رعب في الشارع اللبناني.. تداعيات «رفع الدعم» تفوق «كارثة المرفأ»

رعب في الشارع اللبناني.. تداعيات «رفع الدعم» تفوق «كارثة المرفأ»
صورة أرشيفية

حالة من الرعب يعيشها الشارع اللبناني خوفًا من توجُّه الدولة لرفع الدعم عن الموادّ الاستهلاكية والمحروقات والدواء رغم تحذيرات الخبراء من أن القرار سيتسبب في ارتفاع نسب الفقر بشكل غير مسبوق خاصة مع حالة الانهيار الاقتصادي التي تضرب لبنان بعنف بسبب عشوائية القرارات الحكومية المتخذة خلال السنوات الماضية.

مصرف لبنان عاجز عن الاستمرار في الدعم


يستخدم البنك المركزي احتياطيات النقد الأجنبي المتناقصة لدعم الواردات الرئيسية مثل القمح والوقود والأدوية، في ظل أزمات اقتصادية طاحنة وتضخم غير مسبوق، الخبراء أكدوا أن إلغاء الدعم سيؤدي إلى مزيد من المعاناة خاصة بعد أن أكد البنك المركزي اللبناني أنه لا يمكن أن يستمر في الدعم لأجل غير مسمى.


وتُعقد في لبنان اجتماعات عدة بين المسؤولين ومصرف لبنان للبحث في كيفية رفع الدعم والآلية التي ستُعتمد للتعويض عنه، بعدما تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، حيث تشير المعلومات إلى أنه لا يوجد أكثر من مليار و800 مليون دولار فقط، علمًا أن الدعم يكلّف مصرف لبنان نحو 600 مليون دولار.


حاكم مصرف لبنان أبلغ المسؤولين أن الاحتياطي النقدي يشحّ بسبب سياسة دعم المحروقات والقمح والدواء فأسعار تلك المواد لم تتغير رغم الارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب الانهيار التامّ لليرة اللبنانية وفقدانها ما يقرب من 80% من قيمتها.

«دياب» رفع الدعم سيتسبب في «انفجار اجتماعي»


من جانبه، حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، من أن أي تحرُّك لرفع كل الدعم عن سلع أساسية في الوقت الراهن غير مقبول وسيُحدِث "انفجارًا اجتماعيًّا" غير مسبوق، مضيفًا أن ما جرى إنفاقه على استيراد الأدوية والمواد الغذائية والطحين والمحروقات، بلغ منذ بداية هذه السنة نحو 4 مليارات دولار.


وأوضح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في كلمة نقلها التلفزيون، أن البنك المركزي والمسؤولين الداعمين لمثل هذا القرار المتعلق بالدعم سيتحملون المسؤولية، مضيفًا أن قدرة اللبنانيين على تحمُّل الألم تترنح.


وتابع، لبنان يمر بمرحلة عصيبة، التجاذبات السياسية والمصالح الحزبية والشخصية كانت وما تزال تضع أنفسها أولوية على مصير الوطن، مضيفًا، نقول بالفم الملآن، لا لرفع الدعم عن الدواء والطحين والمحروقات، يمكن اعتماد قاعدة ترشيد الدعم ليستفيد المحتاجون، إلغاء الدعم سيؤدي إلى نتائج كارثية، ودائع اللبنانيين يجب أن تعود إليهم، وهذه مسؤولية المصارف ومصرف لبنان والدولة".


وأردف دياب: "الظروف لا تحتمل تضييع الوقت، المطلوب اليوم تشكيل حكومة قادرة على التعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان، لأن البلد لا يستطيع الانتظار أكثر. ولا يجوز أن يبقى لبنان عالقًا في أزماته، وهناك حاجة ملحّة لتشكيل حكومة للتعامل مع تداعيات انفجار مرفأ بيروت، داعيًا إلى إعادة ضخّ الحياة في المبادرة الفرنسية التي تركز على الإصلاحات".

