بعد القصف الأمريكي لطهران.. البرنامج النووي الإيراني لم يتضرر بعد
بعد القصف الأمريكي لطهران.. البرنامج النووي الإيراني لم يتضرر بعد

في خطوة غير مسبوقة تقودها الولايات المتحدة بشكل مباشر منذ عقود، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بمشاركة قوات بلاده في قصف المواقع النووية الإيرانية، منضمًا بذلك علنًا للهجوم الإسرائيلي ضد الخصم الإقليمي الأكبر للدولتين.
وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن هذه الضربات، التي استهدفت من بينها المنشأة النووية الأشد تحصينًا في فوردو تحت الأرض، تمثل أكبر مقامرة في سياسة ترامب الخارجية منذ توليه الحكم، وتفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الخطيرة والمجهولة.
وقال مصدر إيراني لوكالة "رويترز": إنه تم نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب من منشأة فوردو لموقع غير مُعلن قبل الهجوم الأمريكي.
مخاطر التصعيد وتحذيرات من تداعيات كارثية
وتابعت الوكالة، أنه مع إعلان ترامب -في خطاب السبت- أن إيران يجب أن تختار السلام أو تواجه ضربات أشد، حذر محللون من أن هذا القرار قد يدفع طهران إلى سلسلة من الردود القوية، بدءًا من إغلاق مضيق هرمز الحيوي لتصدير النفط عالميًا، وصولاً إلى ضرب القواعد الأمريكية وحلفائها في الشرق الأوسط، وتكثيف الهجمات الصاروخية على إسرائيل، وتفعيل أذرعها ووكلائها في المنطقة والعالم.
وقال آرون ديفيد ميلر، أحد أبرز مفاوضي الشرق الأوسط السابقين لدى الإدارات الجمهورية والديمقراطية: إن إيران باتت أضعف عسكريًا لكنها ما تزال تملك أساليب غير متكافئة للرد، مؤكدًا أن هذه الأزمة لن تنتهي بسرعة.
تراجع فرص التفاوض وتكريس الخيار العسكري
قبل إعلانه عن الهجوم، تأرجح ترامب بين التهديد بالحرب والدعوة للتفاوض مع طهران من أجل تفكيك برنامجها النووي.
لكن مسؤولًا رفيعًا في البيت الأبيض أوضح، أن ترامب أقدم على الضربات بعدما اقتنع بأن إيران غير مهتمة بأي اتفاق نووي، مضيفًا أنه وافق على التنفيذ بعد تلقي تأكيدات بأن احتمالات النجاح العسكري مرتفعة، خاصة بعد أكثر من أسبوع من الضربات الجوية الإسرائيلية التي مهّدت الطريق للعمل الأمريكي.
التهديد النووي ما زال قائمًا
وأكدت الوكالة الدولية، أنه ورغم إعلان ترامب عن نجاح الضربات واستخدام قنابل خارقة للتحصينات ضد موقع فوردو، فإن بعض الخبراء أشاروا أن هذه الهجمات قد تعرقل البرنامج النووي الإيراني لسنوات، لكنها لن تُنهي التهديد كليًا.
وأكدت منظمة "جمعية ضبط الأسلحة" الأمريكية غير الحزبية، أن هذه الضربات ستدفع طهران على الأرجح إلى السعي لامتلاك سلاح نووي كوسيلة ردع، في ظل قناعتها بأن واشنطن لا ترغب في الحلول الدبلوماسية.
وأضافت الجمعية، أن الضربات لا يمكنها تدمير المعرفة النووية الإيرانية الواسعة، بل قد تعزز تصميم طهران على استئناف نشاطاتها الحساسة.
خيارات طهران: رد أم تفاوض؟
يرى الباحث إيريك لوب من جامعة فلوريدا الدولية، أن الخطوة التالية لإيران ما تزال غير واضحة، مرجحًا أن تشمل الانتقام من أهداف أمريكية وإسرائيلية ناعمة داخل وخارج المنطقة، لكنه أشار أيضًا إلى احتمال أن تعود طهران إلى طاولة المفاوضات وإن من موقع أضعف.
وفيما بدت إيران، فور الضربات، غير مستعدة لتقديم أي تنازلات، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: إنها لن تسمح بتعطيل "الصناعة الوطنية"، وصرّح أحد معلقي التلفزيون الرسمي أن كل أمريكي أو عسكري في المنطقة أصبح هدفًا مشروعًا.
كما أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا قالت فيه: إن طهران تعتبر من حقها الكامل "المقاومة بكامل قوتها" في مواجهة العدوان الأمريكي.
وكتب كريم سجادبور، المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، عبر منصة "إكس": ترامب يرى أن الوقت حان للسلام، لكن من غير المرجح أن ترى إيران ذلك بنفس الطريقة، مرجحًا أن تفتح الضربات فصلًا جديدًا من الحرب المستمرة بين واشنطن وطهران منذ 46 عامًا.
هل يدفع ترامب باتجاه تغيير النظام في إيران؟
رغم أن إدارة ترامب نفت مرارًا نيتها في الإطاحة بالنظام الإيراني، إلا أن بعض المحللين يرون أنه في حال ردت طهران بشكل واسع أو استأنفت برنامجها النووي، فقد يجد ترامب نفسه مدفوعًا نحو السعي لتغيير النظام، وهو خيار يحمل مخاطر إضافية.
وحذّرت لورا بلومنفيلد، محللة شؤون الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز، من الانزلاق إلى حملات تغيير الأنظمة أو "بعثات التبشير بالديمقراطية"، مشيرة أن التاريخ مليء بفشل مثل هذه المهام الأمريكية في الشرق الأوسط.
أما جوناثان بانيكوف، نائب سابق للاستخبارات الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط، فرأى أن طهران قد تلجأ إلى ردود غير متكافئة وخطيرة إذا شعرت بأن وجودها مهدد، لكنها ستراعي أيضًا العواقب، فإغلاق مضيق هرمز قد يضر ترامب داخليًا بسبب ارتفاع أسعار النفط، لكنه سيضر أيضًا بالصين، أحد أهم حلفاء إيران.