدى أشهر، اشتكت كييف من عجزها عن ضرب العمق الروسي بسبب القيود الغربية المفروضة على استخدام الأسلحة المقدمة لأوكرانيا في ضرب أهداف داخل روسيا، لكن العملية الأخيرة أثبتت أن أوكرانيا طورت قدرات ذاتية باستخدام أسلحة محلية قادرة على الوصول إلى أهداف بعيدة لم تكن في المتناول سابقًا.
أسرار عملية شبكة العنكبوت
وفقاً لمسؤول في الاستخبارات الأوكرانية، فإن العملية التي حملت الاسم الرمزي "شبكة العنكبوت" استخدمت طائرات مسيّرة من طراز "الرؤية من منظور الشخص الأول" (FPV) تم تزويدها بعبوات ناسفة وتهريبها إلى داخل روسيا، حيث أُخفيت داخل شاحنات وتحت أسطح منازل، ثم أُطلقت عن بعد لتنفيذ الهجمات.
وأوضح المصدر، أن التحضير للعملية استمر لأكثر من 18 شهرًا تحت إشراف مباشر من الرئيس زيلينسكي. ونشرت أجهزة الأمن الأوكرانية تسجيلات تُظهر إحدى القواعد الروسية وهي تشتعل وتعرض طائرات روسية لهجمات متتالية.
ضربات في العمق الروسي: من مورمانسك إلى إيركوتسك
استهدفت الطائرات المسيّرة قواعد جوية في أولينيا قرب مورمانسك وبلايا في إيركوتسك، وهما قاعدتان تستخدمان للطيران الاستراتيجي على بعد آلاف الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية.
ونشرت قنوات روسية تسجيلات لسكان من مدينة أوسوليي-سيبيرسكوي وهم يصورون الطائرات المسيّرة أثناء تحليقها وانفجارات هائلة تملأ السماء بدخان كثيف.
ضربة موجعة لسلاح الجو الروسي
قال مسؤولون أوكرانيون: إن الهجوم أدى إلى تدمير طائرات من طراز تو-95، وهي القاذفات الاستراتيجية التي يمكنها حمل ثمانية صواريخ مجنحة وتستخدم لضرب أهداف في أوكرانيا من داخل الأجواء الروسية.
كما تم تدمير طائرات من طراز A-50، وهي الطائرات التي تُستخدم للكشف المبكر عن الطائرات المعادية وتعمل كحلقة وصل مع المقاتلات الروسية.
قبل صدور أي تصريحات رسمية من الحكومة الروسية، وصف مدونون ومحللون عسكريون روس الهجوم بأنه "بيرل هاربر روسيا"، ودعوا إلى رد قاسٍ.
وكتب المدون العسكري رومان أليخين على قناته في تليغرام، أن "الرد يجب أن يكون بحجم رد الولايات المتحدة على الهجوم على بيرل هاربر، أو أشد".
وذهبت قناة "اثنان من الضباط" الموالية للكرملين إلى حد المطالبة بشن ضربات نووية على أوكرانيا.
أما قناة "رايبار" المرتبطة بوزارة الدفاع الروسية، فوصفت العملية بأنها "ضربة حساسة للغاية" لدرع روسيا النووي، مؤكدة أن "الخسائر غير قابلة للتعويض".
سقوط جسرين غربي روسيا
في وقت متزامن تقريبًا مع هجمات الطائرات المسيّرة، شهدت روسيا انهيار جسرين في منطقتي كورسك وبريانسك الحدوديتين مع أوكرانيا، ما أدى إلى انحراف قطار شحن وقطار ركاب ومقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة 76 آخرين. وأعلن حاكم منطقة كورسك أن القطار كان يحمل 388 راكباً حين انقلبت ثلاث عربات منه.
واعتبر المحققون الروس، أن الانهيارين عملان إجراميان، وأشار بيان أولي لاحقاً حُذف من دون تفسير إلى أن الانفجارات كانت وراء انهيار الجسرين.
قال أليكسي كوزنتسوف، مساعد وزير الصحة الروسي: إن 55 من المصابين جراء حادث بريانسك لا يزالون في المستشفيات، بينهم أربعة في حالة خطيرة، من ضمنهم طفل.
وفي المقابل، رفض متحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية التعليق على سؤال لصحيفة "واشنطن بوست" بشأن تورط أوكرانيا في هذه التفجيرات.
محادثات إسطنبول وسط تصعيد عسكري
تأتي هذه التطورات عشية اجتماع مرتقب في إسطنبول بين الوفدين الأوكراني والروسي برعاية الولايات المتحدة.
وأكد زيلينسكي، أن بلاده ستشارك في المفاوضات، بعدما كان قد انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعدم تقديم مذكرة واضحة بشأن شروط السلام الروسية.
وقال زيلينسكي: إن الوفد الأوكراني سيكون برئاسة وزير الدفاع رستم أوميروف، وإن الشروط الأوكرانية الثلاثة للسلام هي: وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط، إطلاق سراح الأسرى، وعودة الأطفال الأوكرانيين المختطفين، تمهيداً لاجتماع قمة عالي المستوى.
موسكو تؤكد تمسكها بالسرية
في المقابل، ذكرت وكالات الأنباء الروسية، أن مسودة المذكرة الروسية لن تُنشر علنًا.
ووفق وزارة الخارجية الأميركية، فقد تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي ماركو روبيو بناءً على طلب روسي، وأكد روبيو على أهمية استمرار المفاوضات المباشرة برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل تحقيق السلام.