هل قضى الهجوم الإسرائيلي على فرص المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية؟.. خبراء يجيبون
هل قضى الهجوم الإسرائيلي على فرص المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية؟.. خبراء يجيبون

في تطور خطير يقوّض فرص التهدئة في منطقة الشرق الأوسط ويضع محادثات الملف النووي على شفا الهاوية، أعلنت إيران أن الحوار غير مباشر مع الولايات المتحدة لم يعُد له أي معنى في ظلّ الهجوم الإسرائيلي الواسع على منشآت إيرانية، هذا الهجوم، الذي جاء مدعومًا ضمنًا بسبب التغطية والضوء الأخضر الأمريكي، يزيد التوتّر ويضع كلا الطرفين في منطقة مجهولة ومحفوفة بالمخاطر، وفي وقت كان المجتمع الدولي يترقب محادثات كان من المقرر أن تستأنف في مسقط يوم الأحد المقبل، يخيم الغضب على طهران بسبب ما وصفته بـ«النفاق الأمريكي»، حيث تتحدث واشنطن بلغة الحوار وتمنح في الخفاء الموافقة على ضرب الأهداف الحسّاسة في إيران، هذه التغيرات الدراماتيكية تنذر بأزمة إقليمية أعمق قد تؤثر على التوازنات الاستراتيجية في المنطقة وتضع الأمن الدولي على محك الخطر.
*الضوء الأخضر الأمريكي*
في تصريح للتفزيون الإيراني الرسمي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن محادثات البرنامج النووي لم تعد لها أي جدوى في ظلّ التواطؤ الأمريكي مع الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران.
بقائي حمّل الإدارة الأمريكية مسؤولية هذه التطورات بسبب سياستها المتناقضة التي تتحدث على الملأ عن الحوار وتوفير فرص للتوصل إلى تسويات دبلوماسية في الملف النووي، وفي الخفاء تعطي الضوء الأخضر لتل أبيب لتنفّذ ضربات عسكرية تستهدف المنشآت الحسّاسة في إيران وتغتال قياديين عسكريين بارزين، بالإضافة إلى علماء في البرنامج الذري.
القضية لم تتوقف عند هذا التناقض في التصرّف الأمريكي، بل كان لها تبعات عسكرية على الأرض، فقد شنّت القوات الجوية الإسرائيلية هجومًا غير مسبوق ضمن حملة أطلقت عليه الأسد الصاعد، حيث أغارت على قواعد عسكرية إيرانية مختلفة، بالإضافة إلى منشآت للتخضيب اليورانيوم وتخزين الذخيرة.
ويعتبر هذا التحرك الترجمة الفعلية للتطور في سياق المواجهات التي كان يخوضها كلا الطرفين ضمن سياق حرب الظل، حيث كان يتم التركيز على الاغتيالات وهجمات إلكترونية دون الخروج الكامل إلى المواجهات المفتوحة.
*الرد الإيراني*
ردًّا على هذه الهجمات، أطلقت إيران سلسلة غير عادية من الهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة ضمن حملة سمتها "الوعد الصادق 3"، أسفرت حسب تقارير إسرائيلية عن مقتل ثلاثة إسرائيليين على الأقل، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 172 بجروح مختلفة، وتضرر أبنية مختلفة في تل أبيب وبعض المواقع الحسّاسة التي تخضع للتعتيم الكامل بسبب التعليمات العسكرية.
هذه الهجمات التبادلية تنذر بخروج التوازن القائم في المنطقة واتساع رقعة المواجهات لتشمل أطرافًا إقليمية مختلفة في حال لم يتم احتواؤها على وجه السرعة.
المثير في هذا التطور، أن التصعيد يتزامن مع محادثات كان من المزمع أن تستأنف في عُمان يوم الأحد المقبل للتوصل إلى تسويات تتعلق بأزمة البرنامج النووي الإيراني.
لكن الخيار التفاوضِي أصبح أبعد ما يكون بسبب التحقق الفعلي على الأرض للتوتر العسكري غير المسبوق.
وفي هذا السياق، أشار بقائي أن القرار النهائي بهذا الخصوص سيتخذ في اليوم التالي على خلفية التوازنات الميدانية.
ينذر هذا التصاعد بأخطار إقليمية غير محدودة نظرًا للتعقيد في العلاقات بين إيران وإسرائيل والنفوذ الأمريكي في المنطقة.
ويخشى مراقبون، أن تستغل أطراف أخرى التوتّر للتدخل وتصفية حسابات إقليمية عالقة، بما يزيد الأوضاع اشتعالا ويضع شعوب المنطقة في محك الخطر، القضية تتعدّى الخسائّر الميدانية لتؤثر على التوازنات الاستراتيجية في منطقة كان يظنّ مراقبون أنها تتجه نحو التهدئة ضمن سياق محادثات غير مباشرة وتخفيف التوتّر.
*محطة فاصلة*
من جانبه، ينظر الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد محسن، إلى التطورات الأخيرة على أنها محطَّة فاصلة في سياق المواجهة غير المتكافئة التي تخوضها طهران مع كلا من إسرائيل والولايات المتحدة في آن واحد.
ويعتبر محسن في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن ما جرى يشكّل انتقالًا نوعِيًا في قواعد اللعبة، حيث لم تعد التوازنات محصورة ضمن سياق المواجهات الخفية والعمليات الاستخباراتية، بل دخلت مرحلة أكثر خطورة عبر هجمات مباشرة تستهدف المنشآت الحسّاسة في إيران، بالإضافة إلى اغتيال قياديين عسكريين بارزين.
ويؤكد محسن، أن هذه التطورات تنذر بأزمة إقليمية عميقة قد تؤثر على أمن المنطقة بأكملها.
ويقول: التوازنات الحالية تتغير بسبب الضربات الإسرائيلية، وهو ما يزيد احتمال نشوب مواجهة شاملة، محذرًا في هذا السياق من أن استمرار التشنجات قد يجر الأطراف الفاعلة إلى محرقة عسكرية إقليمية لها تبعات مدمّرة على شعوب المنطقة.
ويعتبر محسن أن تعليق محادثات البرنامج النووي في هذا التوقيت أمر منطقي نظرًا للتطورات على الأرض.
ويختم بالقول: الإيرانيون يعتبرون التفاوض في ظل القصف إهانة للدبلوماسية، ويؤثر على صورة القوة والنفوذ التي تسعى طهران إلى إبرازها في محيطها، محذرًا في النهاية من أن الخيار الدبلوماسي يتضاءل مع مرور الوقت ويقترب شبح المواجهات المفتوحة أكثر فأكثر.