النقابات تنتفض وتحذر من حراك شعبي غير مسبوق


النقابات اللبنانية حذرت الحكومة من تداعيات القرار وحذرت المسؤولين من قيادتها لحراك شعبي غير مسبوق إذا ما تم رفع الدعم نهائيًا ودون خطط بديلة أو حلول جذرية، نقابة مستوردي المواد الغذائية حذرت انكشاف الأمن الغذائي للشعب اللبناني مبدية تخوُّفها من ارتفاع إضافي لسعر صرف الدولار نتيجة فشل تشكيل الحكومة، ولم يختلف رد فعل اتحاد النقل البري للسائقين العموميين خوفًا من تداعيات قرار رفع الدعم عن المحروقات، معلنًا نيته تبني دعوات لتحركات شعبية ضد القرار إذا ما اتخذه المسؤولون.


وأكد مصدر داخل اتحاد النقل البري أن على الحكومة وقف عمليات تهريب الوقود الذي يستهلك الجزء الأكبر من الدعم ليذهب إلى المعابر غير الشرعية إلى سوريا دون حسيب أو رقيب بدلًا من أن يستفيد منه الشعب اللبناني، مؤكدًا أن وقف عمليات التهريب ستوفر ملايين الدولارات شهريًا.


وأوضح "قد يرتفع سعر صفيحة البنزين من 25 ألف ليرة إلى 100 ألف ليرة في أقل من 5 أيام، ومن 100 ألف ليرة إلى أكثر، في حال قفز الدولار الأميركي فوق سعر 8000 ليرة".


وستتوقف تلقائيًّا خدمات جميع الصناديق الضامنة الصحية وستصبح أسعار السلة الغذائية الشهرية للأسرة الواحدة 4 مرات الحد الأدنى للأجور.


حيث أكد مراقبون أن لبنان في حالة رفع الدعم سيدخل أغلبية المجتمع في حالة من الفقر المدقع والجوع والموت من تفشي الأمراض وعدم قدرة اللبنانيين على تلقي العلاج والموت بردًا من غلاء المازوت وسيضرب الركود والشلل الاقتصادي من جراء فقدان القيمة الشرائية لأكثر من 80% من الشعب اللبناني وسيفقد أكثر من 60% من اللبنانيين وظائفهم.


 من جهتها، أطلقت نقابات قطاع النقل البري والاتحاد العمالي العامّ في لبنان صرخة رافضة لرفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات مهددة بأن هذه الخطوة التي من شأنها أن تزيد الأسعار أضعافًا، ستكون الشرارة لإشعال البلاد، معلنين عن تحرُّك شعبي يحدد موعده لاحقًا.


وفي مؤتمر صحفي عقده رؤساء عدد من رؤساء مختلف القطاعات المعنية من اتحادات ونقابات قطاع النقل البري ورئيس الاتحاد العمالي العامّ ونقابة الشاحنات والسائقين وغيرهم، قال رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري "بسام طليس"، رفع الدعم عن السلع والمواد الغذائية والمحروقات والأدوية والقمح سيؤدّي إلى انفجارٍ اجتماعي كبير.

الدواء سيرتفع 10 أضعاف سعره.. وكارثة رفع الدعم أكثر تأثيرًا من انفجار مرفأ بيروت


من جانبه، يقول "ثابت إبراهيم"، 43 عامًا، مستورد دواء: رفع الدعم عن السلع الأساسية سيتسبب في كارثة لا تهدد بإفقار الشعب اللبناني فقط بل تهدد بزواله نهائيًا، الأخطر من وجهة نظري وبناء على خبراتي في عملي رفع الدعم عن استيراد الدواء الذي أعتبره عملية قتل وتصفية للمواطنين تزيد تداعياتها وخطورتها عن كارثة انفجار مرفأ بيروت 1000 مرة.


وتابع إبراهيم، أسعار الدواء ستتضاعف بشكل جنوني قد تصل لـ 10 أضعاف السعر الحالي وبحد أدنى لن تقل عن 6 أضعاف السعر الحالي، حتى الآن رسميًا لا يوجد قرارات حاسمة ولكن ندرك جميعًا أن الشر قادم وأن القرار سيتم تطبيقه إنْ عاجلًا أو آجِلاً ولا نعرف أين دور الحكومة السابقة والمسؤولين بشكل عامّ من وضع آلية لرفع الدعم على مراحل اعتمادًا على خطط منظمة ومدروسة وليس بشكل عشوائي وقرارات جنونية.