معركة الحياة الأخيرة.. الفلسطينيون يواجهون النزوح في ظروف إنسانية غير مسبوقة
الفلسطينيون يواجهون النزوح في ظروف إنسانية غير مسبوقة
انتهى الأمر بمئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الحدودية بجنوب قطاع غزة، في اتجاه الشمال، بما في ذلك على امتداد الشاطئ مع القليل من وسائل الراحة أو المساعدات الإنسانية.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن الفلسطينيين يواجهون معركة الحياة في غزة، فالخيام مكتظة ببعضها البعض بإحكام لدرجة أن الرمال بالكاد مرئية، وتقوم العائلات بالطهي على النيران المكشوفة، وحرق القمامة بدلاً من الغاز أو الوقود الآخر، وتتراكم القمامة، ولا يوجد سوى أماكن قليلة يمكن أن تذهب إليها مياه الصرف الصحي باستثناء البحر.
شهادات مؤلمة
وأوضحت الصحيفة، أنه عندما انتقل أحمد شويخ وعائلته إلى خيمة بالقرب من البحر الأبيض المتوسط هذا الشهر، بدأ الأب الشاب على الفور في البحث عن المياه والمراحيض، وكان أقرب مرحاض على بعد حوالي 500 ياردة، وكان وقت الانتظار نصف ساعة، لذلك حفر الشويخ حفرة أمام خيمتهم لتستخدمها عائلته بدلاً من ذلك.
وتابعت أن المياه تتدفق عبر أنبوب قريب في الأرض مرة كل بضعة أيام. وعندما يحدث ذلك، يندفع الشويخ مع عائلات أخرى، لقد اعتبر نفسه محظوظًا إذا تمكن من ملء دلو ليتمكن بعد ذلك من تقنينه للشرب والطهي والتنظيف، وقال شويخ: "إنها معركة مستمرة من أجل البقاء، لا نريد شيئا سوى العيش بكرامة".
كان آدم بدران، وهو خريج جامعي حديث، يعيش في مدينة غزة قبل أن يفر إلى المواصي مع عائلته، ويقول بدران إنه بالكاد يستطيع التحرك داخل خيمتهم دون أن يصطدم بشخص أو شيء ما؛ وتتكدس الأمتعة الشخصية في الزوايا لإفساح المجال لأسرة مؤقتة. وفي الخارج، قام هو وجيرانه بحفر حفر لاستخدامها كمراحيض؛ الخصوصية تأتي على شكل جدران مصنوعة من القماش والصفائح المعدنية.
قال بدران، الذي كان يخطط لممارسة مهنة في مجال تكنولوجيا المعلومات قبل الحرب: "أشعر كما لو أننا عدنا إلى العصر الحجري، وأجبرنا على الاعتماد على أبسط وسائل البقاء"، وأضاف أنه حتى وظيفته المؤقتة، وهي طلاء المنازل، تبدو وكأنها امتياز الآن.
تقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 800 ألف شخص غادروا رفح منذ 6 مايو، عندما أمرت إسرائيل الناس لأول مرة بمغادرة الجزء الشرقي من المدينة، وفر ما يقرب من 100 ألف آخرين من شمال غزة، حيث طلب الجيش الإسرائيلي أيضًا من الناس المغادرة بينما يقاتل مقاتلي حماس الذين عادوا.
ويقول العديد من الفلسطينيين إنهم حاولوا اتباع الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي توجههم إلى "منطقة إنسانية" موسعة تمتد من منطقة المواصي الساحلية إلى نقطة المنتصف الشرقية والغربية لقطاع غزة، وتظهر الصور التي التقطتها شركة ماكسار تكنولوجيز، وهي شركة تقدم منتجات الأقمار الصناعية، تراكم الخيام في المواصي وحولها وفي مدينة خان يونس بوسط غزة، حيث انسحب الجيش الإسرائيلي في أبريل بعد أسابيع من القتال العنيف.
تحذيرات أممية
حذر فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، يوم السبت، من أن المناطق التي يفر إليها الناس لا تتوفر فيها إمدادات المياه الآمنة أو مرافق الصرف الصحي.
وأضاف أن المواصي "تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط لتقديم المساعدة الإنسانية الطارئة بطريقة آمنة وكريمة". "المكان مكتظ ولا يستطيع استيعاب المزيد من الناس."
ويحذر عمال الإغاثة من أن الشحنات التي بدأت يوم الجمعة عبر رصيف مؤقت أقامه الجيش الأمريكي ليست كافية لتلبية احتياجات غزة، وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، قلصت إسرائيل المساعدات البرية بشكل كبير، ولم تسمح إلا لعشرات الشاحنات بالدخول محملة بالوقود والإمدادات.
وفي رحلة إلى إسرائيل يوم الأحد، التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واقترح إجراءات لتوصيل المزيد من المساعدات إلى غزة عبر جميع المعابر المتاحة والممر البحري، وفقًا لبيان أمريكي.
وأضافت الصحيفة، أن العديد من العائلات انتقلت عدة مرات وتقضي لياليها الأولى دون سقف فوق رؤوسها. وحصل البعض على خيام بيضاء من حكومتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بما في ذلك أكثر من 4000 خيمة قدمها خادم الحرمين الشرفيين، لكن معظم العائلات قالت إنها اضطرت إلى دفع مئات الدولارات لبائعي الخيام من القطاع الخاص، أو بناء أغطية مؤقتة بأقمشة بلاستيكية.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن المنطقة الإنسانية الموسعة التي تشمل المواصي ستتلقى كميات متزايدة من الغذاء والماء، لكنه لم يوضح الجهة التي ستقدم هذه المساعدات.
فشل جهود الإغاثة
ومع بدء توافد النازحين على المواصي، انتبهت الفرق الطبية الأجنبية وبدأت في إنشاء مستشفيات ميدانية، وتدير الهيئة الطبية الدولية، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، أكبر منشأة في المواصي، وتضم 160 سريرًا وطاقمًا طبيًا محليًا يضم أكثر من 650 فردًا، وقد نقلت المجموعة المنشأة إلى الساحل في أبريل، من رفح وخان يونس.
ويتكون المستشفى التابع لها من 36 خيمة وحاويات جاهزة تم تحويلها إلى غرف عمليات، ويستقبل حوالي 1400 مريض يوميًا، يأتي العديد من الأشخاص ليس فقط للحصول على الرعاية الطبية ولكن أيضًا للحصول على الماء وحفاضات الأطفال وتركيبات الحليب، والتي لا يستطيع الموظفون توفيرها دائمًا.
وقال جاويد علي، رئيس الاستجابة للطوارئ في الهيئة الطبية الدولية في غزة، في مقابلة أجريت معه: "لقد أغلقت معظم المستشفيات في رفح أبوابها، مما وضع ضغطًا كبيرًا علينا وعلى مواردنا"، مضيفًا أن الأدوية الأساسية في المنظمة تنفد منها مثل هذه الأدوية. مثل عقار الاسيتامينوفين. وألقى باللوم على انقطاع شحنات المساعدات عبر معبر رفح الحدودي مع اشتداد القتال هناك في الأسابيع الأخيرة.