بعد أنشطتها المشبوهة.. خبير: تحركات أوروبا ضد الإخوان قاسمة
تحركت أوروبا لمواجهة إرهاب جماعة الإخوان
استفاقة أوروبية وصفت بالمتأخرة، حيث سمحت القارة العجوز لتنظيم الإخوان بالترعرع على أرضها، مستغلا أجواء الحريات التي لا تعني بسقف لاحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي ساهم في انتشار التنظيم والتمدد في كثير من دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لخبراء ومراقبين، فإن أوروبا تمر بمرحلة حرجة جدا من تاريخها بسبب الاستهتار بتنظيم الإخوان الدولي، وجماعات التطرف التي تستغل المجال العام الحر في القارة العجوز لتحقيق أهداف السيطرة والانقضاض على الحضارة الغربية؛ ما عرض الحكومات الأوروبية لموجة غضب شعبية بسبب التساهل مع التنظيم.
بؤر صناعة التطرف
تعد مدارس الإخوان في أوروبا، أبرز البؤر التي يعتمد عليها التنظيم لصناعة التطرف وتصديره إلى العالم، وفي دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أكد أنه يوجد أكثر من 1000 مدرسة إخوانية في 100 دولة حول العالم أغلبها في أوروبا، كما أوضحت أنه من النادر، "ما تم اتهام المنظمات التعليمية لجماعة لإخوان بقضايا إرهابية بشكل مباشر في أوروبا، بينما لا يمكن تغافل مساهمتها في تعليم المتطرفين العنف؛ لذا لا يبدو نبذ مدارس الإخوان للعنف في أوروبا حقيقيا، فجماعة الإخوان وخاصة الأعضاء الأوروبيين منهم يؤيدون العمليات الإرهابية في الشرق الأوسط، بينما يدينون أعمال العنف في الغرب؛ ما يؤكد تبني جماعة الإخوان لأعمال عنف في الغرب إذا ما سنحت لهم الفرصة".
فيما لفت تقرير فرنسي، أن المدارس الإخوانية المنتشرة في أوروبا هي نتاج لتساهل بعض الأنظمة الغربية مع نشاط وتحركات جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، من جانب عدة دول.
وأشارت إلى أن سياسة اليسار الفرنسي الذي حكم البلاد في التسعينيات، اتسمت بالتساهل وسمحت بتواجد عدد كبير من تلك المدارس، التي تمثل بؤرا لنشر الفكر المتطرف خاصة في الضواحي الفرنسية ذات الكثافة السكانية للجاليات المسلمة.
تغلغل محفوف بالمخاطر
كشفت دراسة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات عن شبكات تمويل الإرهاب في أوروبا، لافتة إلى دور تنظيم الإخوان الإرهابي في تلك المراكز وبؤر انتشاره وحركة أمواله المشبوهة.
وقالت الدراسة: إن "أوروبا تمثل الحاضنة والملاذ الآمن للتنظيم الذي نجح في تأسيس شبكة علاقات من جنسيات مختلفة، تداخلت فيها المصاهرات السياسية بالعلاقات الشخصية، وجمعتها الخطط والأهداف، وامتدت نشاطاتها في القارة العجوز عبر مؤسسات ومراكز كثيرة، وحصلت على الدعم من الدول الداعمة للتنظيم أبرزها من قطر وتركيا".
التحول الأوروبي
ونتيجة توالي العمليات الإرهابية سواء في فرنسا أو بلجيكا أو النمسا، ممثلي دول شمال أوروبا، بدأت القارة العجوز في تبني موقف مختلف في سياساتها تجاه الإخوان المسلمين، عبر قرارات صارمة تحد من توغلهم في دول الاتحاد الأوروبي.
وفي نوفمبر الماضي، رفعت السلطات النمساوية تدابير لتشمل قوى الإسلام السياسي، وأبرزها تنظيم الإخوان، الذي يشكل المظلة الكبرى لكل التنظيمات الإرهابية في البلاد.
أعلن وزير داخلية النمسا، كارل نيهامير، مصادرة أكثر من 20 مليون يورو (23.6 مليون دولار)، من أموال جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن التحقيقات أثبتت أن هذه الأموال تستخدم في "تمويل الإرهاب".
وقال وزير داخلية النمسا: إن "أكثر من 20 مليون يورو من الأصول تمت مصادرتها وتجميدها في المداهمات التي تم شنها على مقرات لجماعة الإخوان المسلمين"، مضيفًا أن "الأموال كانت تستخدم في تمويل الإرهاب".
فيما قررت الحكومة الفرنسية في هذا السياق حظر جمعية مقربة من تنظيم الإخوان، وترحيل متطرفين.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية: إن الخطر الذي يواجه الجمهورية الفرنسية له اسم هو "الإسلاموية السياسية"، معلنا حل جمعية مقربة من حركة حماس وجماعة الإخوان، وإغلاق مسجد، وترحيل مطرفين.
التأثير على مستقبل الإخوان
يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات والتنظيمات الإسلامية طارق البشبيشي: إن القرارات الأخيرة سواء في النمسا أو غيرها ليست وليدة اليوم بل سبقها تحقيقات ومتابعة نشاط التنظيم منذ فترة.
وأضاف في تصريحات لـ"العرب مباشر": "هناك فعلا دول أوروبية تشعر بالقلق والانزعاج من تنامي التطرف داخل أراضيها ومنها دول شمال أوروبا والنمسا".
كما أوضح أن التنظيم في الوقت الحالي، يعاني من التفكك والتشريد والضعف، بعدما شعرت كثير من الدول بخطورة أفكار الجماعة على الحضارة الغربية.
أردف: "التنظيم كان يعتمد في نشاطه على التمدد داخل أوروبا، ويمتلك استثمارات كبيرة في بريطانيا وألمانيا وأميركا، والضربات التي يتلقاها خاصة بعد الموقف التركي الجديد الذي يحجم نشاط التنظيم على أراضيه".
شدد على أن القرار النمساوي، سيكون له أثر بالغ في تعميق الأزمة التي يعيشها التنظيم خلال تلك المرحلة.
خطأ أوروبي
نوه البشبيشي إلى أن أوروبا أخطأت خطأ فادحا بفتح أبوابها لهذه العصابات المتطرفة، نكاية في الأنظمة القومية في الشرق الأوسط التي دخلت في صدامات مع تلك الجماعات الإرهابية خاصة تنظيم الإخوان العتيد.
تابع: "كانت أوروبا حاسمة وحازمة في القضاء على الجماعات النازية والفاشية، ولكنها في نفس الوقت تساهلت كثيرا مع أفكار المتأسلم السياسي، ولم تضعه في نفس مربع الفكر النازي والفاشي وتدفع ثمن ذلك الآن".